الأدب فى سينما شادية: «الدلوعة» تتلألأ فى روائع «محفوظ والسباعى وعبدالقدوس»

كتب: نورهان نصرالله

الأدب فى سينما شادية: «الدلوعة» تتلألأ فى روائع «محفوظ والسباعى وعبدالقدوس»

الأدب فى سينما شادية: «الدلوعة» تتلألأ فى روائع «محفوظ والسباعى وعبدالقدوس»

عباءة سوداء ترسم تفاصيل جسدها، تسير بخطوات ثابتة كاشفة عن ذراعيها، تفتح أبواب الخيال للعيون المتعلقة بها، فهى «حميدة اللى تستاهل تقلها دهب»، فى فيلم «زقاق المدق»، وفتاة الليل التى تقع فى حب المجرم الهارب سعيد مهران فى «اللص والكلاب»، و«فؤادة» أو المرادف الآخر للثورة، عندما تتحدى الجميع وتفتح «الهاويس» لترى المياه تملأ تجاويف وشقوق الأرض المتعطشة فى «شىء من الخوف»، عشرات الأعمال شاهدة على تمكن «شادية» من أدواتها الفنية، الأمر الذى دفع الأديب الراحل نجيب محفوظ ليقول عنها، فى أحد لقاءاته الإذاعية، إنها أكثر الفنانات التى جسدت شخصيات رواياته ببراعة شديدة.

{long_qoute_1}

قدمت شادية الكثير من الأعمال الروائية، التى قدمت فى السينما المصرية، وكتبها مجموعة من عمالقة الأدب فى ذلك الوقت، وهو ما أضاف إليها بعداً مختلفاً ونضجاً واضحاً فى أدائها، وكان أدب نجيب محفوظ هو صاحب نصيب الأسد فى الأعمال التى قدمتها، حيث كانت البداية مع شخصية «نور» فى فيلم «اللص والكلاب» من إخراج كمال الشيخ، وتلاه فيلم «زقاق المدق»، الذى قدمت من خلاله واحدة من شخصياتها الأشهر وهى «حميدة» مع المخرج حسن الإمام، عام آخر يمر ويحمل معه تجربة جديدة مختلفة فى فيلم «الطريق» مع المخرج حسام الدين مصطفى، لتكتمل الرباعية بفيلم «ميرامار» مع المخرج كمال الشيخ، وتم تكرار التعاون بين الفنانة العظيمة وصاحب جائزة نوبل للمرة الخامسة، ولكن دون نص روائى، عندما كتب الأخير سيناريو فيلم «ذات الوجهين» للسينما، الذى قامت ببطولته عام 1973.

تعاونت شادية خلال مشوارها الفنى مع عدد من كبار الكتّاب، حيث قدمت فيلم «نحن لا نزرع الشوك» المأخوذ عن رواية الكاتب يوسف السباعى، وأدت أدوار البطولة فى «شىء من الخوف» للكاتب ثروت أباظة، «كرامة زوجتى» و«لا تسألنى من أنا» للكاتب إحسان عبدالقدوس، و«مراتى مدير عام» لعبدالحميد جودة السحار.

وقال الناقد الفنى محمود قاسم إن «حقبة الستينات شهدت أول تعامل بين شادية والأديب الراحل نجيب محفوظ، حيث لم يكن قدم من أعماله للسينما سوى (بداية ونهاية) مع المخرج صلاح أبوسيف، ليتعاونا معاً فى (اللص والكلاب) عام 1962 مع المخرج كمال الشيخ».

وتابع: «خلال تلك الفترة ظهرت شادية بشكل مختلف للجمهور، حيث أدت دور فتاة ليل فى (اللص والكلاب)، وتقمصت شخصية الفتاة الشعبية فى (زقاق المدق)، متخلية عن أدائها الغنائى فى السينما، حيث صقلت موهبتها التمثيلية بشكل كبير، وفى أقل من 5 سنوات قدمت 4 شخصيات من روايات نجيب محفوظ، فكانت بمثابة البطلة المحورية فى تلك الأعمال، وتوحد معها الجمهور بدرجة كبيرة، لدرجة أن الجمهور أطلق عليها (حميدة)، أثناء عرض فيلم (زقاق المدق)». وأضاف: «أبرز العوامل التى ساعدتها فى صقل موهبتها، تعاونها مع كتاب سيناريو ومخرجين مؤمنين بدور الأدب فى السينما، ورغم أن أدب نجيب محفوظ احتوى العديد من السيدات الخانعات، إلا أنها قدمت أدوار المرأة المتمردة أو المثيرة، وهى الشخصيات التى خلقت رابطاً بين شادية وجمهورها، وعقب تلك الفترة لم تقدم أعمالاً قوية على شاكلة ما ذكرناه سلفاً، سوى فيلم (ذات الوجهين) أو (أضواء المدينة)، وأنهت مشوارها الفنى بفيلم (لا تسألنى من أنا)، المأخوذ عن قصة قصيرة لإحسان عبدالقدوس، ولكنها تعتبر المطربة الوحيدة التى استطاعت أن تقدم أعمالاً سينمائية قوية دون غناء، فلم تستطع صباح أو غيرها، تحقيق نجاح يضاهى ما حققته شادية».

من جانبها، قالت الناقدة ماجدة خيرالله، إن جزءاً كبيراً من أعمال شادية العظيمة اُقتبست عن نصوص أدبية، مؤكدة: «هناك تجارب أخرى لا يمكن تغافلها سواء فى بداياتها أو مع مراحل نضجها الفنى، (مراتى مدير عام)، و(المرأة المجهولة) الذى يعد من أهم الأعمال التى قدمتها فى تاريخها الملىء بالأفلام المميزة».

وتابعت: «مرت شادية بمجموعة من المراحل فى أدائها الفنى، ففى بدايتها أدت دور الفتاة الدلوعة التى ترغب فى الزواج من إسماعيل ياسين، وبعدها قدمت مجموعة من الدويتات مع الفنان الراحل كمال الشناوى، ثم جسدت شخصية المرأة الناضجة بعد ذلك، فكان لديها وعى بالتطورات الزمنية، وكانت حريصة أن تناسب اختياراتها كل مرحلة تمر بها، حيث شاركت محمد فوزى وعبدالحليم حافظ فى أفلام غنائية، وبدأت بعد ذلك تختار أدواراً مختلفة تحمل ثقلاً، أضاف لها نضجاً يلائم مراحلها العمرية».


مواضيع متعلقة