الأعلى للإعلام| «العالم»: المجلس فى موقف رد الفعل من «التجاوزات الإعلامية»

كتب: أحمد البهنساوى

الأعلى للإعلام| «العالم»: المجلس فى موقف رد الفعل من «التجاوزات الإعلامية»

الأعلى للإعلام| «العالم»: المجلس فى موقف رد الفعل من «التجاوزات الإعلامية»

فى ديسمبر 2016 صدر القانون رقم 92، تحت اسم «التنظيم المؤسسى للإعلام»، وهو القانون الذى اكتفى بالنص على إنشاء 3 هيئات إعلامية، وتوضيح نطاق صلاحياتها واختصاصاتها، وهى: المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، المنوط به الإشراف على صناعة الإعلام بجميع أشكالها والعمل كهيئة ضابطة، والهيئة الوطنية للصحافة، المنوط بها إدارة وسائل الإعلام المطبوعة المملوكة للدولة، ثمانى مؤسسات صحفية قومية، والهيئة الوطنية للإعلام، المنوط بها إدارة وسائل الإعلام المسموعة والمرئية المملوكة للدولة، اتحاد الإذاعة والتليفزيون السابق، ERTU. وفى 11 أبريل 2017 صدرت القرارات الجمهورية الخاصة بتشكيل المجلس والهيئتين فضلاً عن إنشاء لجنة تأسيسية لنقابة الإعلاميين برئاسة حمدى الكنيسى، بما يعنى مرور عام على إنشاء تلك الهيئات الأربع، بهدف ضبط المشهد الإعلامى والصحفى، لكن الواقع يقول إن المشهد لم يتم ضبطه كما ينبغى، فـ«الأعلى للإعلام» يصدر قرارات بمعاقبة الشاشات والبرامج دون صدور لائحة جزاءات حتى الآن، ونقابة الإعلاميين تصدر قرارات لا تنفذ، أما «الوطنية للصحافة» فما زالت تبحث عن انتشال المؤسسات القومية التى تغرق فى ديونها وضعف توزيع إصداراتها، وما بين هذا كله تبرز إشكالية تضارب الاختصاصات بين المجلس والهيئتين وتأسيسية الإعلاميين. «الوطن» رصدت نشاط الهيئات الأربع فى الملف التالى، واستطلعت آراء خبراء إعلام وصحافة ومسئولى تلك الهيئات لتقييم هذه التجربة بعد مرور عام عليها، وللرد على ما أثير من انتقادات تصب كلها فى صالح مهنة الصحافة والإعلام لضبط المشهد كما نص الدستور والقانون.

{long_qoute_1}

خلال عام، عقد المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، منذ تشكيله فى أبريل من العام الماضى، 27 اجتماعاً، اتخذ خلالها 30 قراراً، منها 10 قرارات بتوقيع عقوبات على صحف وقنوات فضائية خاصة، لارتكابها «جرائم إعلامية»، حسب المجلس، الذى يترأسه الكاتب الصحفى مكرم محمد أحمد، كما شكل المجلس 10 لجان دائمة لضبط المشهد الإعلامى والصحفى وتسيير أعماله، إلا أن خبراء إعلام يرون تلك الإجراءات غير كافية لمواجهة تحديات المهنة وضبط الأداء، خصوصاً أن القرارات التى صدرت عنه تمثل «اجتهادات لم تستند إلى نصوص قانونية عقابية، الأمر الذى يؤكد أن ما حدث تغييرات لم تتخط الشكل إلى المضمون، وأن المجلس كان موضع رد الفعل على الجرائم الإعلامية، ولم يبادر إلى اعتماد رسالة تنويرية وتدريبية للعاملين فى المجال». {left_qoute_1}

وقال الدكتور سامى الشريف، رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون الأسبق، لـ«الوطن»، إنه على الرغم من مرور عام على تشكيل المجلس الأعلى للإعلامى والهيئتين الوطنيتين للصحافة والإعلام، إلا أنه لم تصدر قوانين تنظيم العمل داخل تلك الكيانات ما جعلها هيئات بلا صلاحيات، والعمل الداخلى فيها يفتقد التنظيم، وبالتالى لا يُنتظر منها أى إنجاز أو دور، لأنها فى ظل عدم صدور التنظيم القانونى لها، تُعد «هيئات صورية، لا صلاحيات لها حتى تتضح ملامحها». واعتبر «الشريف» القرارات التى صدرت خلال العام الماضى من القائمين على الكيانات الإعلامية، بما فيها المجلس الأعلى للإعلام، مجرد اجتهادات، بدليل أن كثيراً من القرارات التى اتخذها المجلس لم تُنفذ من قبل القنوات والبرامج، وبالتالى ليس العبرة بتشكيل هيئات أو وزارات، وإنما بالصلاحيات الممنوحة لها.

ياسر عبدالعزيز، الخبير الإعلامى، أكد بدوره أن كثيراً من العوار الذى يضرب صناعة الإعلام لدينا سببه عدم الوفاء بالاستحقاقات الدستورية على نحو أمين، وعدم فهم الهيئات الجديدة أدوارها ومهامها، ومحاولة البعض الالتفاف على إرادة إصلاح الإعلام باتخاذ خطوات شكلية تعيد إنتاج الأوضاع السابقة.

وعن مكاسب المشهد الإعلامى من جراء تشكيل الكيانات الإعلامية، أوضح «عبدالعزيز»، أن أهمها أنه بات لدى مصر، ولأول مرة فى تاريخها، هيئة ضابطة مستقلة مفترضة، على غرار لجنة الاتصالات الفيدرالية «FCC» فى الولايات المتحدة، والمجلس الأعلى للإعلام المسموع والمرئى فى فرنسا، ومكتب الاتصالات «OFCom» فى المملكة المتحدة.

وتابع قائلاً: «يبدو أن تلك التطورات لم تنجح فى وضعنا على بداية طريق إصلاح الإعلام لعدة أسباب: منها عدم إقرار القوانين التى لا يتوافر الحد الأدنى لشروط الممارسة الإعلامية الرشيدة إلا بإصدارها، كالمنظمة لحقوق الإعلاميين وواجباتهم، التى تصون الحريات، ومنها بقية مواد (مشروع القانون الموحد للصحافة والإعلام) الذى أعدته اللجنة الوطنية المستقلة للتشريعات الإعلامية، وقانون حرية تداول المعلومات، والتعديلات القانونية التى تلغى العقوبات السالبة للحرية فى مجال النشر والإذاعة».

وأشار «عبدالعزيز» إلى أنه يفترض بـ«الأعلى لتنظيم الإعلام»، أن يعمل كهيئة مستقلة ضابطة، لصيانة حرية الإعلام، ورغم ذلك فإن رئيس المجلس صرح، فى أكثر من محفل، بأن «المجلس يمارس اختصاصات وزارة الإعلام»، وهو الأمر الذى ينم عن «عدم إدراك لدور المجلس واختصاصاته، ويكرس الشكوك فى تحول عملية إصلاح الإعلام التى أرادها الدستور، إلى عملية بيروقراطية تستبدل أسماء، ولا تستبدل أدواراً وأنساق عمل»، حسب الخبير الإعلامى. ورأى الدكتور صفوت العالم، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، أن دور المجلس الأعلى حالياً هو مجرد رد فعل لما يحدث فى الإعلام، قائلاً: «أتمنى أن يكون دور المجلس لو صح التعبير، تدريبياً وتنويرياً للإعلاميين، من خلال إصدار كتاب عمل أو ميثاق عمل يحدد من خلاله أهم الأخطاء الإعلامية المحتملة ويتبعه نوعية العقوبات التى يجب تطبيقها على الجميع دون استثناء فى كل حالة».

 

{long_qoute_2}

 

قال أحمد سليم، أمين عام المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، فى حواره لـ«الوطن» إن كافة العقوبات المفروضة على المخالفين فى الصحف والفضائيات قانونية، رغم أن المجلس يعالج الفوضى المسيطرة على المشهد الإعلامى منذ سنوات ومن الصعب السيطرة عليها خلال شهور قليلة.

كيف تقيم أداء المجلس بعد عام على تشكيله؟

- المجلس عقد ما يقرب من 27 اجتماعاً اتخذ خلالها أكثر من 30 قراراً منذ تشكيله، بعضها قرارات تنظيمية خاصة بعمل المجلس وتنظيم لجانه، والأخرى لتنظيم العمل الإعلامى والمهنة، سواء كانت موافقات على تراخيص قنوات أو تجديدها أو توقيع عقوبات وجزاءات على بعض الفضائيات والبرامج وإحالة بعض المذيعين والصحفيين إلى النقابة المختصة للتحقيق معهم.

لكن هناك خبراء يرون أن كل هذه القرارات لم تنجح فى ضبط المشهد الإعلامى؟

- المشهد الإعلامى الذى اعترته الفوضى على مدار 8 سنوات أو أكثر، من الصعب ضبطه خلال شهور، فعمر المجلس عام واحد، وعلى مدار هذه الشهور بدأنا إعادة ضبط مشهد الإعلام الرياضى وكان الأسوأ، واستطعنا إلى درجة كبيرة تقليص مخالفاته حتى صارت المشكلة منحصرة فى شخص أو اثنين، كما ضبطنا مشهد الفتوى الدينية، والتزمت القنوات والمشايخ أنفسهم بالقائمة التى تم التوصل إليها لمن لهم حق الظهور فى الفضائيات والصحف للفتوى بالتنسيق مع مشيخة الأزهر، ويُعد المشهد الدرامى الأصعب حالياً، خصوصاً ونحن مقبلون على موسم دراما رمضان، وهذا الملف سيأخذ وقتاً من المجلس، كما ضبطنا فوضى تراخيص بث الفضائيات وإصدار الصحف. {left_qoute_2}

إلى أى نصوص قانونية استند المجلس فى العقوبات التى فرضها على تجاوزات بعض القنوات والصحف، لأنه لا توجد عقوبة دون نص؟

- من قال إنه لا يوجد نص، هناك لائحة جزاءات وضعها المجلس ستُعلن خلال أيام، كما أن القانون 92 لسنة 2016 ينظم أشياء كثيرة، منها منح المجلس صلاحية اتخاذ ما يراه مناسباً من قرارات لضبط المشهد، واللائحة التنفيذية نظمت أشياء أكثر، كما تم وضع بعض المعايير واللوائح فى هذا الإطار.

وماذا عن تضارب الاختصاصات بين المجلس والكيانات الإعلامية الأخرى، سواء الهيئتان الوطنيتان للصحافة الإعلام أو النقابات المختصة؟

- لا يوجد تضارب، فالقانون وضح كل شىء، والمجلس هو المختص بالتحقيق مع أسرة البرنامج الذى ارتكب مخالفة ما، ومن يراه المجلس مخطئاً سواء من المذيعين أو الصحفيين يحال إلى نقابته المختصة ولا يوقع عليه عقوبة، وللمجلس أن يعاقب الشاشة أو القناة والصحيفة .


مواضيع متعلقة