القدس وعد النصر الإلهى للمسلمين

مجدى علام

مجدى علام

كاتب صحفي

سورة الإسراء هى سورة الإسراء والمعراج والوعود التى تحققت بعدها، وبقى آخر الوعود فيها ندعو الله أن نعيش لنراه، ففى مقدمة الآية «سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى» وكان هذا الوعد الأول فى السورة الذى تحقق، فلم يكن المسجد الحرام مسجداً فيه سجود بل كان بيتاً للكفر شاهداً على الكفار، كما حدد القرآن، فأصبح مسجداً لموضع سجود المسلمين فيه كما سجد أبوهم آدم وإبراهيم وإسماعيل بهيئة سجود المسلمين، وكان وعد تحول المسجد الأقصى إلى مسجد هو الوعد الثانى الذى تحقق، وهنا ومنذ ثلاثين عاماً كتبت فى مصحفى وشرحت لرفاقى فى العمرة خطأ شائعاً بين مفسرى القرآن فى تفسير الوعدين، حيث اجمعوا على أن الأول لفناء إسرائيل أيام «بختنصر» الذى قضى على ملك إسرائيل، والثانى فى أيام عمر بن الخطاب حيث اعتبرهم المفسرون هم المنتصرين وهذا خطأ لأن القدس فتحت بهزيمة ملك الروم وليس ملك إسرائيل وكان اليهود يحاولون إفسادها بالخمر والزنا والربا فاشترط قساوسة القدس فى العهدة العمرية عدم دخولهم المدينة وهو ما تحقق لهم.

وهكذا فإن الوعد الثانى بالعباد لله الذين يدخلون المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيراً لم يتحقق بعد وهذا نص حديث الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يقول الحجر للمسلم إن ورائى يهودياً فاقتله، والدليل أن العودة الثانية لملك بنى إسرائيل هى إسرائيل الحالية، هذه العلامات التى لم تتحقق فى تاريخهم كله إلى الآن وهى «ثم رددنا لكم الكرة عليهم» لاحظ أن عليهم تفيد وجود من هزموا اليهود فى الأولى وليس هذا إلا المسلمون الذين انتصر أجدادهم على الروم ونفذوا عهدهم بمنع بنى إسرائيل من دخول القدس وانتشروا فى الشتات، بل إن سورة الحشر تؤكد هذا المعنى بالتنبؤ بدخول القدس بعد معركة الأحزاب.

حيث نصت سورة الحشر «وأورثكم أرضهم وديارهم» أى فى المدينة، «وأرضاً لم تطأوها» ومن المؤكد أن المعنى هنا أرض لم يدخلها الصحابة من قبل وهى القدس وليس ديار بنى قريظة، إذاً المرة الأولى هى النصر العمرى والعهدة العمرية

لنصارى القدس، والثانية لم تأتِ بعد، إذ لم تتحقق شروط المنهزمين من اليهود ولا المنتصرين من المسلمين بعد، هنا نعود لشروط علامات قضاء الله لبنى إسرائيل فى التوراة وسبب هزيمتهم أن سورة الإسراء بعد أن أشارت إلى إسراء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم دخلت مباشرة فى شرح تفصيلى وتاريخى عجيب إذ نصت «وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبنى إسرائيل ألا تتخذوا من دونى وكيلاً» إذاً هناك شرطان أن يهتدوا بالتوراة ولا يلجأوا للمفسدين والظلمة بالربا والاعتداء على الحرمات مثلما أوعزوا للرومان قتل «عيسى». ولذلك كان عقابهم الأول بإخراجهم من العيش فى القدس وشتاتهم فى عدة دول بل أخرجوا من المدينة أيضاً، وتطبيقاً للهزيمة الأولى أنها من المسلمين فى القدس والمدينة، فإن الهزيمة الثانية تشير أيضاً إلى المسلمين لأن شرط الثانية للمنتصر وهم المسلمون أنهم دخلوا المسجد قبل ذلك وهذا لم يحدث مع «بختنصر» والشرط الثانى «ليسوءوا وجوهكم» وهو إذلال الهزيمة وتطبيق «وكتبنا عليهم الذلة والمسكنة» والعيش بحالة العبيد، والشرط الثالث «ليتبروا ما علوا تتبيراً»، وهو شرط واضح يربط بين المنتصر فى المرة الأولى والمرة الثانية، ولا يمكن أن يكون هذا سوى المسلمين فلا يجدر أن نقول عن «بختنصر» وجنوده إنهم عباد لله بمعنى أنهم مؤمنون به إذ كانوا مشركين، فالآيات واضحة أنهم نفس الديانة التى انتصرت ودخلت المسجد فستدخله مرة أخرى، هنا شرط رابع عجيب يخص هؤلاء المنتصرين وهم المسلمون أن معنى هذا واضح أن المسجد سيمنع فيه دخول المسلمين منعاً باتاً، وهو شرط اقترب «ترامب» من تحقيق وعد بنى إسرائيل فى الثانية.

ولذلك فإن هناك طائفة يهودية يعيشون فى إسرائيل وأمريكا يؤمنون أن عودة ملك إسرائيل ومنع الصلاة بالمسجد الأقصى وتجميع اليهود من الشتات هو القضاء على بنى إسرائيل وفناؤهم، فتعالَ ننظر فى الشروط التى تحققت للعلو الأول لبنى إسرائيل والعلو الثانى أى الانتصار الأول والثانى، فإذا اتفقنا أن التداول بين طرفين هم اليهود والمسلمون يكون القرآن قد شرح فصلاً غامضاً فى تاريخ بنى إسرائيل بسطوتهم دون ملك بالعلاقة مع الرومان والسيطرة المالية والانتشار الكبير فى عدة دول فى عالم الشتات بعد ضياع ملكهم مرتين بعد «سليمان»، وأصبح علوهم الأول مكانتهم عند الملوك فى عدة دول وأشهرها الدولة الرومانية التى نصرتهم حتى على مسيحييها ثم جاء عباد لله هم عمر والصحابة فقضوا على علوهم فجاسوا خلال الديار سواء فى المدينة وهو ما أكدته سورة الحشر وبإخراجهم من ديارهم من القدس كما فعل «عمر» فما هى شروط الانتصار الثانى للوعد الثانى، فسورة الإسراء فى الصفحة قبل الأخيرة تشرح هذا «فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفاً» أى ينتهى الشتات وتجتمعون فى القدس، ثم نعود لشروط الصفحة الأولى للسورة فنجد «رددنا لكم الكرة عليهم» أى تهزمون المسلمين، «وأمددناكم بأموال وبنين» وهو أمر واضح، «وجعلناكم أكثر نفيراً» وهذه تحمل معنى الإعلام القوى وليس فقط صوت النفير المؤذن للحرب وكذلك تعنى قوة جيش إسرائيل، والشرط الأخطر واضح «ولتعلن علواً كبيراً» أى سيطرة كاملة على العالم كله تخضع لها رقاب، لاحظ أن تعبير القرآن «علواً كبيراً» تعبير مخيف إذ يعنى إذلال الطرف الآخر إذلالاً بيناً وهو ما يحدث الآن وهو ما يعنى أن نصر المؤمنين لن يتحقق إلا بشرطين: يذيقهم اليهود الذل، وهو واضح، ولذلك أول رد اعتبار للمسلمين بعد أن ينتصروا فى المرة الثانية أن يسوءوا وجوه اليهود بالذل، والأخطر أن القرآن أنبأ بمنع المسلمين من دخول المسجد الأقصى وهو شرط واضح لبدء النصر الثانى، وإن نصر ربك لقريب.. والله أعلم.