صلاة تتبعها مسيرات بـ«الشوارع الخلفية».. إذن اليوم «الجمعة»
10:29 ص | الأحد 08 سبتمبر 2013
![صلاة تتبعها مسيرات بـ«الشوارع الخلفية».. إذن اليوم «الجمعة»](https://watanimg.elwatannews.com/old_news_images/large/147926_660_4009308_opt.jpg)
«كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ»، ارتفع صوت الشيخ محمد عبدالرحمن، خطيب الجمعة فى مسجد أحمد بن حنبل، المجاور لمديرية أمن المنيا، وهو يروى واقعة قتل الصحابى أسامة بن زيد، أحد الكفار بعد أن نطق الشهادة فى إحدى غزواته، فعنفه الرسول -صلى الله عليه وسلم- على فعلته قائلاً: «فماذا أنت فاعل بـ(لا إله إلا الله) إذا جاءتك يوم القيامة».
ما يقرب من الساعة، هى مدة خطبة الجمعة قضاها الشيخ الأربعينى الذى ينتمى إلى التيار السلفى فى الحديث عن ضرورة حقن دماء المصريين، واللجوء إلى المصالحة، وإدراك حرمة دم المسلم، وسط عدد من المنتمين لنفس التيار داخل مسجد «ابن حنبل» الذى اشتهر فى مركز ومدينة المنيا على أنه مكان تجمع السلفيين من التيار المعتدل.
«الناس اللى بتصلى هنا سلفيين من اللى يعرفوا ربنا، ودايماً لما أحضر خطبة الجمعة معاهم الشيخ يتكلم عن نبذ العنف والرجوع إلى الله وتحريم الدماء حتى لو كانت المشكلة القائمة بين المسلمين والأقباط»، هذا ما أكده محمد منصور، محاسب، 52 سنة، أحد المقيمين إلى جوار المسجد.
ملامح رواد المسجد تكاد تتطابق، فغالبيتهم من أصحاب اللحى الكثيفة الطويلة، يرتدون جلابيب بيضاء قصيرة، ويضعون فوق رؤوسهم «طواقى» بيضاء تعلوها «غترة» خليجية، يظلون داخل المسجد لساعات طويلة، وبالرغم من انتمائهم للتيار الإسلامى، إلا أن موقفهم كان ثابتاً طوال الفترات الماضية، خصوصاً بعد الأحداث التى شهدتها مدينة المنيا فى أعقاب فض اعتصامى «رابعة والنهضة»، فكانوا يدعون إلى ضبط النفس وتحريم الدماء.
أسلاك شائكة تحيط بمبنى مديرية أمن المنيا القديم المجاور للمسجد من جميع جوانبه، يقف بداخلها عدد كبير من ضباط وعساكر القوات المسلحة شاهرين أسلحتهم للتعامل المباشر مع المظاهرات التى ستخرج من المسجد، صوت أحد الضباط يرتفع وهو ينادى على أحد الأشخاص الذى اتجه صوب شارع مديرية الأمن المغلق، ليطالبه بتغيير مساره، يقابله إشارة من أحد شيوخ المسجد تشير إلى أنه لا توجد تظاهرات قائلاً بصوت عال: «ما تقلقش ما فيش حاجة»، ثم توجه بدعائه إلى السماء بأن يحفظ مصر وأهلها وجيشها.
على بعد أمتار من المسجد، كانت هناك مظاهرة تستعد للتحرك، عشرات المصلين الذين انسلوا من بعض المساجد فى أعقاب الصلاة راحوا يتجمعون استعداداً للخروج فى مسيرة تخترق الشوارع الفرعية للمدينة، كانوا مدركين تماماً لخطورة المرور فى الشوارع الرئيسية، بعد أن أغلقتها قوات الجيش والشرطة تماماً ومنعت العبور فيها، أو حتى الاقتراب من الأكمنة المنتشرة بطولها، ومن ثم اختاروا أن يخرجوا بمسيرتهم إلى حى أبوهلال الشعبى، بعيداً عن أعين الأمن وأسلحته.
وفى طقس بدا وكأنه عادى، اصطفت أعداد كبيرة من أهالى المنطقة على جانبى المسيرة لمشاهدة المشاركين وهم يرفعون لافتاتهم، ويرددون الهتافات المعادية للشرطة والجيش، ولم تكد الدقائق تمر، حتى كانت المسيرة انفضت بما فيها ومن فيها، لتعود المنطقة مرة أخرى لهدوئها وسكونها.
وبعيداً عن منطقة المسجد والكمائن، كانت مدينة المنيا تغرق فى الصمت التام، بخلاف المعتاد فى أيام الجمعة من كل أسبوع، أحد الأهالى فسر ذلك بقوله إن الناس أصبحت تخشى الخروج فى أيام «الجُمع» مؤخراً بعد أن زادت وتيرة الاشتباكات فى شوارع المنيا، وكلما دعا أعضاء التنظيم الدينى لمسيرة تجوب شوارع المدينة، يضع الناس أيديهم على قلوبهم، ويدعون لله أن يمر اليوم بسلام، أما هم، فيجلسون فى منازلهم أمام شاشات التليفزيون، مفضلين البقاء على النزول للشوارع، حتى ولو كان اليوم «جمعة»، لا تزورهم سوى مرة واحدة كل أسبوع.