مصطفى بكرى يكتب: المخطط الجديد شفيق «كلمة السر».. الانتخابات «ساعة الصفر»

كتب: مصطفى بكرى

مصطفى بكرى يكتب: المخطط الجديد شفيق «كلمة السر».. الانتخابات «ساعة الصفر»

مصطفى بكرى يكتب: المخطط الجديد شفيق «كلمة السر».. الانتخابات «ساعة الصفر»

وصل الفريق أحمد شفيق، مساء أمس الأول «السبت»، إلى القاهرة. لقد جرى ترحيله من العاصمة الإماراتية «أبوظبى».. حيث كان يقيم هناك منذ السادس والعشرين من يونيو 2012، أى بعد الإعلان عن فوز محمد مرسى بمنصب رئيس الجمهورية مباشرة.

لقد جرى ترحيله على متن طائرة من نوع «شالنجر» رحلة رقم (A 202) برفقة 22 فرداً إماراتياً، عُهد إليهم بتسليمه إلى القاهرة.

تضاربت الأنباء حول موعد وصوله، وفى نحو السادسة والنصف مساء جرى استنفار أمنى كبير، تم منع دخول السيارات إلى أماكن قريبة من المطار، وتم إبعاد الكثيرين من صالة المطار التى قيل إنه سيخرج منها، وقد جرى إبلاغ الصحفيين وأقاربه أن «شفيق» سيخرج من صالة (4) وهى الصالة الخاصة، حيث كان فى انتظاره هناك اثنان فقط من أقاربه ونحو خمسة عشر شخصاً من أنصاره.

{long_qoute_1}

لم يكن من بين الوجوه الحاضرة أحد من الشخصيات الشهيرة التى تنتمى لحزب الحركة الوطنية (حزب أحمد شفيق)، ولم يكن هناك أحد من الشخصيات المعروفة التى كانت تدير حملته الانتخابية، وهى كلها أمور عكس ما كان يُصوَّر لشفيق من قبَل بعض الذين كانوا يزورونه فى الإمارات.

وبينما الكل ينتظر فى صالة (4) إذا بأربع سيارات، من بينها سيارة «مرسيدس» سوداء، كانت تنتظر فى مكان آخر، لقد هبطت الطائرة بعد الساعة السابعة بقليل، وكان رجال الأمن ينتظرونه أسفل الطائرة، حيث جرى اصطحابه بإحدى السيارات التى اتجهت إلى الصالة (27) صالة كبار الزوار فى المطار القديم.

وبسرعة البرق تم إنهاء إجراءات وصوله، وتم اصطحابه فى الموكب الذى كان ينتظره خارج المطار ليمضى سريعاً نحو جهة مجهولة لم يجرِ الإفصاح عنها لأحد، بينما فوجئ الآخرون الذين كانوا ينتظرونه فى صالة (4) بأن أحمد شفيق قد غادر المطار.

قبيل أن يصل أحمد شفيق إلى القاهرة كانت كل الاستعدادات قد جرت لاستقباله من قبَل ثلاثة أشخاص من المقربين إليه، والذين سافر أحدهم خصيصاً إلى هناك قبلها بعدة أيام. لقد كانت الخطة تقضى بأن يعلن الفريق شفيق عن ترشحه من دولة الإمارات العربية المتحدة، ثم يغادر إلى باريس، ومن هناك يبدأ جولة بين عدد من العواصم الأوروبية، ويُجرى المقابلات مع عدد من المسئولين فى هذه الدول للحصول على دعمها وتأييدها له فى الفترة المقبلة.

وكانت «باريس» هى المحطة التى سيجرى منها إعداد «الطبخة» كاملة، وفق سيناريو جرى الاتفاق عليه مع عدد من الشخصيات الهامة التى أبلغته دعمها لترشحه على منصب رئيس الجمهورية، وأنها وبالاتفاق مع دولة «قطر» سوف تتولى الصرف على الحملة الانتخابية بمبالغ خيالية، ويا للعجب، فقد كانت هذه الشخصيات ينتمى بعضها إلى جماعة الإخوان. {left_qoute_1}

كان أيمن نور هو مهندس الصفقة الذى مهّد لها، حيث عمل على محورين أساسيين؛ الأول: الاتصال ببعض قيادات جماعة الإخوان من التنظيم الدولى، ومن مكتب الإرشاد فى مصر، وكان محور اتصالات أيمن نور قد جرى بينه وبين ثلاثة من أهم هذه القيادات هم «عمرو دراج، ومحمود غزلان، ومحمد محسوب»، والثانى: كان من خلال إمارة قطر، وجهاز الاستخبارات التركية، حيث تتولى قطر دفع أموال الحملة الانتخابية الرئاسية، على أن تتولى الاستخبارات التركية التنسيق لحماية أحمد شفيق ومتابعة تحركاته فى أوروبا، مع عدد من أجهزة الاستخبارات الدولية.

كان جهاز المخابرات العامة المصرية يتابع هذه التحركات خارج البلاد، وكان يرصد، من خلال مصادره الخاصة، تفاصيل الاتفاقيات وسيناريو الخطة المقبلة لترشيح الفريق أحمد شفيق لرئاسة الجمهورية، بحيث يجرى تنفيذ هذا المخطط مع بدء إعلان ترشحه.

كانت الحقائق صادمة، لقد قبل الفريق شفيق بالسيناريو كما أُعد له، وكان موعد اللقاء فى باريس مع عناصر الجماعة التى بعثت بمندوبيها إلى العاصمة الفرنسية «باريس» لتكون فى استقباله، حيث يجرى الاتفاق على التفاصيل.

لم تكن الاستخبارات القطرية بعيدة عن هذه التحركات، لقد جرى رصد مبلغ ضخم للصرف على الحملة فى الخارج والداخل، وكانت خطة الخارج تشمل حشد وسائل الإعلام الهامة لدعم الفريق شفيق وكالة «رويترز»، صحيفة «نيويورك تايمز الأمريكية» صحيفة «الجارديان» البريطانية، ووسائل إعلام وفضائيات أمريكية وبريطانية وفرنسية وغيرها.

وكانت الحلقة الثانية فى هذا السيناريو تقضى بالتواصل وتقديم رشاوى مالية إلى عدد من المنظمات العاملة فى مجالات دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان، لإصدار البيانات التى من شأنها دعم ترشح الفريق شفيق وتبنِّى متابعة حملته لرصد أى تجاوزات قد تجرى خلال الحملة، والتشهير بمواقف السلطات المصرية حال وجود أى تجاوزات، ومطالبة المجتمع الدولى بالتدخل ضد مؤسسات الدولة المصرية تمهيداً لتكرار سيناريو الانتخابات الرئاسية فى «أوكرانيا» عام 2004، حيث أجبر الغرب روسيا ودولاً أخرى على إعادة الانتخابات الرئاسية مرة أخرى رغم الإعلان عن فوز المرشح الرئيسى «يانونكوفيتش» المقرَّب من روسيا، وفى الإعادة كان سيناريو توظيف «الميديا»، ومنظمات المجتمع المدنى قد جرى إعداده جيداً، فتم الحسم فى النهاية لصالح مرشح الثورة البرتقالية المقرَّب من الدوائر الغربية «فيكتور يوشنكو» الذى أعلن عن فوزه حتى قبيل الانتهاء من فرز صناديق الانتخابات كاملة..!!

إذاً يبدو أن هناك من رأى إمكانية تكرار هذا السيناريو خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة، ليتوازى مع سيناريو التنظيم الذى ألقت المخابرات العامة المصرية القبض عليه مؤخراً والذى تورط فيه عدد ليس بالقليل من المصريين مع الاستخبارات التركية والتنظيم الدولى للإخوان، لتنفيذ خطة إسقاط الدولة من خلال ثلاث مراحل هى «الإرباك- الإنهاك- الحسم»، حيث تم الاتفاق على أن تكتمل المراحل النهائية لتنفيذ المخطط مع بدء الانتخابات الرئاسية فى النصف الأول من عام 2018.

كانت «باريس» هى محطة الانطلاق للمخطط الجديد الذى جرى الاتفاق عليه مع الفريق أحمد شفيق من خلال أحد الوسطاء، ثم عبر اتصالات هاتفية من الخارج. والغريب فى كل ذلك أن حالة من الغرور قد أصابت الفريق شفيق إلى درجة أنه لم يكن يعطى بالاً لاحتمال أن يلتقط أحد الأجهزة هذه المكالمات التى جرى تسجيلها، فكانت دليلاً مدعماً وقاطعاً لن يستطيع أحد التشكيك فيه.

{long_qoute_2}

ومنذ عدة أشهر كان جهاز المخابرات العامة يتابع كل التفاصيل، والاتصالات، والاتفاقات، ولم يراجع الفريق شفيق نفسه طيلة هذه المدة، بل راح ينجرف حتى النهاية، ليكون أداة تنفيذ هذا المخطط.

أما الإخوان فقد وجدوها فرصة، وقد وعدوا أيمن نور بمزيد من الدعم فى هذا الوقت، على أن يستمر فى إكمال مهمته التى جرى بمقتضاها تحقيق الاتفاق بين أحمد شفيق والإخوان من ناحية، وبين أحمد شفيق والحكومة القطرية من ناحية أخرى.

كانت خطة الإخوان تقوم على عدة سيناريوهات أساسية:

- أن مرحلة الانتخابات الرئاسية المقبلة هى المرحلة الحاسمة فى تاريخ الصراع بين الجماعة الإرهابية والدولة المصرية، وأنه لا بد من حشد كافة الإمكانات لإسقاط الرئيس عبدالفتاح السيسى فى الانتخابات المقبلة.

- أن استغلال استعداد الفريق أحمد شفيق للترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة هو وحده الذى سيساعد على تنفيذ المخطط، خاصة أن لدى جماعة الإخوان قناعة بأن المجتمع المصرى سينظر إلى أحمد شفيق على أنه «رجل دولة» وقيادة عسكرية سابقة ورئيس وزراء أسبق، وقد حقق فى الانتخابات الرئاسية فى عام 2012 أكثر من 12 مليون صوت، كما أن مواقفه ضد جماعة الإخوان معروفة ولا أحد يستطيع التشكيك فيها.

- أن ترشح أحمد شفيق كفيل بجمع كافة المتناقضات المجتمعية إلى جانبه كمرشح وحيد لها فى مواجهة الرئيس السيسى، ومن بينها المجموعات التى شكّلها ممدوح حمزة (16 أبريل، الاشتراكيون الثوريون، وأيضاً بعض المرشحين السابقين)، وكل ذلك سوف يسهّل من مهمة الإخوان بالوقوف خلفه ودعمه وتنفيذ المخطط من خلاله، سواء وعى أبعاده أم لم يعِ.

- أن الاتصالات الأولية مع الفريق شفيق أكدت استعداده للانخراط فى المخطط، ظناً منه أن ذلك من شأنه أن يحقق حلمه فى تولى منصب رئيس الجمهورية للفترة المقبلة، وهو ما كشفت عنه الاتصالات التى جرت بينه، وبين بعض هذه الرموز.

كان الإخوان قد أعلنوا حالة الاستنفار بين عناصرهم الرئيسية، وعُقد فى الخارج العديد من اللقاءات والاجتماعات لمناقشة حلقات هذا المخطط الذى سوف تشارك فيه عناصر إقليمية ودولية، وعندما تم الاتفاق على كل شىء راح أحمد شفيق يفاجئ الجميع ليعلن فى ضربة استباقية إعلان ترشحه بعد أن سجل فيديو سلمه لوكالة «رويترز»، وآخر جرى توصيله إلى قناة الجزيرة، زعم فيه أنه ممنوع من السفر.

لم ينتظر أحمد شفيق حتى يغادر العاصمة الإماراتية إلى باريس، بل راح يقرر الإعلان من أرض الإمارات التى فوجئت بهذا التصرف الذى استهدف من ورائه أحمد شفيق وضعها فى موقف حرج، حتى يبدو الأمر وكأنها تدعم تنفيذ هذا السيناريو، وهو أمر يلتقى مع رغبة جماعة الإخوان التى لم تنسَ للإمارات دعمها لمصر ووقوفها إلى جانب ثورة 30 يونيو منذ الأيام الأولى.

وربما تكشف التحقيقات عن مفاجآت مدوية، وهى كلها مدعمة بالوثائق والمستندات والتسجيلات التى قد تسبب صدمة للكثيرين، خاصة عندما تأتى من شخصية بوزن أحمد شفيق الذى كانت له مواقفه التى لا تنكر فى وقت سابق من جماعة الإخوان.

عندما حطت الطائرة التى تقل الفريق أحمد شفيق فى مطار القاهرة، كان هناك أكثر من سيناريو مطروح:

السيناريو الأول: هو ترك أحمد شفيق يذهب إلى منزله، ثم استدعاؤه فى وقت لاحق للتحقيق معه فى الاتهامات الموجهة إليه، وهى اتهامات تمس الأمن القومى للبلاد.

السيناريو الثانى: نقله من المطار مباشرة إلى مكان غير معلوم، حفاظاً على حياته ولتقديمه إلى جهات التحقيق مباشرة.

وسواء كانت دولة الإمارات تعلم بأمر القضية أو لا تعلم، فإن إجراءات الترحيل التى اتخذتها هى إجراءات قانونية وطبيعية، فأحمد شفيق لم يكن لاجئاً سياسياً، وإنما مواطن عادى، وبعد أن تطاول على الدولة تم إلغاء تأشيرته، ومن ثم يتوجب ترحيله إلى بلده، وليس إلى أى مكان آخر.

لقد كان خبر ترحيل أحمد شفيق إلى مصر صدمة لجماعة الإخوان ولأيمن نور (عراب الصفقة) الذى من المتوقع أن يكون واحداً من المتهمين فى القضية، ذلك أن قرار ترحيله لخبط كافة السيناريوهات التى أعدتها قطر وتركيا مع التنظيم الدولى لجماعة الإخوان فى استغلال أحمد شفيق وترشحه فى الانتخابات الرئاسية لإثارة الفوضى فى البلاد ودفع المجتمع الدولى إلى اتخاذ قرارات تقضى بالتدخل فى الشئون الداخلية للبلاد، مما سيمهد الأمر لسيناريوهات خطيرة رصدها رجال المخابرات المصرية خلال متابعتهم لهذه القضية الخطيرة التى تأتى كضربة ثانية فى أقل من شهر لإجهاض المخططات الرامية إلى إسقاط الدولة المصرية.

وعندما يتم الإفصاح عن المعلومات والسيناريوهات التى تكشفها هذه القضية سوف يدرك الكافة أن المسألة أبعد من الترشح لرئاسة الجمهورية من عدمه، القضية متعلقة بأمن مصر واستقرارها، والتصدى لكافة المخططات التآمرية التى تتخذ وجوهاً عديدة ومتعددة بهدف إسقاطها.

أما هؤلاء الذين تعودوا ادعاء الأكاذيب وتزييف الحقائق، فهم يدركون حقائق ما جرى، وما زالوا يعيشون فترة الصدمة والهذيان، ومن ثم يطلقون أسلحتهم الفاسدة فى كل مكان، وغداً تدور الدوائر عليهم وعلى كل من يساندونهم للقضاء على هذا الوطن الذى سيظل قوياً وصامداً ما دام على أرضه هذا الشعب العظيم وكل الشرفاء والمخلصين الذين يضحون من أجل الوطن ووحدته وعزته واستقلاله.


مواضيع متعلقة