الشهر العقارى بمحكمة بورسعيد.. «زحام» و«حرارة» ولعب أطفال

كتب: «الوطن»

الشهر العقارى بمحكمة بورسعيد.. «زحام» و«حرارة» ولعب أطفال

الشهر العقارى بمحكمة بورسعيد.. «زحام» و«حرارة» ولعب أطفال

حال مكتب الشهر العقارى فى محكمة بورسعيد خلال شهر رمضان لا يختلف كثيراً عن غيره من الشهور، إلا بتراجع حدة الزحام نسبياً فى الأيام الأولى من الشهر، وكثرة الحديث بين الموظفين والمترددين على المكتب حول مسلسلات الدراما الرمضانية، ووصفات لأشهى الأكلات على موائد الإفطار والسحور، واحتلال ألعاب الأطفال معظم المكاتب بدلاً من ملفات المواطنين، نظراً لاصطحاب كثير من الموظفات أطفالهن معهن بسبب عدم وجود حضانة قريبة، وتتعالى أصوات المواطنين الذين يقفون فى طوابير طويلة، أمام شباك أو اثنين بين عدد الشبابيك الأخرى المغلقة، للمطالبة بإنهاء معاملاتهم، بينما يرد الموظفون: «هنعمل لكم إيه؟.. ارحمونا عددنا قليل».

{long_qoute_1}

يوم كامل عاشته «الوطن» داخل مكتب الشهر العقارى، حيث كان أول الحضور مدير المكتب، عمرو منتصر، الذى وصل قبل مواعيد العمل الرسمية بنحو ساعة، وانتظر وصول باقى الموظفين واحداً تلو الآخر، قبل أن يعلو صوته معنفاً بعض الموظفين الذين وصلوا متأخرين بأكثر من نصف ساعة، موجهاً إياهم بسرعة الجلوس على مكاتبهم، لإنهاء مصالح المواطنين والمحامين، الذين توافدوا على المكتب واصطفوا أمام الشبابيك منذ ساعات الصباح الباكر.

موظفة الخزينة وصلت مسرعة، تحمل حقيبة كبيرة بين يديها تحتوى على متعلقات وألعاب خاصة بابنتها الصغيرة، التى اصطحبتها معها إلى مقر عملها، وقبل أن تجلس على مقعدها، فتحت الحقيبة على المكتب المجاور، وطلبت من الطفلة أن تلعب بهدوء، وألا تشغلها بأى طلبات، متعللة بأنها «مشغولة ولديها أعمال كثيرة»، وبالفعل أخرجت الطفلة بعض المكعبات، وبدأت فى تكوين أشكال بها، كما أخرجت «عروسة» تعمل بالبطارية، وتردد بعض الأغنيات، إلا أن أصوات المواطنين على الشبابيك علت على صوتها.

ووسط زحام العمل، أبلغت الطفلة والدتها بأنها عطشانة وتريد أن تشرب، فما كان من الموظفة إلا أن استأذنت المواطنين وتركت الشباك لدقيقة واحدة، لتخرج من حقيبتها زجاجة مياه، ناولتها إلى ابنتها الصغيرة، ثم التفتت إلى طلبات المتعاملين مرة أخرى، ولكن بعد وقت قصير، طلبت الطفلة من أمها أن تدخلها الحمام، مما اضطر الموظفة إلى ترك الشباك مجدداً، ولكن هذه المرة لنحو 10 دقائق، بينما بدأت علامات الاستياء ترتسم على وجوه المواطنين فى الطابور الذى لا ينتهى.

ولفترة غير قصيرة، سمحت الطفلة لوالدتها بإنهاء معاملات المواطنين، انشغلت خلالها مع طفل آخر لأحد المترددين على المكتب، الأمر الذى أثار انتباه بعض المتعاملين على الشباك، الذين أعربوا عن تعاطفهم مع الموظفة، فما كان منها إلا أن أعربت هى الأخرى عن استيائها بسبب عدم وجود دار حضانة داخل مبنى المحكمة، يمكنها أن تودع ابنتها بها، حتى تنتهى من عملها، خاصةً أنها لا يمكنها أن تتركها وحدها فى المنزل، بينما همس «ج. س».، أحد المحامين فى الطابور، بصوت خافت حتى لا تسمعه الموظفة: «هى حضانة؟.. كل موظفة تجيب أطفالها، الأحسن تغلقوا المكاتب وتحولوها لحضانة»، فردت عليه سيدة بنفس الطابور: «حرام عليك، تعمل إيه يعنى؟ ارحموا شوية، غيرها قاعد على المكاتب ميهموش المواطنين»، وتابعت بقولها: «أنا مش تعبانة من الانتظار، اللى تاعبنا بجد خنقة الطابور فى الجو الحر ده، حرام عليهم، يرحمونا ويركبوا تكييف».

فى طابور آخر، تعالى صوت أحد المواطنين يُدعى «محمود العريان»، موظف على المعاش، طالباً من موظف الشباك أن يفهمه ما هى إجراءات توثيق بيع شقة، وقال: «تعبت من الوقوف فى الطوابير، سمعنا عن تخصيص شبابيك لكبار السن والحالات الخاصة، ولكننا لا نجد من يهتم بنا».

كما شكا «العربى. س»، محام، من تأخر الموظفين عن مواعيد العمل الرسمية، وقال: «عندما نكلمهم يشدون معنا، كأنهم يمنون علينا»، مشيراً إلى أن موظفة الخزينة بتغيب عن الشباك لوقت طويل بحجة الذهاب للحمام للوضوء، وفى أداء الصلاة، وإذا كلمها أحد من المواطنين، ترد بقولها: «أنا موظفة وحيدة مباخدش إجازة، وهو ده الموجود»، بحسب قوله، وفجأة ارتفع صوت «إيمان صقر»، ربة منزل، بعد أن قام موظف الشباك بتحديد دور لها بعد شهر، وأوضحت بقولها: «عاوزة موظف ييجى البيت علشان يوثق الشقة لأبويا القعيد، رد عليّا الموظف وقالى: دورك بعد شهر علشان مفيش موظفين»، وتابعت متسائلة: «إزاى أبويا المريض هينتظر شهر، فى حين أن صديقة لى بنفس حالتى، جالها الموظف بعد يومين، إيه الفرق بقى؟».

{long_qoute_2}

ورصدت «الوطن» موظفتين للأعمال الكتابية، إحداهما كبيرة فى السن، والأخرى شابة، لم تباليا بحرارة الجو، أو عدم وجود «نفس» فى المكتب، أو بالزحام والأصوات المتعالية بين المواطنين والموظفين، وجلستا على مقعدين تتبادلان أطراف الحديث عن طبق «ملوخية» تناولته على الإفطار فى اليوم السابق، وبدأت فى شرح الوصفة وطريقة إعداد «الملوخية» لزميلتها، وضاع صوتهما وسط أصوات الزحام، وعندما حان وقت الانصراف، أغلقتا أدراج مكتبيهما، ووقعتا فى دفتر الانصراف، بينما كانتا لا تزالان تتحدثان عن طبق «الملوخية».

وفى نفس الغرفة، تعالى صوت «خ. م»، موثق بالشهر العقارى، صارخاً فى وجه المتعاملين: «حرام عليكم، من الصبح وأنا أيدى ما وقفتش عن الكتابة والتوثيق، خلاص انتهى الوقت، سيبونى أروح»، ليرد عليه المواطنون من داخل الطابور: «يعنى احنا بعد الوقفة دى نمشى؟»، وسأله أحدهم: «طيب ليه ما بتشغلوش الستات اللى قاعدين على الكراسى بلا شغلة ولا مشغلة؟»، ليتدخل مدير المكتب محاولاً تهدئة المتعاملين، وطلب من الموظف الانتظار لبعض الوقت بعد مواعيد العمل الرسمية، لاستكمال إجراءات توثيق الأوراق الخاصة بالمواطنين.

 

موظفتان داخل الشهر العقارى


مواضيع متعلقة