فُصل بسبب الراديو.. رحلة تحول "الشيخ إمام" من تلاوة القرآن إلى الغناء

فُصل بسبب الراديو.. رحلة تحول "الشيخ إمام" من تلاوة القرآن إلى الغناء
- أحمد فؤاد نجم
- أم كلثوم
- أهل الهوى
- الجمعية الشرعية
- السيدة زينب
- الشيخ إمام
- الشيخ محمود
- العزف على العود
- القرآن الكريم
- آدم
- أحمد فؤاد نجم
- أم كلثوم
- أهل الهوى
- الجمعية الشرعية
- السيدة زينب
- الشيخ إمام
- الشيخ محمود
- العزف على العود
- القرآن الكريم
- آدم
أحسن تلاوة القرآن الكريم في لحظة، وقدر على الانتقال إلى أغاني الأفراح والمناسبات، في اللحظة التالية، فاقد البصر يحمل عوده ويسير بطيئا منحني القامة، شق طريق "الغُنا" بمحض الصدفة، وفي سياق وطني أيضا للتحريض على مقاومة هزيمة حرب 67.
اندس الشيخ إمام، الذي يوافق ذكرى وفاته اليوم، 7 يونيو 1995، في طفولته بمواسم الأفراح والحج، وسط السيدات ليسمع غناءهن فنشأ صاحب أذن موسيقية من صغره.
لازم إمام حب الاستماع للشيخ محمد رفعت، يقضي نهاره في الحسين وليله في الأزهر حيث كان ينام، عرف إمام طريقه للقاهرة بصحبة عمه، وفي إحدى الرحلات عندما كان إمام في السابعة من عمره، صلى في مسجد فاضل باشا بدرب الجماميز بالسيدة زينب، وتصادف ذلك مع وجود المقرئ محمد رفعت، فسلم عليه وتحدثا، ليمدح الشيخ نباهته ويتنبأ له بمستقبل.
لم يكن إمام أكمل عامه الثاني عشر بعد عندما اصطحبه والده للقاهرة للدراسة بالجمعية الشرعية السنية بحي الأزهر في 1929، وكان لدى الجمعية واعظ ومنشد يحييان المناسبات، وفي أحد الأفراح اختير الطفل إمام ضمن فرقة الإنشاد.
التحق الشيخ إمام بالمركز الرئيسي للجمعية، وقضى بها 4 سنوات وأتم حفظ القرآن الكريم، فاستحق لقب "شيخ" رغم صغر سنه، وكان يقيم بها إقامة دائمة، وكان الاستماع للراديو من ممنوعات الجمعية لكونه بدعة، فقررت الجمعية فصله بالإجماع.
عندما سمع أبوه بفصل ابنه من الجمعية أهانه وضربه وحذره من العودة لقريته مرة أخرى نظرا للجريمة التي اقترفها، وبعدها مباشرة توفيت أمه التي كانت أعز ما لديه فى الدنيا، ولم يتمكن من تشييعها لمثواها الأخير، وبالفعل لم يعد لقريته إلا حين مات أبوه.
بداية احتراف الموسيقى
في إحدى زياراته لحي الغورية قابل مجموعة من أهالي قريته فأقام معهم وامتهن الإنشاد وتلاوة القرآن الكريم، وكسائر أحداث حياته التي شكلتها الصدفة، التقى الشيخ إمام بالشيخ درويش الحريري أحد كبار علماء الموسيقى، وأعجب به الشيخ الحريري بمجرد سماع صوته، وتولى تعليمه الموسيقى.
اصطحب الشيخ الحريري تلميذه في جلسات الإنشاد والطرب، فذاع صيته وتعرف على كبار المطربين والمقرئين، أمثال زكريا أحمد والشيخ محمود صبح، وبدأت حياة الشيخ في التحسن.
وفي منتصف الثلاثينيات كان الشيخ إمام تعرف على الشيخ زكريا أحمد عن طريق الشيخ درويش الحريري، فلزمه واستعان به الشيخ زكريا في حفظ الألحان الجديدة واكتشاف نقط الضعف بها، حيث كان زكريا أحمد ملولا، لا يحب الحفظ فاستمر معه إمام طويلا، وكان يحفظ ألحانه لأم كلثوم قبل أن تغنيها، وكان إمام يفاخر بهذا.
وبسبب حفظ إمام ألحانه، بدأت ألحان زكريا أحمد لأم كلثوم تتسرب للناس قبل أن تغنيها أم كلثوم، مثل "أهل الهوى" و"أنا في انتظارك" و"آه من لقاك في أول يوم" و"الأولة في الغرام"، فقرر الشيخ زكريا الاستغناء عن الشيخ إمام.
كان لهذه الواقعة أثر في تحول دفة حياة الشيخ إمام مرة أخرى عندما قرر تعلم العزف على العود، وبالفعل تعلم على يد كامل الحمصاني، وبدأ الشيخ إمام يفكر في التلحين حتى أنه ألف كلمات ولحنها وبدأ يبتعد عن قراءة القرآن وتحول لمغن.
وفي 1962، التقى إمام مع أحمد فؤاد نجم رفيق ضربه، عن طريق زميل لابن عم نجم كان جارا للشيخ إمام، فعرض على نجم الذهاب للشيخ إمام والتعرف عليه، وبالفعل ذهب نجم للقاء الشيخ إمام وأعجب كلاهما بالآخر.
وعندما سأل نجم إمام لماذا لم يلحن، أجابه الشيخ أنه لا يجد كلاما يشجعه، وبدأت الثنائية بين الشيخ إمام وأحمد فؤاد نجم، وتأسست شركة دامت سنوات طويلة.
ذيع صيت الثنائي نجم وإمام والتف حولهما المثقفين والصحفيين خاصة بعد أغنية: "أنا أتوب عن حبك أنا؟"، ثم "عشق الصبايا"، و"ساعة العصاري"، واتسعت الشركة فضمت عازف الإيقاع محمد علي، وكونوا فرقة للتأليف والتلحين والغناء ساهم فيها العديد، لم تقتصر على أشعار نجم فغنت لمجموعة من شعراء عصرها أمثال: فؤاد قاعود، ونجيب سرور، وتوفيق زياد، وزين العابدين فؤاد، وآدم فتحي، وفرغلي العربي، وغيرهم.
في منتصف التسعينات آثر الشيخ إمام، الذي جاوز السبعين، العزلة والاعتكاف في حجرته المتواضعة بحي الغورية، ولم يعد يظهر في الكثير من المناسبات كالسابق، حتى رحل عن عالمنا تاركا وراءه أعمالا فنية، التي ما زال صدها موجود بين جمهوره إلى الآن.