البحث عن السيد جيرار: جثة عجوز انتصرت للحاسة السادسة بسر الوشاح الأخضر

كتب: منة العشماوي

البحث عن السيد جيرار: جثة عجوز انتصرت للحاسة السادسة بسر الوشاح الأخضر

البحث عن السيد جيرار: جثة عجوز انتصرت للحاسة السادسة بسر الوشاح الأخضر

في عام 1938، خرج أندريه جيرار الرجل السبعيني من داره في قرية "أوستي" الصغيرة في الجانب الغربي من فرنسا، يسير في مزرعته منهمكا، متجها إلى المراعي المنحدرة خلف المزرعة، من أجل اختيار 6 خراف لبيعها في السوق، إلا أنه لم يعد مرة أخرى لمنزله، ما جعل زوجته وابنهما يبحثان عنه في كل مكان، ولكن بعد الفشل في الوصول إليه كان عليهما إبلاغ الشرطة.

في اليوم التالي، جاء ثلاثة من مخبري شرطة مدينة "ليموج" إلى القرية التي يعيش فيها جيرار، وذلك لمساعدة الشرطة المحلية وبعض الفلاحين في البحث عنه، فلم يكن بمخيلتهم أن الأمر من الممكن أن يكون متعلقا بجريمة، حيث إنهم لم ينظروا إلى اختفائه بطريقة جدية، فكل ما كان في الحسبان أن الفلاح الذي تجاوز السبعين ربما يكون قد مات بفعل الإجهاد الشاق وانتهت حياته في مكان مجهول.

بحثوا عنه في الأرض ذات المساحات الكبيرة التي يملكها بالقرية، كما بحثوا عنه في الغابات، وعلى جانب آخر دفعوا الأعمدة الخشبية إلى أعماق البرك القريبة، لاحتمالية أن يكون قد سقط في واحدة منها إلا أنهم لم يجدوا جيرار.

وبدأ "مارشال"، أحد المخبرين، السير في القرية، محاولا تصور التحركات الأخيرة للرجل السبعيني المفقود، بينما قالت زوجة أحد الفلاحين الذين يعملون في أرض "جيرار" إنها شاهدته يغادر الحقول ولم يكن أحد معه، وفقا لما ذكره الكاتب راجي عنايت في كتابه أغرب من الخيال.

وظل البحث مستمرا ثلاثة أيام، ولم يعثروا على جيرار، وانتقلت الأخبار على صفحات الصحافة الإقليمية وتحول الأمر من واقعة ريفية عادية إلى لغز كبير، حتى وصلت قصة اختفائه إلى الدكتور يوجين فافروا، مدير معهد الميتافيزيقا في باريس، والذي قرر الاتصال بمركز شرطة "ليموج"، ليعرض عليهم المساعدة بعد أن وجد فيها نموذجا مثاليا للتجربة التي أراد القيام بها.

وسرعان ما رد عليه المأمور بالموافقة وسأله عن ميعاد وصوله لهم إلا أن "فافروا" أجابه قائلا: "أنا لن أحضر.. فبإمكاني أن أعمل من هنا.. كل ما أطلبه هو أن ترسلوا لي بعض الممتلكات الصغيرة التي تخص الرجل المختفي"، رغم استعجاب المأمور لطلبه فإنه وافق عليه وأخبر المخبر "مارشال"، الذي أرسل وشاحا أخضر خاصا بجيرار إلى باريس.

ذهب "فافروا" إلى منزل السيدة أديث موريل، التي تتمتع بحاسة سادسة قوية وإدراك حسي خارق، مصطحبا معه الوشاح الأخضر، وأعطاه لها متسائلا: "هل يمكنك أن تخبريني بشيء عن هذا أو عن صاحبه؟".

بدأت "موريل" النظر إلى الوشاح لمدة نصف دقيقة بعد أن وضعته على مائدة أمامها ثم قالت: "إنه يرتدي ملابس خشنة وهي سترة من التويد وسروال من الكوردروي، لقد جرى اختطافه رغما عن إرادته.. أراه يسير في حقل منحدر.. ثم يدخل إلى غابة.. إنه يرغم على السير في ممرات ضيقة.. يوجد رجل معه، يرتدي معطفا أسود وقبعة سوداء".

وعندما سألها الدكتور "فافروا": "هل هو حي أم ميت؟"، ردت "موريل": "إنه ميت"، ووصفت له المكان الموجود به جثة جيرار بشكل تفصيلي دقيق رغم أنها لم تذهب إلى هذه المنطقة من قبل كما أن أقرب مكان ذهبت إليه يبعد 100 ميل عنه.

وأدلت السيدة ببعض المعلومات عن الشخص الذي قتله، حيث إنها لم تستطيع أن تخبره بالعديد من الإفادات عنه، فقالت: "وجهه أبيض شاحب، وإحدى يديه تنقصها أحد الأصابع".

بمجرد انتهاء هذه المقابلة، أرسل "فافروا" تقريرا لشرطة ليموج، كتب فيه بالتفاصيل ما توصل إليه بالإضافة إلى خريطة قد رسمها للمنطقة بناء على معلومات السيدة.

اتبع المخبر "مارشال" الخريطة وبعد أيام قليلة وجد جثة جيرار مصابة برصاصة من الخلف، وبعد 5 أيام أخرى تم القبض على شخص يدعى مارك باربييه، ميكانيكي سيارات في مدينة سالبيس، بتهمة السرقة، وكان بالمواصفات التي شرحتها السيدة موريل.

اعترف باربييه بجريمة قتل جيرار من أجل سلب أمواله ثم أطلق عليه النار بسبب محاولته الفرار، وبعد انتهاء التحقيق قال المتهم وهو في حالة من الدهشة الشديدة: "لم أكن أتصور أن بإمكان أحد أن يثبت علي هذه الجريمة.. على الأقل قولوا لي.. كيف وصلتم إلى هذا..؟"، وفي يناير عام 1939 تم تنفيذ حكم الإعدام فيه إلا أن الشرطة لم تخبره بالقصة التي تسببت في القبض عليه.


مواضيع متعلقة