عم محمد «مستر كلينكس».. الغلاء أهلكه ويبيع المناديل من أجل عملية القلب

عم محمد «مستر كلينكس».. الغلاء أهلكه ويبيع المناديل من أجل عملية القلب
شارع يملؤه المارة، كل منهم تشغله حياته، يتوسطه كوبري المنيب، على بعد مسافة ليست بالبعيدة من محطة مترو، يستند إلى سوره رجل كبير السن، لا يعبأ بأمره معظم المارة، الذي ميزه جلبابه وشعره الأبيض عنهم، قد اتخذ من الرصيف مكان عمل له بعد أن تبرع له أحد الأشخاص بـ«كارتونة» مناديل كهدية، ليتاجر بها، سعيًا وراء لقمة العيش.
«الحمد لله على كل حال».. كلمات رضا لا تفارق لسان عم محمد بائع المناديل، يرددها باستمرار عند سؤاله عن أي شىء يخصه، «أنا مملكش غير إني أقول الحمد لله.. والرزق بقى دي حاجة من عند ربنا».
يستيقظ عم محمد في الثامنة صباحًا ليذهب لمزاولة عمله، بعد أن تساعده زوجته في حمل «كارتونة» المناديل إلى الكوبري، مقر عمله، «بصحى بدري وبقول رزقي على الله.. وهو مبينسانيش»، حيث إنه إذا تقاعس عن العمل فلن يجد ما يصرف به على بيته.
بنظرية رجل شرقي، يرفض بائع المناديل أن تساعده زوجته في عملية البيع، «مراتي دي أصيلة وبنت ناس، وياما شقيت معايا، إنما مينفعش أقعدها في الشوارع، أنا صعيدي ومقبلش كده على أهل بيتي».
يرفض «عم محمد» نظرة الناس لبائع المناديل على أنه شحات «أنا عمري ما مديت إيدي ومبقبلش فلوس من حد غير لما ياخد بيها مناديل»، مشيرًا إلى أنه تعرض لحالات كثيرة من أشخاص يعرضوا عليه مساعدات مادية، ويرفضها ما دامت بعيدة عن عملية البيع والشراء «كيس المناديل بجنيه تديني إنت 5 ليه؟».
مرض روماتيزم القلب ترك أثره على صمامات قلب عم محمد، «دوا القلب غالي، وأنا معييش أجيبه.. الدكتور قالي إني لازم أعمل عملية بس ممكن أروح فيها، وأنا مش فارق معايا نفسي.. تعبي ووجعي يروح بس»، ويكمل العجوز وهو يرص مناديله: «هو أنا يعني هعيش مرتين».
يروي الرجل السبعيني تفاصيل حياته، وتدبيره لمصاريف منزله «أنا كنت موظف بس طلعت على المعاش من زمان بعد ما عديت الـ60.. ومكسب المناديل البسيط جنب معاشي بيمشوا البيت.. نعمة»، أكثر ما يؤرقه هو تجميع أموال عملية القلب، «هو ده اللي مصبرني على قعدة الرصيف».
«ضاقت واستحكمت حلقاتها» على الرجل العجوز وزوجته في الفترة الأخيرة «الحياة غليت، غصب عني بقيت بقبل الفلوس من اللي يديني مساعدة، بس أنا مبمدش إيدي لو هموت من الجوع»، لافتًا إلى زيادة سعر المناديل أيضًا.
تركت الشمس ما تركت على وجه العجوز، بعد تعرضه لها يوميًا، لتبرز كل تفصيلة في وجهه معاناة ممزوجة بالرضا الكامل عن الحال، حتى إن عم محمد لا يهمه شيء، سوى أنه لم يعد يسمع الأذان بسبب ضجيج السيارات وضعف السمع لديه «كل اللي عايزه من ربنا هو الستر.. الستر بس».