حوادث على هامش «الشعلقة»: خدوش وكدمات وكسور

كتب: سلمى سمير

حوادث على هامش «الشعلقة»: خدوش وكدمات وكسور

حوادث على هامش «الشعلقة»: خدوش وكدمات وكسور

رحلة الأوتوبيس لا تمر بسلام على الجميع، الحذر مطلوب فى الكثير من الأحيان، خصوصاً وقت الزحام الشديد، لتفادى أكبر قدر من الخسائر، الخبرة قد تكون عاملاً مهماً للوصول إلى المحطة المطلوبة بأقل قدر من المشكلات، لكن «الأوتوبيس» لا يفرّق بين الكبير والصغير ولا يميّز بين صاحب الخبرة وغيره، ليقع فيه الشاطر قبل المستجد.

لم يكن أحمد أمين، 29 عاماً، يتوقع أن يكون واحداً من ضحايا الأوتوبيس، وأن تحدث له إصابة تبقى آثارها على جسده، البداية كانت مع دقات السابعة صباحاً عندما هرول مسرعاً كعادته ومعه وجبة إفطاره التى قام بإحضارها من إحدى عربات الفول القديمة بميدان السيدة عائشة، أعرق أحياء القاهرة، لحظات وقف فيها يلتقط أنفاسه وينظر إلى شاشة هاتفه، وما إن لمح الأوتوبيس يقترب منه ويتحرك من أول الكوبرى فى اتجاهه إلى المحطة، استعد ليبدأ رحلته اليومية فى معركته التى يبحث خلالها عن مكان داخل الأوتوبيس.

{long_qoute_1}

يوم 26 سبتمبر من العام الماضى كان من أسوأ الأيام التى مرت على «أحمد»، فقد وقع على الأرض مغشياً عليه بعد أن أسرع الأوتوبيس من حركته.. فقد «أحمد» توازنه، وهو واقف على الباب وسط الزحام الشديد: «الأوتوبيس سرّع جداً وهو على كوبرى الملك الصالح، والدنيا كانت زحمة جداً، ففقدت التوازن واتزحلقت وقعت على ضهرى والغريبة أن الأوتوبيس كمل فى طريقه عادى جداً».

10 أيام قضاها على السرير حتى تعافى: «أول ما وقعت ودونى المستشفى، لأن دراعى كان اتكسر وجنبى اتعور جامد»، أكثر ما يثير غضب الشاب العشرينى بعد الحادث هو عدم اهتمام سائق الأوتوبيس به بعد سقوطه على الأرض، وكأنه لم يره، وذلك رغم أصوات الركاب المطالبة للسائق بالتوقف: «اتضايقت جداً، لأن السواق كمل ومشى بسرعة، تقريباً خاف يكون جرالى حاجة، وفضل ماشى بسرعة جداً وحتى الكمسرى عمل نفسه ماشافنيش».

كلما يتذكر الحادث يُردّد «أحمد» بنبرة غاضبة: «رضينا بالزحمة والزحمة مش راضية بينا»، خطورة الإصابة التى مر بها لم تجعله يتوقف عن ركوب الأوتوبيس بعد ذلك: «سعره مناسب وبيوصلنى لحد البيت، باركبه دلوقتى، بس بقيت باخلى بالى وأحرص أكتر.. وفى الأول والآخر الحارس ربنا».

جدعنة وشهامة «عمر فوزى»، 20 عاماً، أوقعته فى مشكلة داخل الأوتوبيس، فعقب انتهائه من الدراسة بكلية طب الأسنان جامعة بنى سويف، وقف ينتظر الأوتوبيس المقبل للمحطة لينقله إلى مركز الواسطى: «كانت الدنيا زحمة أوى، والمغرب كان قرب يؤذن، والمحطة مليانة شباب ورجالة، ومافيهاش غير 3 بنات بس واقفين على جنب». ما إن وصل الأوتوبيس إلى المحطة وتدافع الركاب فى زحام شديد يتسابق كل منهم على الجلوس بمقعد: «الناس طلعت والبنات ماعرفتش تتزاحم، وطلعوا فى الآخر بس فضلوا واقفين، وفى الزحمة الشباب بدأ يحاوطهم من كل ناحية»، بحركة جدعنة قرّر «عمرو» القيام من مقعده، ليُجلس إحدى الفتيات مكانه: «والله حاولت أعمل حاجة أرضى بيها ضميرى، خصوصاً أنه كان فيه ولد حاول يمسك بنت منهم ويلزق فيها».

سؤال وجّهه «عمر» إلى إحدى الفتيات عما إذا قام هذا الشاب بمضايقتها، وهو ما ورطه بمشكلة: «أنا سألتها الواد ده عمل لك حاجة، ماردتش عليا، ففهمت أنها مكسوفة تتكلم، لكن الولد سمعنى واتحمق إنى قلت كده، لقيت الناس كلها بتهاجمنى علشان دافعت عنها، وإنى إزاى باتكلم كده»، انقسم الركاب داخل الأوتوبيس قسمين، الأول مؤيد لما قاله «عمر»، والآخر أنصف ذلك الشاب المتحرّش، مدّعياً أن ما حدث بسبب الزحام الشديد فقط: «السواق سمع الخناقة دى وكان عاوز يريّح دماغه بدل ما نودى الواد لأقرب قسم علشان يتعمل له محضر، لا كل اللى عمله إنه نزله من الأوتوبيس، وكمل الطريق عادى من غير وجع دماغ».

مطب صناعى مخالف تسبّب فى إصابة كريم أبوعنبر، 17 عاماً، من محافظة الغربية بكسر فى الذراعين وبعض الجروح، حيث إن بُعد المسافة بين مدرسته وبيته يجبره على أن يركب الأوتوبيس من مركز «سبرباى» وحتى مدينة طنطا: «السواق طلع المطب بغشومية كبيرة، وأنا كنت قاعد فى ظهر السواق جنب الباب».

ظل «كريم» قرابة الشهرين بعد الحادث لم يستطع أن يفرد ذراعيه ولا أن يحركهما: «كنت متضايق جداً كأنى مكتف إيدى، ومش عارف أحركها، كوعى كله جروح، ولسه معلمة لحد دلوقتى».. «إحنا بتوع الأوتوبيس» عبارة تُلخص حالة «كريم»، فرغم ما حدث له إلا أنه لم يتوقف عن استقلال الأوتوبيس حتى يذهب إلى مدرسته، حيث يضطر فى أحيان كثيرة لأن يجرى وراءه بمنتصف الطريق السريع حتى يتمكن من اللحاق به: «هو اللى موجود، وسعره على قد مصروفى بجنيه ونص بس.. أيوة بنكون راكبين فوق بعض، بس بديله الميكروباص بيكون أغلى وساعات باستناه وقت كبير».


مواضيع متعلقة