الشيخ محمود البجيرمى.. «الخاشع الأنيق»

كتب: ياسر مشالى

الشيخ محمود البجيرمى.. «الخاشع الأنيق»

الشيخ محمود البجيرمى.. «الخاشع الأنيق»

«من أراد أن يستمع إلى قرآن فيه تدبّر، فعليه الاستماع إلى الشيخ البجيرمى».. لم يكن قائل هذه العبارة/الشهادة، سوى العلّامة الدكتور عبدالحليم محمود، شيخ الأزهر الأسبق، وهى كافية تماماً لتدير الراديو أو تفتح اليوتيوب لتستمتع بتلاوة الشيخ الخاشع محمود البجيرمى.

كان ميلاد شيخنا فى قرية بجيرم بمركز قويسنا بمحافظة المنوفية فى 14 أكتوبر 1933، نشأ فى أسرة محبة للقرآن.. مات له 4 إخوة فوهبه والده للقرآن ليبارك الله تعالى فيه. دخل الطفل محمود عزب السيد البجيرمى، كتاب القرية بمسجد سيدى جمعة البجيرمى.. وأتم حفظ القرآن الكريم قبل أن يتجاوز التاسعة من عمره.

اكتشف والده موهبة ابنه المبكرة وصوته المتميز فى تلاوة القرآن، فألحقه بالأزهر الشريف ليبدأ تلاوة وترتيل القرآن الكريم فى سن الرابعة عشرة، ومبكراً عرف الشيخ البجيرمى بشياكته وأناقة ملبسه وزيه الأزهرى. لم يكتف الشيخ البجيرمى بإتقان القراءات القرآنية، وتعلم أصول النغم والمقامات الموسيقية فى معهد الموسيقى العربية، قبل أن يلتحق بالإذاعة ويحقق نجاحاً كبيراً. بدأ الشيخ البجيرمى القراءة القرآنية فى مسجد عمر بن عبدالعزيز بمصر الجديدة، وظل فيه حتى عام 1969، لينقل بعدها قارئاً فى مسجد عين الحياة الشهير بمسجد الشيخ كشك بحدائق القبة بالقاهرة، ورغم شهرة البجيرمى الواسعة، لكنه لم يكن يسعى للأضواء وبالتالى لم يسع إلى القراءة فى المساجد الكبيرة، مثل الجامع الأزهر أو الحسين أو السيدة زينب، واكتفى بالقراءة بمسجد الشيخ كشك.. حيث ظل الآلاف يواظبون على الحضور كل جمعة للاستماع إلى خطبة الشيخ كشك وتلاوة الشيخ البجيرمى. لكن مع بدايات العام 1985 أصدر الدكتور محمد على محجوب، وزير الأوقاف فى ذلك الوقت، قراراً بنقل الشيخ البجيرمى قارئاً لمسجد الفتح برمسيس، وظل فى هذا المسجد حتى وفاته. ذاع صيت الشيخ البجيرمى لدرجة أنه أصبح يطلب بالاسم فى دول عربية وإسلامية عدة، ومنها إيران حيث طلبه شاه إيران عام 1976 لإحياء بعض ليالى رمضان وعيد الفطر المبارك، وفى صلاة العيد قرأ الشيخ البجيرمى أمام نحو 2 مليون مصلٍ فى العاصمة طهران.

وفى 10 مايو 1992 توفى الشيخ البجيرمى قبل أن يكمل عامه الستين. وأثناء دفنه وقف الشيخ عبدالحميد كشك على قبره باكياً، وقال: «يا محمود ماذا ألقنك؟! عندما يأتيك الملكان سوف يجدان القرآن عن يمينك وعن شمالك ومن فوقك ومن تحتك»، حسب ما نقل شهود وأقارب الشيخ الذين حضروا جنازته. يقول الشيخ محمد حشاد، الأمين العام لنقابة قراء مصر، الذى تزامل مع الشيخ البجيرمى كثيراً: «كنا موفدين إلى دولة الإمارات العربية لإحياء ليالى شهر رمضان، فقال لى تعال نصعد إلى حجرة أحدنا بالفندق لنقرأ القرآن، فأنا أريد أن أختمه مرتين أو ثلاثاً فى هذا الشهر». ويضيف «حشاد»: «فى أحد الأيام، حدثت مفارقة غريبة، ففجأة أغلق الشيخ البجيرمى مصحفه، وقال: كفاية علىَّ كده، وعندما سأله الشيخ حشاد عن السبب رد عليه بقوله: كفاية علىَّ من الدنيا، فانزعج الشيخ «حشاد»، وقال: ليه بتقول كده يا مولانا؟ ربنا يديك الصحة ويطِيل عمرك، فقال «البجيرمى»: ربنا أعطانى كتير ببركة القرآن، فكفاية علىَّ كده من الدنيا، أنا عاوز أرجع مصر، وفعلاً عاد ليموت متوضئاً بعد 20 يوماً فقط من عودته من الإمارات».

 


مواضيع متعلقة