المشهد الناقص.. "بدل فاقد"

مروة مدني

مروة مدني

كاتب صحفي

في نهاية كل عمل فني، سينمائي أو درامي، ومع انتهاء المشهد الأخير، خاصة في الأعمال التي نرتبط بأحداثها ونتوحد معها، يظل خيالنا منطلقاً مع الأحداث فيما بعد النهاية، ولا يتوقف، وقد نصنع مشهداً من رؤيتنا، نشبع به الحالة التي نعيشها، كنهاية إضافية للنهاية الأصلية في مشهد نبحث عنه ونراه مكملاً.

هذا هو "المشهد الناقص"!

(بدل فاقد)

ـ مشهد داخلى ليلاً بإحدي المستشفيات

"فارس" يرقد على تروللي بعد تلقيه رصاصة بدلاً من أخيه و"نبيل" يقود التروللي بكل خوف وتعجب بعد ما أنقذه "فارس" وضحى بنفسه من أجله ... إنهما ليسا أخوين حقيقيين ولكنها مجرد صلة دم لا تستدعى أن يغامر بحياته من أجله فهو لا شىء .. مدمن - فاشل - قاتل - حياته فارغة مليئة بالأخطاء وآخرها خطأ قتل أخيه بدلاً منه.

 ظل "نبيل" يحادث نفسه كثيراً وجاء الشيطان ليلعب برأسه .. ماذا لو مات "فارس" وأخذ مكانه وهرب من كل تلك المشاكل وقام بالمساومة مع "عزت" لإخراجه أمام أن يتزوج "مى" ويسافر ويترك البلد وكل ما عاشه ويلحق بوالدته باسم "شريف"؟ ... ظل يتخبط بين شيطانه وملاكه وكأنهما اثنين فى حلبة مصارعة ينتظر فوز أحدهم ليرتاح ويختار ليوقظه من معركته صوت "فارس" فى سريره قبل دخوله العمليات .....

 فارس: نبيل ......

نبيل: ما تتكلمش يا فارس .. الكلام خطر عليك.

فارس: مفيش وقت .. لازم تسمعنى ...

نبيل: قبل ما أسمعك نفسى أعرف .. إنت أنقذتنى ليه؟!

فارس: عشان إنت تستحق فرصة للحياة يا نبيل .. أنا عشت دنيتى بطولها وعرضها وعملت واجبى  لبلدى وشغلى ويوم ما أقابل وجه كريم هأقابله وأنا مرتاح الضمير .. وكمان عشان ألحق حبايبى .. مراتى وإبنى .. أكيد مستنيينى فى الجنة وأنا مشتاقلهم أوى ....

يكمل: لكن مش ده بس السبب يا نبيل .. أنا عايز أديك فرصة تبقى إنسان وتعمل حاجة واحدة لبلدك وتنقذها من أمثال "عزت" اللى دمروا شباب زيك وزى صاحبك اللى مات .. شباب زيك كل يوم بيموتوا ومحتاجين اللى ينقذهم .. دى فرصتك يا نبيل.

كان نبيل يستمع وينظر لأخيه وهو سعيد و يبكى أيضاً فكان فى حاجة للنصيحة.. لمن يرشده .. لمن يوجهه وها هو أخوه يقوم بدور الأخ الحقيقى ......

نبيل: حاضر يا فارس ...تارك وتار كل اللى قتلهم عزت فى رقبتى.

فارس: أيوة كده يا نبيل .. خلينى أموت وأنا مطمن ...

نبيل: بعد الشر عليك يا أخويا.

فارس: الله حلوة أوى كلمة أخويا منك يا نبيل ... ليا طلب تانى يا أخويا …

نبيل: أؤمرنى ...

فارس: إتجوز مى وربي إبنك وإوعى تسيبه للشارع ولأمثال عزت وخليه إبن حلال....

في تلك اللحظة قام "نبيل" باحتضان "فارس" بشدة بحضن عوضه عن كل حرمان السنين من الحب الحقيقى ليفارق "فارس" الحياة فى نفس اللحظة فيبكى نبيل لافتقاده الأخ والصديق....

ينفذ "نبيل" وعده وتسبب فى سجن "عزت" ليأخذ حكماً مع إيقاف التنفيذ لإرشاد الحكومة عن البضاعة و "عزت" ثم تزوج "مى" ... ومع مرور أول سنة على وفاة "فارس" قام "نبيل" بزيارة قبر أخيه ومعه ولده فى زي ضابط.....

نبيل ووجهه يحمل ابتسامة رضا: وحشتنى يا فارس .. جيتلك النهاردة بعد ما وفيت بوعدى وجيبتلك معايا إبنى .. إبن الحلال .. الظابط فارس ....

يكمل مشيراً لإبنه: سلم على عمك يا فارس ....

ينظر الطفل لقبر عمه ثم يقوم بعمل التحية العسكرية بكل جدية.