نائب رئيس هيئة البترول السابق: «أنقرة» لا تستطيع منازعة «القاهرة» فى مياهها الاقتصادية.. ورفضها اتفاقية الترسيم مع قبرص واليونان اعتراض على القوانين الدولية

07:47 م | الاثنين 19 فبراير 2018

قال المهندس مدحت يوسف، نائب رئيس هيئة البترول الأسبق، إن قيام مصر بترسيم حدودها البحرية مع قبرص واليونان أعطاها مصداقية دولية قانونية فى مسألة البحث عن الثروات واكتشافها. وأضاف، فى حوار لـ«الوطن»، أن هذا القرار يشجع الشركات الراغبة فى التنقيب على القدوم لمصر، مؤكداً أن تركيا لا تستطيع منازعة مصر فى حقوقها بمياهها الاقتصادية، معتبراً أن أى اعتراض تركى على اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر واليونان وقبرص هو اعتراض على الاتفاقيات والمعاهدات الدولية.

ما أهمية التعاون المصرى اليونانى القبرصى على صعيد التنقيب عن الثروات فى منطقة شرق البحر المتوسط؟

- هناك اتفاقيات لترسيم الحدود البحرية نهائية بين مصر وقبرص واليونان، وهذا الأمر أعطى لمصر الحق فى البحث عن الثروات فى المياه المصرية أو مناطق المياه الاقتصادية المصرية، وكل ما يخص الثروات الطبيعية فى تلك المياه أى المياه الاقتصادية فهو يخص مصر، ومصر لها السيادة والملكية التامة لكل ثرواتها فى هذا النطاق، وعندما قامت مصر بترسيم حدود المياه الاقتصادية مع اليونان وقبرص، هذا الأمر أعطى لمصر مصداقية أمام العالم كله، مصداقية قانونية دولية طبقاً لمعاهدات واتفاقات دولية، وبالتالى أصبحت مصر ملتزمة هنا بإجراءاتها القانونية الخاصة بالبحث عن الثروات فى المياه الإقليمية، ولهذا فإن الرئيس عبدالفتاح السيسى كان فرحاً بذلك الإجراء.

{long_qoute_1}

لماذا برأيك؟

- تخيل كم من الزعماء المصريين السابقين، سواء فى فترات القوة أو فى فترات الضعف، لم يقم أحدهم باتفاقية لترسيم الحدود البحرية لمصر، كان يمكن ترسيمها فى فترة الملك فاروق، وكانت تلك الدول وقتها صغيرة، وهذا الأمر لم يحدث من قبَل أى قيادة سياسية، اتفاقية التوصل إلى اتفاق لترسيم الحدود البحرية، سواء مع المملكة العربية السعودية من ناحية البحر الأحمر، ومن ناحية البحر المتوسط مع قبرص واليونان، لا يوجد بيننا وبين إسرائيل أى اتفاقيات لأن بيننا وبينهم فاصل هام جداً وهو قطاع غزة، ومياه غزة تفصل بين المياه الاقتصادية المصرية والمياه الاقتصادية الإسرائيلية، فليس لدى تل أبيب نوع من الاتصال المباشر بين المياه الاقتصادية الخاصة بها.

إذاً ما أهم المكاسب فى رأيك التى تعود من وراء تلك الاتفاقيات وترسيم الحدود؟

- بات لديك مصداقية دولية قانونية حيال المعاهدات والاتفاقات الدولية، وبالتالى أصبحت تلك الأراضى ليست للنزاع القانونى عليها، وبالتالى أى شركة دولية عندما تأتى لتبحث أو تنقب عن الثروات فى منطقة ما، وهى تدرك فى الوقت ذاته أن الدولة التى تنقب لها لديها الاتفاقيات القانونية التى تتيح لها التنقيب ولا نزاع عليها من أى دولة أخرى، فبالتالى تؤمّن الشركة نفسها من أى نزاعات مع دولة أخرى قد تتوقف على أثرها أعمال التنقيب والحفر عن الثروات وتنمية تلك المشروعات. مثلاً شركة «شيل» كانت تقوم بأعمال الحفر والتنقيب فى هذه المنطقة قبل الترسيم، لو افترضنا أن «شيل» توصلت لشىء فى مياه مصر فاعترضت قبرص وقالت إن هذا الاكتشاف تابع لها، وبالتالى كانت عملية التنمية للثروات والبحث عنها ستتوقف، ما يعنى أن ما قامت به الشركة من مصروفات وتكاليف للبحث سيضيع عليها، الأمر سيبقى محل نزاع إلى أن يتم البت فيه بصفة دولية، وبالتالى هذا يعنى أن المخاطر زادت على هذه الشركات، وهذه الشركات عندما تستثمر تريد أن يكون عامل المخاطرة فى أدنى الدرجات.

{long_qoute_2}

وكيف تنظر تركيا إلى هذا التنسيق وما الذى يقلقها؟

- تركيا لا تستطيع منازعة مصر، ولا يوجد أى تداخل بين البلدين فى المياه الاقتصادية فى البحر المتوسط، النزاع القائم بين قبرص وتركيا على أساس أمر لا دخل لنا به وعلى أساس ما يسمى بدولة قبرص التركية أو الشطر الشمالى من قبرص التركية، هذا الشطر تدافع عنه تركيا وتعطى له السند القانونى والأمنى والحقوقى، وتقول إنها تدافع عن حقوق الشطر الشمالى من قبرص، وترى أن الثروات الطبيعية يجب أن تأخذ موافقة الشطر الشمالى فى قبرص، والمشكلة أن العالم لا يعترف بقبرص الشمالية كدولة إلا تركيا هى الوحيدة التى اعترفت بها وبعد غزو كذلك، النزاع ينشأ من اعتراض الشطر الشمالى بخصوص الثروات والحقوق، وبالتالى عندما يتلاعب الأتراك بالمياه الاقتصادية فى قبرص يتلاعبون فيها باعتبار وجود حقوق لهم فيها، وذلك التحرك التركى حدث فى منطقة فاصلة بين قبرص الشمالية وباقى قبرص.

لكن وزير الخارجية التركى علق قبل أيام واعتبر أن اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر وقبرص غير قانونية، ما تعقيبك؟

- لماذا يقول إنها غير قانونية؟ الجانب التركى يرى أن قبرص عند ترسيم حدودها مع مصر لم تأخذ موافقة الشطر الشمالى القبرصى أى الشطر التركى، وعلى هذا الأساس يعارض الاتفاقية، لكن بهذه الطريقة عندما يتحدث فهو يعارض الاتفاقيات والقوانين الدولية، تركيا تتناسى تماماً أن قبرص دولة معترف بها من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى، ولهذا أصدر الاتحاد الأوروبى بياناً شديد اللهجة تجاه تحركات «أنقرة» صوب المياه القبرصية.

{long_qoute_3}

وما نتائج الاكتشافات المصرية فى هذه المناطق على مكانة مصر فى خريطة الطاقة العالمية؟

- الدول المتشاطئة فى شرق البحر المتوسط كلها قريبة من بعضها والمساحات بينها قليلة، تجمع الغاز الضخم والإنتاج الكبير هذا، فى ظل ما يعلنه الخبراء والموسوعات الدولية، من أن هذه المنطقة تعوم على بحيرة من الغاز ربما تصل إلى 287 تريليون متر مكعب، أين سيذهب هذا الغاز؟ أقرب مكان إلى تصديره والدولة الوحيدة التى لديها بنية تحتية وقدرة على توصيل الغاز إلى الشواطئ هى مصر، لا أحد لديه هذه الإمكانيات، فلديها أفضل شبكة بنية تحتية على مستوى الشرق الأوسط، تلك الشبكة تستوعب نحو 8.5 مليار قدم مكعب من الغاز فى اليوم، مصر تحولت لقبلة نتيجة قرب المسافات بين الدول الأمر الذى يسهّل عملية تداول الغاز، ولدى مصر محطتان «توتالة» ذات مساحات كبيرة، ولديها صناعات متقدمة وصناعات مستهلكة للطاقة ومحطات كهرباء ضخمة جداً تستطيع استيعاب كميات غاز كبيرة جداً.