"إعادة عسكرة" اليابان.. طوكيو بصدد تكوين أول جيش بعد الحرب العالمية

كتب: مصطفى الصبري، ووكالات:

"إعادة عسكرة" اليابان.. طوكيو بصدد تكوين أول جيش بعد الحرب العالمية

"إعادة عسكرة" اليابان.. طوكيو بصدد تكوين أول جيش بعد الحرب العالمية

خطا رئيس الوزراء الياباني، شينزو آبي، اليوم، خطوة كبيرة نحو تحقيق حلمه القديم بتعديل الدستور السلمي لليابان، وتكوين جيش لأول مرة منذ سبع عقود، بعد فوز تحالفه المحافظ بأغلبية ثلثي مقاعد مجلس النواب في انتخابات مبكرة دعا إليها في سبتمبر الماضي، وفقا لوكالة الأنباء الفرنسية "فرانس برس".

وحصل الحزب الديمقراطي الليبرالي الحاكم، الذي يتزعمه آبي، وشريكه الأصغر في الائتلاف، حزب "كوميتو"، على ما لا يقل عن 312 مقعدا برلمانيا في الانتخابات، بما يمثل أغلبية الثلثين، في المجلس المؤلف من 465 مقعدا، حسب شبكة "سكاي نيوز" الإخبارية.

واستحوذ الحزب الديمقراطي الدستوري، بزعامة كبير أمناء مجلس الوزراء السابق، يوكيو إيدانو، على 54 مقعدا على الأقل، مجتذبا مجموعات من المواطنين مؤيدة للدستور وناخبين مستقلين، بينما حصل حزب "كويكي" على 49 مقعدا على الأقل.

وذكرت وكالة أنباء "كيودو" اليابانية أن نسبة المشاركة وصلت إلى حوالي 53.69 % مرتفعة بشكل طفيف عن النسبة المتدنية القياسية، والتي بلغت 52.36%  في آخر انتخابات لمجلس النواب عام 2014، وفقا لـ "سكاي نيوز".

وعلى غرار القوميين اليابانيين، يعتبر آبي الدستور السلمي الذي أملته الولايات المتحدة على اليابان عام 1947 بعد استسلام طوكيو في الحرب العالمية الثانية، مذلا للبلاد. فيما أدى إلى إطلاق كوريا الشمالية، قبل أقل من شهر، صاروخين عبرا الأجواء اليابانية، إلى تركيز الاهتمام على حماية أمن البلاد، في المقابل يبدي العديد من اليابانيين تمسكا كبيرا بالقيم السلمية للدستور ولا يعطون أي أولوية لتعديله، وفقا لـ"فرنس برس".

ومن شأن اتخاذ أية خطوة باتجاه "إعادة العسكرة" في اليابان أن تثير قلق الصين والكوريتين، نظرا على التاريخ العسكري العدواني لليابان في المنطقة.

ويتفرد الدستور الياباني بأن صاغه أمريكيون أثناء احتلال بلادهم لليابان، في مسعى لسحق أي قدرة لدى طوكيو للدخول في نزاع عسكري جديد، وتشكل المادة التاسعة من الدستور أبرز ما ورد فيه، وتنص على أن تتخلى اليابان إلى الأبد عن الحروب واللجوء إلى القوة لتسوية النزاعات الدولية، وتمنعها من بناء قوة عسكرية، وبالرغم من ذلك، تمتلك اليابان أحد افضل الجيوش تجهيزا في العالم، وتطلق عليه تسمية "قوات الدفاع الذاتي"، ومهمته الدفاع عن الأمة ضد أي هجوم، بالإضافة إلى عمليات البحث والإنقاذ بعد الكوارث الطبيعية التي غالبا ما تشهدها اليابان.

وعن أسباب آبي لتعديل الدستور، يقول إن هذا تأكيد على حق اليابان في أن يكون لها جيش مؤكدا إلتزامة بكل البنود التي تنص على منع اليابان من شن أي حرب هجومية.

وفيما تبدو تعديلاته المقترحة طفيفة، فإن ترسيخ الوضع القائم يعتبر فوزا صغيرا يحققه آبي نحو تحقيق هدف أكبر بتحويل قوات الدفاع الذاتي إلى جيش نظامي، وكان آبي طرح قانونا مثيرا للجدل يسمح لقوات الدفاع الذاتي بالمشاركة في القتال إلى جانب حلفاء لطوكيو في ظروف محددة.

و تفرض القوانين الحالية شروطا قاسية من أجل تعديل الدستور. فيمكن تقديم اقتراح بالتعديل شرط أن يكون مدعوما من قبل مئة عضو في مجلس النواب أو 50 عضوا في مجلس الشيوخ، ويجب أن ينال الاقتراح موافقة ثلثي الاعضاء في كل من المجلسين قبل أن يتم طرحه في استفتاء وطني. ويصبح التعديل نافذا إذا فاز بأغلبية بسيطة في الاستفتاء، حسب "فرانس برس"

 ويحرص المحافظون على ضرورة أن تتكلل أولى محاولاتهم تعديل الدستور بالنجاح. واعتمد آبي خطابا حذرا عقب صدور نتائج الانتخابات التشريعية، متعهدا عدم الإسراع لاستخدام غالبية الثلثين في البرلمان لطرح تعديل الدستور، في إشارة إلى سعيه لحشد أكبر تاييد ممكن لهذا التعديل.

وعن موقف اليابنيين من تعديل الدستور، تقول وكالة الأنباء الفرنسية أن الاستطلاعات المتعاقبة تظهر أن غالبية اليابانيين يريدون المحافظة على القيم السلمية التي تؤكد عليها المادة التاسعة من الدستور بدون أي تعديل، بالرغم من الاستفزازات المتزايدة لبيونج يانج.

وأظهرت دراسة أجرتها صحيفة "يوميوري" اليابنية، والأكثر انتشارا، أن 35 % ممن شملهم الاستطلاع يتفقون مع مسعى آبي، فيما يعارض 42 % هذا الأمر، ويوضح الاستطلاع أن الضمان الاجتماعي والاقتصاد يأتيان على رأس سلم أولويات اليابانيين.

وبعد فوز حزب آبي والمحافظون بعدد كاف من المقاعد في مجلس النواب أصبحت اليابان جاهزة لإطلاق عملية إعادة صياغة الدستور أو تعديل الدستور القائم. لكن النواب المؤيدين للتعديل منقسمون حول التفاصيل، ما قد يعرقل تقدم العملية.

 


مواضيع متعلقة