بالصور| مأساة الطفل "محمد".. جسد نحيل أثقله ورم "الفقر والسرطان"

كتب: دينا عبدالخالق

بالصور| مأساة الطفل "محمد".. جسد نحيل أثقله ورم "الفقر والسرطان"

بالصور| مأساة الطفل "محمد".. جسد نحيل أثقله ورم "الفقر والسرطان"

في أحد أركان منزله الكائن بمنطقة الورديان السكندرية، يستكين بجسده النحيل المثقل بورم سرطاني في العمود الفقري يزن ما يقرب من نصف وزنه، على أريكة بسيطة تحاكي منطقته الشعبية، وربما يزيد عمرها عن سنه الذي لم يتجاوز الـ16 عاما بعد، ولعدم قدرته على الحركة بشكل كامل ينام على بطنه، لتتمكن والدته الخمسينية من إطعامه بصعوبة، علاوة على تبديل ملابسه.

محمد أحمد.. طفل ما زال في الـ16 من عمره، إلا أنه سنه يبدو مبالغا به للوهلة الأولى، ويظن من يشاهده أنه لم يتجاوز الـ10 من عمره بعد لصغر حجمه، كونه يعاني من ورما سرطانيا بالعمود الفقري والنخاع الشوكي منذ ميلاده، وهو ما اضطره إلى إجراء 5 عمليات جراحية بذلك الوقت في التأمين الصحي، حتى تبين أنه من النوع الحميد، ومع بلوغه سن الـ3، أزال الأطباء بعض أجزاء عظام القفص الصدري كي يتسنى لجسمه النمو بشكل طبيعي، لأن الورم كان يؤثر سلبيا في زيادة حجمه.

ولم يقتصر تأثير الورم على ذلك فقط، بل تسبب أيضا في تأخيره بالتعليم، فبينما يدرس أقرانه في الفصل الثالث الإعدادي، ما زال "محمد" في الصف السادس الإبتدائي لتخلفه عدة أعوام عن الدراسة، "ولا حتى بيروح دلوقتي كمان غير في الامتحانات، والأساتذة بيغششوه علشان حالته"، على حد قول والدته هويدا عبدالوهاب.

"قلبي على ولدي انفطر".. ذلك المثل المتداول هو أقرب وصف لحالة "هويدا"، على حد وصفها لـ"الوطن"، قائلة إنها "تعاني من حزن وضيق شديدين بسبب حالة نجلها الأصغر، والذي ترعاه مع شقيقتيه الأكبر منه منذ ولادته، بعدما جالت به بين الكثير من الأطباء الذين قرروا إجراء عملية جديدة له كل 6 أشهر لإزالة الورم".

وأوضحت "هويدا"، أن الأطباء لجأوا لذلك الحل لعدم وجود أجهزة حديثة بالتأمين الصحي لعلاجه، وهو ما اضطرها إلى تقديم شكاوى متعددة لنقل نجلها للعلاج خارج البلاد، كوزارة الصحة وقصر عابدين ورئاسة الجمهورية، كما حاولت لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسي أثناء افتتاحه مشروع بشائر الخير في الإسكندرية، إلا أن قوات الأمن حالت دون ذلك، إلى أن ظهر لها بصيص أمل منذ ما يقرب من عام، حيث دعاها أحد الأطباء المشاهير لعيادته بمنطقة 6 أكتوبر، وبالفعل فحص حالة "محمد" وأخبرها أن بإمكانه إجراء عملية لإزالة الورم كي يتمكن الطفل من ممارسة حياته الطبيعية، ولكنه يحتاج في البداية لجلسات علاج طبيعي كل 3 أيام، وهو ما أصابها بإحباط جديد لعدم قدرتها الانتقال بين الإسكندرية ومدينة أكتوبر، وارتفاع تكاليف الانتقالات والكشف.

"طيب أجيب منين وأنا معاش جوزي ألف جنيه بس، ومات وسابهولي لوحدي ومبقتش أقدر أشيله على ظهرلي دلوقتي، فبيمشي ويريح كل ربع ساعة".. بحزن بالغ ودموع مكتومة تفوهت الأم الخمسينية بتلك الكلمات في مرارة شديدة وهي تتذكر تلك الفترة، ولكن ذلك لم يثنيها عن رغبتها الحقيقية في منح ولدها الوحيد حياة عادية، "نفسي أشوفه زي بقيت العيال بيلعب ويخرج ويعيش سنه، أو حتى يلبس هدومه لوحده".

وبحثت "هويدا" من جديد عن أماكن علاج طبيعي من أجل نجلها، واشتركت في جمعية الشبان المسيحيين في الإسكندرية للحصول على تخفيض لتلك الجلسات، لتعود للطبيب مرة أخرى بعد شهرين، الذي فاجأها برفض إجراء العملية لـ"لمحمد"، وهو ما وقع على مسامعها كالفاجعة، موضحة: "مشيت من عنده وأنا مش شايفة قدامي".

يأسها الشديد وفشلها في علاج طفلها دفعها إلى محاولة الانتحار آنذاك، إلا أنه كُتب لمحاولتها تلك الفشل، ولكنها تسببت فيما بعد بإصابات بالغة في قدمها، بالإضافة إلى تقدمها في العمر ما جعلها لم تعد قادرة على تلك المشقة، مطالبة بشدة بمساعدتها في علاج طفلها "محمد" في أحد المراكز المتطورة بمصر أو خارجها، لإنقاذ حياته وحياة أسرتها بالكامل، قائلة: "يعني أنا لو مت مين هيشيله بعدي".


مواضيع متعلقة