مفتي الجمهورية: شهادة أمان المصريين "حلال" وليست "ربا"

مفتي الجمهورية: شهادة أمان المصريين "حلال" وليست "ربا"
- الأوراق المالية
- البنك المركزي
- التعامل مع البنوك
- الديار المصرية
- الشريعة الإسلامية
- العمالة الموسمية
- الكسب غير المشروع
- المؤمن عليه
- المرأة المعيلة
- آله
- الأوراق المالية
- البنك المركزي
- التعامل مع البنوك
- الديار المصرية
- الشريعة الإسلامية
- العمالة الموسمية
- الكسب غير المشروع
- المؤمن عليه
- المرأة المعيلة
- آله
أكد الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، أنه لا مانع شرعا من شراء "شهادة أمان المصريين"، وأن أرباح هذه الشهادات لا تعد من قبيل الربا؛ لأنها ليست فوائد قروض، وإنما هي عبارة عن أرباح ناتجة عن عقود استثمارية تحقق مصالح أطرافها.
وأضاف في أحدث فتاواه أنه لا مانع أيضا من ارتباط الشهادة بوثيقة تأمين جماعي؛ مشيرا إلى أن التأمين بكل أنواعه أصبح ضرورة اجتماعية تحتمها ظروف الحياة ويصعب الاستغناء عنه؛ لوجود الكم الهائل من العمال في المصانع والشركات الاقتصادية العامة والخاصة وفي غير ذلك من الأعمال.
وأوضح، أنه ليس المقصود من التأمين الربح أو الكسب غير المشروع، وإنما التكافل والتضامن والتعاون في رفع ما يصيب الأفراد من أضرار الحوادث والكوارث، وليس التأمين ضريبة تحصل بالقوة، وإنما هو تكاتف وتعاون على البر والإيثار المأمور بهما في الإسلام. كما أنه يجوز شرعا أخذ الجائزة على الشهادة لمن توافقه قرعة السحب.
أوضح مفتي الجمهورية في الفتوى أن "شهادة أمان المصريين" هي نوع من الأوراق المالية التي تصدر تحت إشراف البنك المركزي كوعاء ادخاري لحساب الأفراد الطبيعيين من العمالة الموسمية والمؤقتة واليومية والمرأة المعيلة وغيرهم من المواطنين، أي إن البنوك المشتركة في إصدارها تكون وسيطا بين الأشخاص والدولة من أجل توفير نوع من الضمان والحماية لهؤلاء وأسرهم من خلال جني العائد أو التأمين المترتب على الاشتراك فيها كما سيأتي بيانه.
وأشار فضيلته إلى أن تحليل هذه المعاملة يظهر أنها تشتمل على عمليات ثلاث:
العملية الأولى: فتح وعاء ادخاري بين العميل من جهة والبنك من جهة أخرى:
والتكييف الشرعي لهذه العملية بإجراءاتها المختلفة -كما أوضح مفتي الجمهورية- هو أنها من قبيل العقود المستحدثة والحكم فيها الحل إذا حققت مصالح أطرافها ولم تشتمل على ما حرم شرعا إذا خلت من الغرر والضرر، ولا علاقة لها بالربا، وهذا ما استقرت عليه الفتوى في الديار المصرية، وهو ما جرى عليه قانون البنوك المصري رقم 88 لسنة 2003م، ولائحته التنفيذية الصادرة عام 2004م، فليست الأرباح حراما؛ لأنها ليست فوائد قروض، وإنما هي عبارة عن أرباح ناتجة عن عقود استثمارية تحقق مصالح أطرافها، ولذلك يجوز التعامل مع البنوك، وأخذ فوائدها شرعا، والإنفاق منها في جميع وجوه النفقة الجائزة من غير حرج.
وأضاف فضيلة المفتي، أن العملية الثانية هي: وثيقة التأمين؛ وتكييفها الشرعي هو تكييف التأمين الذي هو من المعاملات المستحدثة التي لم يرد بشأنها نص شرعي بالحل أو بالحرمة -شأنه في ذلك شأن معاملات البنوك- فقد خضع التعامل به لاجتهادات العلماء وأبحاثهم المستنبطة من بعض النصوص في عمومها؛ كقوله تعالى: ﴿وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب﴾ [المائدة: 2]، وكقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" رواه البخاري، إلى غير ذلك من النصوص الكثيرة الواردة في هذا الباب.
وأكد، في الفتوى أن التأمين بكل أنواعه أصبح ضرورة اجتماعية تحتمها ظروف الحياة ويصعب الاستغناء عنه؛ لوجود الكم الهائل من العمال في المصانع والشركات الاقتصادية العامة والخاصة وفي غير ذلك من الأعمال، وليس المقصود من التأمين هو الربح أو الكسب غير المشروع، وإنما هو التكافل والتضامن والتعاون في رفع ما يصيب الأفراد من أضرار الحوادث والكوارث، وليس التأمين ضريبة تحصل بالقوة، وإنما هو تكاتف وتعاون على البر والإيثار المأمور بهما في الإسلام.
ولفت إلى أن "شهادة أمان المصريين" تدخل تحت التأمين الاجتماعي: وهو تأمين من يعتمدون في حياتهم على كسب عملهم غير الثابت من الأخطار التي يتعرضون لها، ويقوم على أساس فكرة التكافل الاجتماعي تحت إشراف الدولة.
وقال مفتي الجمهورية في الفتوى: "هذا النوع من التأمين يكاد الإجماع أن يكون منعقدا على أنه موافق لمبادئ الشريعة الإسلامية؛ لكونه تبرعا في الأصل، وتعاونا على البر والتقوى، وتحقيقا لمبدأ التكافل الاجتماعي والتعاون بين المسلمين دون قصد للربح، ولا تفسده الجهالة ولا الغرر، ولا تعتبر زيادة مبلغ التأمين فيه عن الاشتراكات المدفوعة ربا؛ لأن هذه الأقساط ليست في مقابل الأجل، وإنما هي تبرع لتعويض أضرار الخطر".
واستدل المفتي على جواز ذلك بعدة أدلة شرعية:
أولا: قول الله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود﴾ [المائدة: 1]؛ فهذا أمر من الله عز وجل بالوفاء بالعقود، وهو عام يشمل جميع أنواع العقود إلا ما نهى عنه الشارع، ويدخل في هذا العموم عقد التأمين.
ثانيا: ما رواه الإمام أحمد من حديث عمرو بن يثربي الضمري رضي الله عنه قال: شهدت خطبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمنى، وكان فيما خطب: "ولا يحل لامرئ من مال أخيه إلا ما طابت به نفسه"؛ فنهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن أخذ مال الغير بالباطل إلا أن يعطيه بمحض اختياره وطيب نفس منه، وهكذا هو التأمين؛ ففيه يتراضى الطرفان على أخذ المال على وجه معين؛ فيكون حلالا.
ثالثا: أن التأمين -وهو تبرع من المؤمن عليه؛ حيث يتبرع بالقسط المدفوع، وتبرع من جهة أخرى من شركة التأمين؛ حيث تتبرع بقيمة التأمين وذلك على سبيل توزيع المخاطر والتعاون على حمل المبتلى- لا يشتمل على منهي عنه شرعا؛ لأنه عقد تبرع وليس عقد معاوضة فيفسده الغرر؛ فإن الغرر فيه لا يفضي إلى نزاع بين أطرافه؛ لكثرة تعامل الناس به وشيوعه فيهم وانتشاره في كل المجالات، فما ألفه الناس ورضوا به دون ترتب نزاع حوله يكون غير منهي عنه، ومن المقرر شرعا أن عقود التبرعات يتهاون فيها عن الغرر الكثير، بخلاف عقود المعاوضات فإنه لا يقبل فيها إلا الغرر اليسير.
أما عن رصد جوائز مالية بطريق القرعة بين مشتري الشهاد فأوضح مفتي الجمهورية أنها مبادرة تشجيعية للأفراد على الاكتتاب في مثل هذه الشهادات، وتتميز هذه الجوائز بأنها تمنح نتيجة سحب ربع سنوي يدخل فيه أصحاب هذه الشهادات، مع استبعاد الفائزين من السحوبات المستقبلية، ويقسم إجمالي تكلفة هذه الجوائز على جميع الأطراف المشاركة من البنوك وشركة مصر لتأمينات الحياة.
وأوضح أن هذه الصورة من التعامل داخلة في نطاق الوعد بجائزة الذي أباحه بعض الفقهاء، والأصل فيها أن تكون هادفة وتعود على المجتمع بالنفع العام وتحقق فيه الخير والنماء، وأن تكون بعيدة عن القمار والميسر والمراهنة والتدليس والغرر أو الجهالة، وبشرط أن تكون الجائزة من أموال المنظمين لهذه المسابقة أو من أي جهة تقدمها للفائزين، ولا يجوز باتفاق الفقهاء أن يكون مال الجائزة من جميع المتسابقين؛ بأن يدفع كل منهم القليل ليحصل بعضهم على الكثير الذي يشمل ما قام بدفعه هو وما دفعه غيره من المتسابقين؛ لأن ذلك من باب المراهنة والمقامرة والميسر الذي نهى عنه الإسلام في قوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون﴾ [المائدة: 90].
واختتم مفتي الجمهورية فتواه بأن "شهادة أمان المصريين"،هي شهادة ادخارية يقصد المشتري من شرائها الادخار والانتفاع بما تقدمه من عائد أو تأمين، وأن الجائزة التي تقدمها البنوك المشتركة في إصدار هذه الشهادة ومعهم شركة التأمين بغرض التشجيع على الشراء إنما هي من خالص أموالها ولا يتحملها المشتري من قيمة الشهادة المدخرة ، مؤكدا أن كل ذلك جائز شرعا.