النصر للتصدير كان صرحاً فهوى.. ذراع مصر فى أفريقيا تحتاج تضميداً

كتب: محمود الجمل

النصر للتصدير كان صرحاً فهوى.. ذراع مصر فى أفريقيا تحتاج تضميداً

النصر للتصدير كان صرحاً فهوى.. ذراع مصر فى أفريقيا تحتاج تضميداً

شركة «النصر للتصدير» التى أسسها محمد غانم، ظابط المدفعية ورجل المخابرات عام ١٩٥٨ برأسمال ٢٥ ألف جنيه فقط، لم تكن مجرد شركة لتصدير واستيراد المنتجات فقط بل تعملقت من فرع واحد إلى أكثر من 30 فرعاً فى الدول الأفريقية والعربية والأوروبية، وصارت صرحاً وإحدى الأذرع المصرية فى الحقبة الناصرية أمنياً واقتصادياً وسياسياً وحتى سبعينات القرن الماضى. ومثلها مثل باقى الشركات الوطنية التى طالتها يد الإهمال على مدار 30 عاماً تراجعت الشركة بشكل كبير بنفس وتيرة التراجع المصرى فى أفريقيا فى تلك الفترة. ومع توجه القيادة السياسية والحكومة المصرية الحالية إلى أفريقيا باعتبارها إحدى القوى الاقتصادية النائمة بزغ نجم «النصر للتصدير» من جديد بعد فترة من الأفول، وهو ما أكده اللواء محمد يوسف، رئيس الشركة القابضة للنقل البحرى والبرى، قائلاً «إننا نعول على شركة النصر لاستعادة الدور المصرى السياسى والاقتصادى والأمنى فى القارة الأفريقية». ولأن التاريخ بمفرده لا يكفى، يرى رجال الأعمال والمستثمرون والخبراء أن استعادة دور الشركة ومجدها فى سماء أفريقيا لن يتم سوى بشراكة بين القطاعين العام والخاص، وعبر الخبراء عن تفاؤلهم بإمكانية عودة الشركة، خاصة فى ظل السمعة الطيبة التى تتمتع بها الشركة حتى الآن. «الوطن» تفتح ملف شركة «النصر للتصدير» باعتبارها أحد الصروح الاقتصادية التى تهاوت نتيجة للإهمال لبحث كيفية استعادة دور الشركة الوطنية العريقة فى وقت تواجه فيه مصر تحديات كبرى فى القارة السمراء اقتصادية وسياسية.

أعلن رجال أعمال ومستثمرون عن دعمهم لإعادة هيكلة وتطوير وتشغيل شركة النصر للتصدير والاستيراد، باعتبارها نواة تجارية مصرية لغزو أفريقيا اقتصادياً واستثمارياً، وحددوا شروطاً لاستعادة الشركة دورها التاريخى بمشاركة القطاع الخاص المتفوق تكنولوجياً ومادياً وإدارياً، مؤكدين أهمية تحديد استراتيجية شاملة من الدولة لتحفيز الاستثمار فى أفريقيا سواء من خلال الشركة العريقة أو بمشاركة القطاع الخاص حتى توفر الغطاء والضمان والأمان لرجال الأعمال والمستثمرين المصريين، لضخ رؤوس أموالهم فى دول أفريقيا ذات المخاطر المرتفعة نسبياً مقارنة بباقى المناطق الأخرى من العالم.

{long_qoute_1}

قال محمد فريد خميس، رئيس الاتحاد العام لجمعيات المستثمرين، إن شركة النصر للتصدير والاستيراد تتمتع بسمعة طيبة فى الدول الأفريقية.

وأضاف «خميس» لـ«الوطن» أن رجال الأعمال فى معظم الدول الأفريقية مؤمنون بقدرة وأمانة وكفاءة شركة النصر للتصدير والاستيراد، فى الدول التى لا تزال تمتلك الشركة فروعاً بها حتى الآن.

وأكد «خميس» أن دور الشركة تراجع فى الثمانينات والتسعينات نظراً لسياسات حكومية خاطئة، وطالب بإعادة هيكلة الشركة من جديد بشكل وفكر جديدين، مع الحفاظ على نسبة الملكية الحاكمة بـ51% للدولة لتبقى فى حوزتها، وإدخال القطاع الخاص بالنسبة الباقية الـ49% نظراً لما يتمتع به من فكر وإدارة وتقنيات وتكنولوجيا حديثة. {left_qoute_1}

وأعرب «خميس» عن تفاؤله بالفترة المقبلة باستعادة دور الشركة من جديد فى قارة أفريقيا الغنية بالموارد الطبيعية والثروات التى لم تكتشف بعد.

وقال المهندس على عيسى، رئيس جمعية رجال الأعمال، إن شركة النصر للتصدير والاستيراد كانت شركة عظيمة وأسسها رجل عظيم وهو الراحل محمد غانم فى نهاية الخمسينات.

وحول إعادة تشغيل الشركة من جديد، أكد «عيسى» لـ«الوطن» أنه يجب أن نطرح سؤالاً مهماً قبل التفكير فى إعادة تشغيل الشركة العريقة والمتوقفة عن العمل تقريباً فى الوقت الراهن، ألا وهو: هل الشركة تمتلك الأدوات التى تمكنها من العودة من جديد؟

وأوضح «عيسى» أن أى شركة كبيرة لا بد أن تتضمن كوادر بشرية تمتلك خبرة كافية وثروة عقارية تضم مقرات داخل وخارج مصر فى أفريقيا والدول العربية وبعض الدول الأوروبية ويربط بين الجميع إدارة فى القاهرة.

وتابع «عيسى»: «أعتقد أن الشركة لم تعد تمتلك كوادر بالشركة ولا شبكة من العلاقات فى الدول الأفريقية التى بها مقار».

وأشار إلى أن شعارات تشغيل الشركة دون وضع الكوادر البشرية غير الموجودة حالياً فى الاعتبار تؤدى إلى كارثة، مضيفاً: «لا يمكن لنا أن نرتكن على التاريخ فقط، فالاعتماد على الإنجازات التاريخية لا يسمن ولا يغنى من جوع».

ولفت «عيسى» إلى أنه يمكن الاستفادة من الثروة العقارية التى تمتلكها الشركة فى الدول الأفريقية والعربية والأوروبية بالطرق المثلى، مؤكداً أن رجال الأعمال يرحبون باستعادة الشركة دورها الحيوى فى القارة السمراء، وأنهم جاهزون للمساهمة بالشراكة يداً بيد مع الدولة لاستعادة هيبة الشركة العريقة. ومن جانبه، قال محمد يوسف المدير التنفيذى لجمعية رجال الأعمال المصريين، إن القارة الأفريقية هى مستقبل الاستثمار لمصر ولدول العالم بما تمثله من سوق ضخمة للغاية، يمتلك موارد طبيعية ضخمة وله طبيعة خاصة.

وأضاف «يوسف» لـ«الوطن» أن حجم الاستثمارات المصرية فى أفريقيا لا يتخطى مجموعة من النجاحات الفردية القليلة والتى قام بها بعض رجال الأعمال والمستثمرين دون الاعتماد على استراتيجية حكومية وطنية واضحة المعالم ومحددة الأهداف، تتناغم مع توجه الدولة والقيادة السياسية ناحية الدول الأفريقية.

وأوضح «يوسف» أن توجه الحكومة والدولة والقيادة السياسية ورجال الأعمال والمستثمرين والمصدرين والمستوردين للاستثمار فى أفريقيا سواء عبر القطاع الحكومى المتمثل فى شركة النصر للتصدير والاستيراد، أو عن طريق القطاع الخاص، لا بد أن يكون فى إطار استراتيجية كبرى كاملة تطلقها الدولة، وتحدد رؤيتها وسياستها وأهدافها من الاستثمار فى أفريقيا، مؤكداً أنه فى ظل غياب الاستراتيجية الكاملة للدولة وأهدافها من الاستثمار فى أفريقيا ستظل المحاولات الاستثمارية لغزو أفريقيا اقتصادياً مجرد محاولات فردية قد يصيبها النجاح أو الفشل نظراً لتغير الأفكار والمصالح والتوجهات التى تحرك الدول الأفريقية، مشيراً إلى أن العلاقات المصرية - الأفريقية التاريخية عبر «النصر للتصدير والاستيراد» وغيرها «تاج على رؤوسنا جميعاً، إلا أننا فى زمن لا يمكن فيه الاعتماد على العلاقات الطيبة الودية التاريخية، فنحن نعمل فى زمن المصالح المشتركة والأفارقة يفاضلون بين الصالح والأصلح، ومدى النفع الذى سيعود عليهم من العلاقات الدولية بما فيها الصين وتركيا وقطر وإسرائيل». وتابع أن رجال الأعمال والمستثمرين الصينيين والأتراك واليهود، على سبيل المثال، لا يتحركون فى أفريقيا إلا من خلال غطاء حكومى، بما يمثله من ضمانة لرؤوس أموالهم من المخاطر التى قد يتعرضون لها نتيجة الاستثمار فى أفريقيا.

وطالب «يوسف» القيادة السياسية بوضع استراتيجية شاملة كاملة تتضمن خططاً زمنية محددة الأهداف، ولتكن خلال عشر سنوات على سبيل المثال، على أن تكون شركة النصر للتصدير والاستيراد النواة الأولى لها بما تملكه من أصول ومقار فى 17 دولة أفريقية، وبمساهمة ومشاركة رجال الأعمال والمستثمرين المصريين لغزو أفريقيا استثمارياً واقتصادياً.

وأضاف: «لابد من الاستفادة من السمعة التاريخية والأصول والممتلكات الخاصة بشركة النصر للتصدير والاستيراد، وتكون الشركة نقطة الانطلاق نحو أفريقيا»، مؤكداً أن الأفارقة يحتاجون إلى مصر كما نحتاج إليهم، وأن مصر أقرب إلى أفريقيا من باقى دول العالم، قائلاً إن الأفارقة يعتبرون مصر منارة بالرغم من وجود الصين وتركيا وإسرائيل.

ولفت إلى أن المواطن الأفريقى فى منتهى الذكاء، وينظر إلى المصرى بنظرة الأخ الكبير والشقيق الذى لا يستنزفه أو يستغله مثلما يفعل الأمريكان أو اليهود أو الأوروبيون.


مواضيع متعلقة