3 تجارب دولية ناجحة: تقليل تداول «الكاش» يبدأ من فرض القيود وتوعية المواطنين
![صورة أرشيفية](https://watanimg.elwatannews.com/image_archive/840x473/10935394631455641644.jpg)
صورة أرشيفية
حقق العديد من البلدان عموماً، ودول أفريقيا خاصة، تطوراً هائلاً وملحوظاً فى استخدام أنظمة تحويل الأموال التى تعتمد بشكل كبير على شبكات الهاتف المحمول التى تتميز بالأمان، وبالتالى يتم استخدامها على نطاق واسع.
وترصد «الوطن» تجارب 3 دول هى «نيجيريا، كينيا، الهند»، وتُعد من بين التجارب المهمة، مع اختلاف درجات نجاحها، فى تشجيع المدفوعات غير النقدية. فعلى سبيل المثال تبنّت جمهورية نيجيريا ما سمته «رؤية نيجيريا 2020» وهى الرؤية التى تهدف من خلالها إلى العمل على تنمية اقتصادها لتصبح من أكبر 20 اقتصاداً فى العالم بحلول 2020. وسعى البنك المركزى النيجيرى، فى إطار هذه الرؤية، لتطوير القطاع المصرفى للحد من الاعتماد على الاقتصاد النقدى، فتبنى سياسة الاقتصاد غير النقدى فى 2012، حيث تم تفعيل هذه السياسة فى ولاية «لاجوس» فى يناير 2012 مع فرض القيود على التعاملات النقدية فى تلك الولاية بداية من 30 مارس 2012 ثم نشر السياسة على مستوى الدولة فى يونيو 2012.
وتُعد التجربة النيجيرية من التجارب الهامة التى تستحق الالتفات لها نظراً للتحديات التى واجهتها فى بادئ الأمر، وما ترتب عليها من نتائج، ففى إطار هذه السياسة اتخذ البنك المركزى النيجيرى عدداً من الإجراءات وتفعيل بعض القواعد ومنها عدم السماح بنقل الأموال النقدية من مكان لآخر إلا من خلال شركات نقل الأموال المرخص لها بذلك مع توقيع غرامات على البنوك التى تقدم خدمات نقل الأموال النقدية، وعدم جواز صرف الشيكات التى تتعدى قيمتها ما يعادل 750 دولاراً من شباك البنك وإنما يتم تحصيل الشيك من خلال بيت المقاصة.
وتضمنت تجربة نيجيريا تطبيق الحدود القصوى للتعاملات النقدية بشكل يومى تراكمى، أى إن الحد الأقصى للتعاملات النقدية المسموح بها يتم حسابه على كافة المعاملات التى يقوم بها الفرد أو الشركة فى اليوم الواحد بكافة الصور، سواء من خلال السحب النقدى من الشباك أو من ماكينات الصراف الآلى أو صرف الشيكات نقداً من البنك. ويتم تحصيل مقابل خدمة قدره 3% بالنسبة للأفراد و5% بالنسبة للشركات من إجمالى المبلغ الذى يفوق الحد الأقصى للتعامل النقدى فى اليوم الواحد.
وعلى صعيد التجربة الكينية، تم إطلاق برنامج M-Pesa فى كينيا فى عام 2007، ويرمز حرف الـ«M» إلى كلمة «Mobile» أى الجوال وكلمة «Pesa» تعنى «مال» باللغة السواحيلية. وكان الهدف من هذا النظام فى الأصل هو إتاحة الفرصة للمقترضين لسداد القروض متناهية الصغر عن طريق الهواتف المحمولة، وبصفة عامة تحويل الأموال. ثم أصبح برنامج M-Pesa فيما بعد هو نظام السداد عبر الهاتف المحمول، وتم استخدامه من قبَل ما يقرب من 17 مليون كينى فى 2013 (تقريباً ثلثا السكان البالغين)، وذلك لأنه قد أتاح للأشخاص فرصة تحويل الأموال عن طريق استخدام هواتفهم المحمولة، كما مكّنهم من سداد القروض، وتوفير المنتجات، ودفع الفواتير، وصرف الرواتب. وقد شهد هذا البرنامج نجاحاً وإقبالاً كبيراً حتى فى المناطق الريفية. وقد قامت كل من تنزانيا وأفغانستان بإطلاق برامج مثيلة له. ومنذ إطلاق البرنامج، وفى أقل من سنتين، أصبح الوسيلة الأولى لتحويل الأموال، حيث تتم 50% من التحويلات من خلاله، وعلى الرغم من كون M-Pesa برنامجاً محدوداً فى مجال تطبيقه (بالمقارنة بالتجربة النيجيرية) فإنه يُعد خطوة هامة فى طريق تعميم التعاملات غير النقدية والوصول إلى تطبيق سياسة اقتصاد غير نقدى متكاملة على المستوى الوطنى من خلال تفعيل السياسات التى تشجع المعاملات الإلكترونية. وتماشياً مع هذا الاتجاه، صدر العديد من كروت الدفع الإلكترونى المدفوعة مقدماً لتمكين المواطنين من سداد قيمة النقل العام وغيرها من الخدمات. كذلك أصدر وزير المواصلات الكينى فى مارس 2014 اللائحة الداخلية للهيئة القومية للنقل والأمان التى تنص على التزام كل من يدير إحدى وسائل مواصلات النقل العامة بأن يزود الركاب بإيصالات للأجرة المدفوعة وأن يطبق نظام مدفوعات غير نقدى بدءاً من 1 يوليو 2014. وكان من المتوقع أن يؤدى هذا النظام إلى خفض الفساد فى هذ القطاع الهام بنسبة 70%.
وعلى نطاق أوسع، فقد طرحت حكومة الهند برنامج نقل المزايا المباشر فى عام 2013 فى محاولة لإصلاح عملية تحويل الدعم والإعانات، فوفقاً لهذا البرنامج، قامت الحكومة بتحويل الدعم مباشرة إلى أفراد الشعب من خلال حساباتهم المصرفية بهدف الحد من التسريبات والمماطلات، بالإضافة إلى زيادة الشفافية.
وفى سبتمبر 2015، توسع هذا البرنامج ليشمل دعم المواد الغذائية من خلال مشروع قانون دعم المواد الغذائية الذى تقدر تكلفته بما يعادل نحو 18 مليار دولار. وتشير وزارة المالية الهندية إلى أن هذا البرنامج قد أدى إلى انخفاض بيع الغاز المدعم بنسبة تبلغ (24%)، نظراً لاستبعاد «المستفيدين غير المباشرين»، مع تحقيق مدخرات كبيرة للحكومة الهندية، ووفقاً للمعطيات فإن حجم البرامج الرقمية الجديدة فى الهند فى تزايد واضح، مما يمهد الطريق أمامهم لتنفيذ البرامج غير النقدية الناجحة.