«مالية» قهرت الفقر بابتسامة وحزمة خضار وعلم مصر: «افتكرونى بصورة حلوة»

08:10 م | الجمعة 29 ديسمبر 2017

التجاعيد ملأت وجهها، وبان التعب والشقاء عليها، تسير وهى مرتدية عباءة قديمة مزركشة، وقبعة فوق رأسها، لكن ألوانها باهتة من كثرة تعرّضها للشمس الحارقة، تسكن فى منزل أسقفه من ركائز الخشب، أغرقته مياه الأمطار المتسرّبة عبر شقوق جدرانه. تبلغ الحاجة «مالية عبدالخالق أبوصالح»، 85 عاماً، تعيش بمفردها عقب وفاة زوجها منذ 15 عاماً، تزرع الخضراوات فوق سطح منزلها، وتبيعها كى تُنفق على نفسها. أصرت على أن يكون علم مصر وسط الزراعات فوق المنزل، بمرور الوقت اشتُهرت بين جيرانها، حتى أصبحت جزءاً من معالم قرية فؤاد التابعة لمركز فوه بمحافظة كفر الشيخ. تزوجت «مالية» فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر ولم تنجب أبناءً، وتوفى زوجها منذ 15 عاماً: «من وقتها قمت بوضع تراب ردم فوق سطح المنزل وبدأت أزرع خس وفجل وجرجير، وأبيعه علشان أقدر أصرف على نفسى، لأن حالتى على قدها، حطيت علم مصر من سنين وسط الزراعات علشان باحب مصر، لأنى منها وباعشق ترابها».

تستيقظ فجراً لتروى الزرع بسبب انقطاع المياه نهاراً، معاشها يبلغ 500 جنيه: «مايعملوش حاجة، علشان كده باشتغل وباصرف على نفسى»، وبابتسامة تقهر الفقر تقف شامخة وسط زرعها، لعل الأيام تجود عليها بحلوها، لتعيش الباقى من عمرها فى سعادة، لا تتمنى السيدة الثمانينية سوى أن يتوفاها الله وهو راضٍ عنها، كما تتمنّى أن تُلتقط لها عدة صور فوتوغرافية، لتكون ذكرى بين الأهالى بعد وفاتها: «نفسى يبقى ليا صورة حلوة».