ساحة «الميرغنية الختمية».. «تكية» لأبناء أفريقيا فى أسوان

كتب: عبدالله مشالى

ساحة «الميرغنية الختمية».. «تكية» لأبناء أفريقيا فى أسوان

ساحة «الميرغنية الختمية».. «تكية» لأبناء أفريقيا فى أسوان

بوجوه سمراء وقلوب بيضاء، يجلس العشرات من المحبين والمريدين من أتباع الطريقة «الميرغنية الختمية» فى إحدى الساحات بمدينة أسوان يومياً، لينشدوا الابتهالات الدينية والأناشيد الخاصة بطريقتهم، التى تُعد واحدة من أشهر الطُرق الصوفية فى صعيد مصر عامة، وأسوان خاصة، ونظراً لأنها تتعلق كثيراً بالطرق الصوفية السودانية، زادت شعبيتها فى أسوان، لوجود تقارب ثقافى بين الأسوانيين والسودانيين، حتى أصبحت الطريقة «الميرغنية» أكثر الطرق الصوفية التى تحرص على المشاركة فى مختلف الاحتفالات الدينية بأسوان، سواء بهجرة الرسول، أو بالمولد النبوى الشريف، والأعياد والمناسبات الدينية.

{long_qoute_1}

وفى شهر رمضان، تتحول الساحة «الميرغنية»، الواقعة بمنطقة «الشيخ هارون»، وتحديداً فى شارع «الإذاعة»، إلى «قبلة» للمحبين من أتباع الطريقة، الذين يحرصون على أداء صلاة المغرب فى المسجد الملاصق للساحة، ثم يتناولون الإفطار، وسط أجواء روحانية مميزة، كما يقصد الساحة العشرات من «أهل الخير» يومياً، لتقديم ما يقدرون عليه من مساعدة فى شراء وتجهيز الطعام لمئات المريدين يومياً.

شيخ الطريقة «الميرغنية الختمية»، هو الشيخ محمد عبدالعزيز، وكيل وزارة الأوقاف الأسبق، وهو أحد أشهر الدعاة المتصوفين بأسوان، وعضو نشط فى لجنة المصالحات بأسوان، حظى بتكريم الرئيس عبدالفتاح السيسى له فى ديسمبر 2016، وحصل على وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى، تحدث لـ«الوطن» قائلاً إن مؤسس الطريقة هو «السيد محمد عثمان الميرغنى»، وشهرته «الختم»، مشيراً إلى أن أتباع الطريقة ينتشرون فى كل من مصر والسودان وإريتريا وإثيوبيا.

وينتمى «الختم»، بحسب شيخ الطريقة، إلى واحدة من أسر الأشراف بمكة المكرمة، وهى أسرة «الميرغنى»، ولد سنة 1208 هجرية بالطائف، وكان عالماً جليلاً، ولديه مجموعة من المؤلفات، منها «تاج التفاسير لكلام الملك الكبير»، وهو كتاب فى تفسير القرآن الكريم، و«رحمة الأحد فى اقتفاء أثر الرسول الصمد»، و«رحمة المنان فى اقتفاء أثر ابن عدنان»، و«الوعظ الثمين فى تعمير أعصار رمضان الثلاثين»، وهو كتاب فى الوعظ، و«مصباح الأسرار فى سيرة النبى المختار»، و«غنية الصوفية فى علم العربية».

{long_qoute_2}

وتابع «عبدالعزيز» قائلاً: «لدينا فى الميرغنية تكية، وهى عبارة عن استراحة لكل المغتربين من شتى بقاع العالم بالمنطقة المحيطة بمسجد الميرغنية، وفيها يتم تقديم الطعام والشراب والمبيت وخدمة لكل المحبين والمريدين المقبلين إلى أسوان، خاصةً من أبناء أفريقيا»، وأوضح أن هذه «التكية» موجودة من عشرات السنين، وهى مكان لخدمة عابرى السبيل، كالتى أنشأتها وزارة الأوقاف فى مكة لخدمة الحجيج ومعتمرى بيت الله الحرام، أما عن الإفطار فى شهر رمضان، فأكد أنه يتم تقديمه فى الساحة يومياً لجميع الضيوف، كما يقوم أتباع الطريقة بتوزيع 250 وجبة رمضانية كل يوم خميس، تشمل سندوتشات وعصيراً وبلحاً، على عابرى السبيل فى عدة مناطق بأسوان، خاصة فى الميادين العامة، وأمام مستشفى أسوان الجامعى، وأمام ميدان المحطة، وفى نهاية الشهر، يتم توزيع ألف وجبة رمضانية على الصائمين، وتابع بقوله: «الطريقة الميرغنية تجمعنا دائماً على الخير والحب ومدح رسول الله، صلى الله عليه وسلم».

والتقط خالد الدسوقى، أحد شيوخ ومنشدى الطريقة «الميرغنية»، الحديث قائلاً: «الكل هنا يحب بعضهم البعض، واجتماعهم دائماً فى الخير على ذكر الله والأوراد الدينية عقب كل صلاة، وختمة القرآن الكريم كل جمعة»، وأضاف أنه يقوم بإحياء مناسبات بعض «المحبين» مجاناً، مثل الأفراح، أو ليالى الذكر، أو عند ذهاب أحدهم للحج أو عودته، وغيرها من المناسبات، مؤكداً: «نجتمع دائماً على الخير والطاعة»، مشيراً إلى أنه فى شهر رمضان، تزيد أعمال الخير، حيث يتم تقديم طعام الإفطار لرواد الساحة يومياً، كما يتم تنظيم ندوة دينية كبرى منتصف الشهر.

وأوضح أن طعام الإفطار الذى يتم تقديمه لضيوف الساحة «الميرغنية»، منه ما يتم تجهيزه داخل الساحة، من ذبح ذبائح وطهى الطعام، ومنه ما يقوم «المحبون» من أهالى منطقة «الشيخ هارون» بتقديمه، من تجهيز «صوانٍ مليئة بخيرات الله مما لذ وطاب»، يتم تجهيزها فى منازلهم، كما يقدمون العصائر الأسوانية الشهيرة، مثل «الكركديه، والدوم، والتمر هندى، والسوبيا، والمانجو، والجوافة، والبرتقال»، يتم توزيعها على الضيوف الذين يتوافدون بالمئات لتناول الإفطار الجماعى السنوى، ومن بينهم القيادات الشعبية والتنفيذية والدينية بأسوان.

الدكتور وليد عوض الله، أحد محبى الطريقة «الميرغنية»، قال: «رمضان عندنا له طعم تانى، حقاً رمضان أحلى مع الميرغنية، فالأجواء الدينية المصحوبة بالأناشيد والدعاء، والإفطار مع المحبين، وصلاة التراويح، كلها لها طعم خاص»، مشيراً إلى أن الساحة تعج كل ليلة بالأهل والأحباب، يجتمعون على الخير، يتذكرون من كانوا قبلهم، ويدعون لهم بالرحمة والمغفرة، وأضاف أن «أهم ليلة عندنا فى رمضان، هى ليلة الندوة الكبيرة، التى يشارك فيها كبار العلماء وشيوخ الأزهر والأوقاف، ويلقون فيها الدروس الدينية داخل المسجد، ويتم تقديم الحلويات والمشروبات الباردة والعصائر للضيوف فى يوم إيمانى جميل».


مواضيع متعلقة