زوجة أحمد شاكر: «كنا مخطوبين وقت العملية.. وكان عندى إحساس إنه هيكون بطل وهيقدر يعمل حاجة للبلد»

زوجة أحمد شاكر: «كنا مخطوبين وقت العملية.. وكان عندى إحساس إنه هيكون بطل وهيقدر يعمل حاجة للبلد»
- الجندى المجهول
- الكلية البحرية
- المدمرة إيلات
- المدمرة الإسرائيلية
- بطل مصر
- بعد الزواج
- جريدة الأهرام
- حرب أكتوبر
- أبطال
- أحمد شاكر
- الجندى المجهول
- الكلية البحرية
- المدمرة إيلات
- المدمرة الإسرائيلية
- بطل مصر
- بعد الزواج
- جريدة الأهرام
- حرب أكتوبر
- أبطال
- أحمد شاكر
أشجار كثيفة تغطى بيت النقيب أحمد شاكر، بمنطقة بقلة، بمحافظة الإسكندرية، هنا عاش قائد السرب المصرى البحرى، وقائد اللنش 504 الذى شارك فى عملية إغراق المدمرة الإسرائيلية إيلات، يقودك مدخل المنزل إلى درجات سلم ليست بقليلة، تتخطاها فتجد أمامك شقة مؤلفة من أكثر من حجرة، يواجهك عدد كبير من صور البطل، فى أكثر من مكان بالبيت الذى خصص فيه غرفة تحتلها طاولة كبيرة مستطيلة الشكل، موضوع عليها عدد كبير من الصور والأوسمة التى حصل عليها البطل طوال حياته، ومجلد كبير إلى حد ما مستطيل الشكل هو الآخر، يجمع صفحات الجرائد التى نشرت أخباراً عن العملية، وعن طاقم اللنشين، وعن البطل أحمد شاكر.
«أنا حياتى معاه كانت حلم، لأنها كانت حياة جميلة، عمره ما زعلنى، وهو كان نموذج للزوج الفاضل المحترم، فعلاً كان يستحق إنه يكون بطل، لأنه كان بطل فى كل شىء، مش فى البحرية بس»، كلمات بدأت بها ملك محمد الحناوى، 72 عاماً، أرملة أحمد شاكر، حديثها، بملامح يكسوها الشيب، وبصوت يملأه الحنين راحت «ملك» تقص ذكرياتها مع زوجها، قائلة: «أحمد كان إنسان محترم، وطيب، وحنين، كنا مخطوبين أثناء العملية، هو كان فى بورسعيد، وأنا قاعدة هنا مع أهلى فى إسكندرية، وكان بييجى لى فى الإجازات، ولما راح عملية إغراق إيلات، ما كنتش أعرف إنه رايح العملية دى، كان عنده ساعتها 28 سنة».
{long_qoute_1}
وعن شعورها حين علمها بأن خطيبها قد ذهب على اللانش 504، للاشتباك مع إسرائيل: «كنت خايفة جداً عليه، وكنت خايفة ليجرا له حاجة وحشة، بس دايماً فى كل جواباتى له كنت باشجعه، وباقويه، لأن ده واجب عليه تجاه وطنه»، وتابعت: «كان دايماً عندى إحساس إنه هيكون بطل، وهيقدر يعمل حاجة للبلد».
وتواصل «ملك»: «بعد لما أحمد رجع من العملية على إسكندرية، جالى وقعد معايا، وحكى لى على اللى حصل معاه، وتكريم الكاتب محمد حسنين هيكل له ولمجموعته وقت ما كان رئيس جريدة الأهرام، وأنا كنت عارفة ده كله من الجرايد والتليفزيون قبل ما يرجع، وكنت فخورة بيه جداً ومبسوطة منه، وأهلى كمان كانوا فخورين بيه جداً، لأنه رفع راس مصر بعد النكسة، واتفق مع والدى إنه أول إجازة هينزلها من البحرية هنتجوز فيها».
وعن حياتها معه بعد الزواج، مع طبيعة عمله البحرى، قالت: «بعد لما اتجوزنا، كنت أغلب الوقت قاعدة فى بيت أهلى، لأنه بيكون مسافر، ولما بياخد إجازة، كان بييجى يجيبنى من بيت أهلى ونقعد فى شقتنا».
بصوت مرتعش، وعينين دامعتين، تحكى عن نهاية زوجها بقولها: «نهايتى معاه كانت مأساوية جداً، لأنه أصيب بمرض السرطان، وهو ده السبب اللى خلاه يقعد من البحرية، وسافرت معاه إنجلترا عشان يتعالج هناك، لكن العلاج ما جبش نتيجة، وتوفى بعد مرور عامين من الإصابة، وكان عنده 35 سنة، وكان قبل حرب أكتوبر، وأنا كان عندى 28 سنة».
{long_qoute_2}
ترك الزوج زوجته وفى رقبتها ابنتاهما إيمان 3 سنين، ودينا سنة و8 شهور: «كان بيحب أولاده جداً، يعنى كان بينزل إجازة 10 أيام كل شهرين، وكان بيلعب معاهم، وما كنش بيخلى نفسهم فى حاجة»، بعد الوفاة اضطرت الزوجة لترك منزلها: «رُحت عشت عند والدى، وهو اللى اتكفل ببناتى لحد لما كبروا، أهلى وقفوا جنبى، لأنهم كانوا بيحبوا أحمد، وهو أثناء مرضه كان موصيهم على بناته».
تختتم «ملك» حديثها وطيف من الدموع يعبر سحابة عينيها: «عمرى ما هنساه، هافضل فاكراه طول ما أنا عايشة هافضل أفتكره، وأحكى عنه لولادى، وأحفادى، لأنهم هما اللى هيكملوا مسيرته، ويخلدوا اسمه فى الدنيا».
ومن الأم إلى الابنة الكبرى إيمان أحمد شاكر، 47 سنة، ابنة البطل أحمد شاكر، «بنت البطل».. اللقب الذى تنادى به من قبَل معارف والدها منذ ولادتها، والذى يثير فيها الفخر والشعور بقيمة والدها، رغم أنها لم تعش معه إلا ثلاث سنوات من عمرها «أنا ماشفتش بابا، هو توفى وأنا عندى 3 سنين، ماكنتش لسه عندى وعى وإدراك لبطولته»، تسكت «إيمان» برهة لتأخذ نفساً طويلاً، قبل أن تواصل بصوت مرتعش: «أنا شُفت بابا وحبيته من كتر الكلام اللى اتحكى لى عنه من والدتى وأخوالى وأعمامى، ومن جيرانه، بابا كان بطل فى كل شىء، كان بيحب أهله وجيرانه وأصحابه، لحد دلوقتى لما تيجى سيرة بابا أهله بيدمعوا عليه، بيفتكروا له حاجات كتير حلوة، بابا كان متواضع جداً مع الناس».
تسترجع «إيمان» ما سمعته عن والدها من الأقارب فتقول إنه الوحيد فى أسرته الذى درس فى الكلية البحرية، لأنه كان يرى نفسه فيها، والذى دفعه لذلك هو حبه لوطنه، وشدة الانتماء له، وحبه فى الدفاع عنه ضد أى عدو يحاول الاعتداء عليه، وكان عنده شعور بأنه فى مقدرته عمل شىء عظيم لوطنه. ورغم رحيل والدها منذ أكثر من 40 عاماً إلا أنها تشعر أنه لا يزال موجوداً معهم فى منزله الذى تقيم فيه حالياً مع أولادها: «أنا باحس إن بابا موجود معايا فى البيت، وإن الجدران حضنانى، باشوفه وباحس بيه فى كل ركن فى البيت، باحس بحنيته وبريحته فى كل شىء هنا، كفاية إنى عايشة فى البيت اللى بابا عاش فيه طول عمره»، لتقطع حديثها وتشير بيدها اليمنى إلى صور والدها الموجودة بكل ركن فى البيت، قائلة: «الصور دى مش حاطينها فى كل مكان فى البيت من فراغ، إحنا حاطينها عشان نحس إن بابا لسه موجود معانا فى البيت، وإنه حوالينا فى كل وقت، وإننا هنشوفه من تانى، وإنه ما ماتش». تقول «إيمان» إنها بعد زواجها وإنجابها ثلاثة أولاد، أصبحت تروى لهم قصة كفاح والدها وبطولته فى البحرية، مثلما كان يروى لها فى الصغر: «بدأت أنا آخد دور البطولة وأحكى لعيالى عن بطولة جدهم، وإنه كان راجل عظيم، وإن أخلاقهم لازم تكون أخلاق أحفاد بطل»، مضيفة: «ده الميراث اللى بابا سابه ليا، الميراث بالنسبة لى إنى أقول أنا بنت أحمد شاكر، لحد لما أولادى أعجبوا جداً بجدهم واللى عمله، وكانوا دايماً يرودوا عليا بأن مفيش حد يعرف إنهم أحفاده، وكنت باقولهم كفاية إن هو عارف إنكم أحفاده، وإننا عايشين فى خيره وفى بيته، وكان نفسى إنهم يدخلوا البحرية زى بابا، لكن للأسف ما دخلوش كشف طبى، بس قدر الله وما شاء فعل».
وعن تكريم والدها تقول: «بابا معروف بس فى البحرية، هى اللى بتخلد ذكراه لحد دلوقتى، بتعمل احتفالات فى عيد البحرية وبتعزمنا، وفى يوم الجندى المجهول، وبنلاقيها جنبنا على طول، ولما بنحتاج حاجة بتساعدنا، وعارفة قيمة إننا ولاد بطل مصرى، لكن عامة الشعب ما يعرفوش أصلاً مين أحمد شاكر، ولا يعرفوا حاجة عن إغراق المدمرة إيلات، حتى الإعلام والبرامج ما كرمتش أبطال لنشين الإغراق مش بابا بس، مش بيهتموا بأبطال التاريخ».
بصوت مرتعش، وكلمات متقطعة، وعينين اشتد احمرارهما، تصف «إيمان» شعورها فى يوم 21 أكتوبر، قائلة: «فى اليوم ده بيكون فيه حفل استقبال عند قبر الجندى المجهول، باكون حاسة إنى رايحة أشوف بابا، بحس إنى هاروح ألاقيه هناك، وهاقعد معاه».
«نفسى أدخل الكلية البحرية، عشان أكون بطل زى جدو الله يرحمه»، قالها بصوت حزين ممزوج بالأمل والفخر، «صالح»، صاحب العشر سنوات، حفيد البطل أحمد شاكر: «أعرف عن جدو إن هو اللى هزم إسرائيل، وأعرف كمان إزاى هو خلى المدمرة إيلات تغرق، وخلى للبحرية يوم عيد»، وتابع: «فخور جداً بجدو، وباحكى عنه لأصحابى فى المدرسة، ومبسوط إنى حفيد البطل أحمد شاكر، أنا ماشفتش جدو، بس باسمع عنه من ماما وجدتى، وحبيته من كتر ما سمعت عنه، وشُفت صور له كتير».