"ليلة رمضانية" داخل اعتصام عمال المحاجر بالشرقية: أصبحنا بلا مصدر رزق
"ليلة رمضانية" داخل اعتصام عمال المحاجر بالشرقية: أصبحنا بلا مصدر رزق
- أجور العاملين
- أحكام القانون
- أحكام قانون
- أمراض السكر
- أهالى الشهداء
- أهل الخير
- استئناف المنصورة
- اعتصام عمال
- اعتصام مفتوح
- أبناء
- أجور العاملين
- أحكام القانون
- أحكام قانون
- أمراض السكر
- أهالى الشهداء
- أهل الخير
- استئناف المنصورة
- اعتصام عمال
- اعتصام مفتوح
- أبناء
"المحكمة أنصفتنا رغم قرار المحافظ".. جملة تتردد على ألسنة مئات العاملين بمشروع المحاجر في محافظة الشرقية، بعد صدور قرار من محافظ الإقليم، اللواء خالد سعيد، بتصفية المشروع، وإلحاقه بديوان عام المحافظة، بعد أيام من صدور حكم قضائى بإلغاء قراره السابق بتخفيض رواتب العاملين بالمشروع بنسبة تصل إلى 75%، رغم أن عدداً كبيراً منهم أفنى عمره فى العمل بذلك المشروع، الذى كان يُعد واحداً من أكبر المشروعات التى تدر عائداً بملايين الجنيهات لصندوق خدمات المحافظة سنوياً.
وعندما أصدر محافظ الشرقية قراره رقم 1064 لسنة 2017، بتحفيض أجور العاملين فى مشروع المحاجر، وتثبيتهم على درجات وظيفية وصفها العاملون بأنها "وهمية"، بغرض إخضاعهم لقانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016، لم يجد العاملون وسيلة للاعتراض أمامهم سوى اللجوء للقضاء، وتنظيم بعض الوقفات الاحتجاجية، ولم يتقاضوا رواتبهم منذ يقرب من 10 شهور، حتى صدور الحكم فى القضية رقم 176 لسنة 61 قضائية، من الدائرة العاشرة بمحكمة استئناف المنصورة، فرع الزقازيق، بجلسة الثلاثاء 22 مايو 2018، بإنصاف العاملين وإلغاء قرار المحافظ.
إلا أنه بعد أيام قليلة، أصدر المحافظ قراره رقم 7405 بتاريخ 31 مايو الماضى، بتصفية المشروع وإلحاقه بديوان عام المحافظة، تحت مسمى "إدارة المحاجر"، الأمر الذى زاد من غضب مئات العاملين بالمشروع، ودفعهم إلى الدخول فى اعتصام مفتوح أمام مقر إدارة المشروع بمدينة الزقازيق، أملاً فى أن يتراجع المحافظ عن قراره.
"الوطن" عايشت المعتصمين، الذين بدأوا اعتصامهم منذ الأحد الماضى، لما يقرب من 7 ساعات كاملة، بدءاً من الثالثة وحتى العاشرة مساءً، رصدت فيها شكاوى ومعاناة عدد كبير من العمال، الذين أصبحوا بلا مصدر رزق، وتبدل حالهم من عاملين يتقاضون أجوراً تتراوح بين 3 و5 آلاف شهرياً، إلى "عابرى سبيل" يتلقون الصدقات من "أهل الخير"، الذين يجودون عليهم بوجبات الإفطار والسحور فى ليالى رمضان.
"محمد البحراوى"، رئيس اللجنة النقابية للعاملين بمحاجر الشرقية، قطاع فاقوس والحسينية، أكد لـ"الوطن" أن عدم صرف المرتبات، أدى إلى تراكم الديون على العاملين، وعدم قدرتهم على تلبية احتياجات أبنائهم، وخاصةً خلال شهر رمضان، بالإضافة إلى تهديد الكثير منهم بالسجن، بسبب عدم تمكنهم من سداد أقساط البنوك التى حصلوا منها على قروض فى أوقات سابقة، وأضاف أن المشروع يحقق أرباحاً تصل إلى 9 ملايين جنيه شهرياً، يتم توريد نسبة 15% إلى ميزانية المالية، و3 ملايين جنيه تذهب لصندوق خدمات المحافظة.
"صالح س."، 55 سنة، أحد العاملين بالمشروع، قال: "التحقت بالعمل فى مشروع المحاجر منذ 28 سنة، أول راتب تقاضيته كان 28 جنيهًا، حتى وصل راتبى قبل ثورة 25 يناير 2011، إلى 2000 جنيه، وبعد إقرار حافز العاملين بالدولة بنسبة 200%، وصل راتبى إلى 4850 جنيهاً، إلا أننا فوجئنا بالمحافظ اللواء خالد سعيد يصدر قراراً بتثبيتنا على موازنة المالية، وتخفيض الراتب إلى 900 جنيه فقط"، مشيراً إلى أن الراتب الذى حدده المحافظ لا يتناسب حتى مع الحد الأدنى للأجور، الذى حددته الدولة بـ1250 جنيهاً.
وأضاف "صالح"، وهو رب أسرة تضم زوجته و5 أبناء، أنه يعمل فى فرع المشروع بصحراء بلبيس، ويكلفه الانتقال من محل إقامته بإحدى قرى الزقازيق إلى مكان عمله حوالى 750 جنيهاً شهرياً، وتساءل: "إذا تقاضيت راتبى 900 جنيه، كيف لى أن أعيش وأسرتى بـ150 جنيهاً؟"، وتوقف الكلام على لسان الرجل لبعض الوقت، حتى ارتسمت علامات الحزن على وجهه، قبل أن يستأنف حديثه قائلاً: "أنا مش عارف أوفر لعيالى مصاريف الجامعة، وباستلف علشان أجيب لهم أكل، اللحمة مش دخلت بيتنا من أكثر من 8 شهور، صحيح بعض معارفى بيساعدونى علشان عارفين ظروفى، بس كل شخص عنده حياته ومسئولياته والعيشة غالية، مالناش غير ربنا".
وعلى بعد خطوتين، كان يجلس "ح. ع. خ."، 59 سنة، يتمتم بكلام غير مفهوم، وبمجرد الاقتراب منه، بدأ يشكو حاله قائلاً: "أنا ابنى شهيد، وأنفق على طفليه أحمد 11 سنة، ومراون 8 سنوت، وعندما توجهت أكثر من مرة إلى المحافظة أطلب مقابلة المحافظ، لعلى أجد إجابة على سؤالى: هو بيعمل فينا كدا ليه؟، عاوز يشرد عيالنا ليه؟"، وتابع: "أخبرتهم أننى والد شاب استشهد أثناء أداء عمله، لأننى قرأت عن تصريحات المحافظ كثيراً بأن بابه مفتوح لجميع أهالى الشهداء، إلا أن بابه كان مغلقاً أمامى"، مشيراً إلى أن زوجته تعانى من أمراض السكر والضغط، وتحتاج إلى علاج بأكثر من 700 جنيه شهرياً، كما أنه تكلفة الانتقال من بيته إلى مقر عمله، تصل إلى 350 جنيهاً فى الشهر.
"ناصر أ. م."، 58 سنة، أكد أنه مهدد بقضاء ما تبقى من حياته داخل جدران السجن، وأوضح قائلاً: "أخذت قرضاً من البنك بقيمة 110 آلاف جنيه قبل 3 سنوات، بضمان راتبى، لتجهيز ابنتى وتزويجها"، واضاف أنه منذ حصوله على القرض، انتظم فى سداد الأقساط الشهرية بقيمة 2000 جنيه، يتم اقتطاعها من راتبه، ولكن بعد صدور قرار المحافظ بالتثبيت وتخفيض الراتب إلى 900 جنيه، أصبح غير قادراً على سداد القرض، أو تلبية احتياجات أسرته، مشيراً إلى أن البنك أرسل له عدة إنذارات برفع دعوى قضائية ضده.
وعلى الجانب الآخر من الاعتصام، جلست مجموعة من السيدات، بادرتنا إحداهن بقولها: "أنا بأربى أيتام، سبتهم وقاعدة فى الشارع، كل أملى ربنا ينصفنا ويرجع حقنا"، وأضافت "الست ع. م."، 45 سنة، أنها تعمل فى مشروع المحاجر منذ أكثر من 25 سنة، ولديها 4 أبناء، الكبرى طالبة بكلية الطب البيطرى، والثانى طالب فى كلية التجارة، والثالثة حاصلة على دبلوم، والصغرى بالصف الأول الثانوى الصناعى، وهى المسئولة عن تربيتهم ورعايتهم بعد وفاة زوجها قبل سنتين، وكانت تعتمد على راتبها ومعاش زوجها، الذى لا يتجاوز 1200 جنيه، ولكن بعد انقطاع الراتب منذ 10 شهور، لم يتبقى لها مصدر دخل سوى معاش زوجها، حتى تراكمت عليها الديون.
وأضافت "عائشة م. أ."، مطلقة وتعول 3 أبناء، أنها كانت تتقاضى راتباً يصل إلى 4 آلاف جنيه شهرياً، إلا أن قرار المحافظ بتخفيض رواتب العاملين بمشروع المحاجر أصابها بصدمة، وأصبحت تتلقى الصدقات والمساعدة من "أهل الخير"، كما لفتت إلى أن اثنين من العاملين التحقا بالمشروع حديثاً، شاب وفتاة من حديثى التخرج، اتفقا على الزواج وقاما بتأجير شقة بمبلغ 1200 جنيه شهرياً للإقامة فيها، وبعد قرار المحافظ بتخفيض الرواتب، تركا الشقة وعاد كل منهما للإقامة بمنزل أسرته.
وبالانتقال إلى الشق القانونى لأزمة اعتصام عمال مشروع المحاجر وإنتاج مواد البناء بمحافظة الشرقية، أكد العاملون بالمشروع أنهم تقدموا بنحو 622 دعوى قضائية ضد كل من رئيس مجلس الوزراء، ووزيرى التنمية المحلية والقوى العاملة، ومحافظ الشرقية، للطعن على قرار المحافظ رقم 1064 لسنة 2017، الذى ترتب عليه تخفيض رواتبهم بنسبة تصل إلى 75%، باعتبار أنه صدر بالمخالفة لأحكام القانونين رقمى 12 لسنة 2003، و27 لسنة 1981، واللذين يؤكدان عدم خضوع العاملين بمشروعات المناجم والمحاجر للقانون رقم 81 لسنة 2016، المعروف بقانون الخدمة المدنية.
وأكد "عبد الرحمن ع."، أحد العاملين بالمشروع، أن الدعاوى التى تقدم بها 816 موظفاً وموظفة، تضمنت أن القرار المطعون عليه يخالف القرار رقم 156 لسنة 2004، بشأن اللائحة الإدارية والمالية لمشروع المحاجر، وتحديداً المادة 20 من الباب الرابع من النظام القانونى للعاملين بمشروع المحاجر، التى تنص على أن تسرى على العاملين المتعاقدين مع المشروع أحكام قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 ولائحته التنفيذية، وكذلك القانون رقم 27 لسنة 1981 الخاص بالعاملين بالمناجم، وتضمنت الدعاوى أيضاً أن القرار صدر متعارضاً مع الفتوى الصادرة من الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بمجلس الدولة، بتاريخ 6 مارس 2013، والمنتهية إلى عدم جواز تعديل عقود العمل الخاصة بهؤلاء العاملين، ليصبحوا على أبواب الموازنة العامة للدولة، فضلاً عن تعارضه مع نص المادة 187 من اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية 81 لسنة 2016، التى أوجبت تثبيت العمالة المؤقتة والموسمية التى تم التعاقد معها اعتباراً من أول مايو 2012 وحتى 30 يونيو 2016، وهو ما لا ينطبق على العاملين بمحاجر الشرقية.
وأكد أن المحكمة أصدرت عدداً من الأحكام القضائية فى هذه الدعاوى لصالح العاملين بالمشروع، آخرها الحكم الصادر عن الدائرة العاشرة بمحكمة استئناف المنصورة، فرع الزقازيق، والذى يحمل رقم 176 لسنة 61 قضائية، فى 22 مايو الماضى، ويقضى بإلغاء قرار المحافظ رقم 1064 لسنة 2017، وصرف رواتب العاملين بأثر رجعى.