«كلمتين وبس».. رحلة فؤاد المهندس لتقويم المجتمع: «مش كده ولا إيه؟»

كتب: سعيد محمود

«كلمتين وبس».. رحلة فؤاد المهندس لتقويم المجتمع: «مش كده ولا إيه؟»

«كلمتين وبس».. رحلة فؤاد المهندس لتقويم المجتمع: «مش كده ولا إيه؟»

الساعة الثامنة إلا خمس دقائق، الكل يرهف السمع في انتظار البرنامج المفضل، تبدأ الموسيقى المعتادة ويخرج صوت المميز المتمكن من مخارج ألفاظه ببراعة لتبدأ حلقة جديدة من برنامج ارتبط به المصريون منذ ستينات القرن الماضي "كلمتين وبس".

"كلمتين وبس" هو البرنامج الذي بدأ الفنان الكبير فؤاد المهندس في تقديمه منذ عام 1968 على إذاعة البرنامج العام، من تأليف أحمد بهجت وإخراج يوسف حجازي، متناولا أكثر من مشكلة اجتماعية يعاني منها الشعب المصري، حيث كان يقترح بعض الحلول ويقدم النصائح بشكل سردي مميز، استمد روعته من أداء الأستاذ فؤاد المهندس.

"لما بقرأ أشعاري اللي كتبتها زمان بحس إن أنا شاعر لم يقرأ".. تلك الكلمات قالها الشعار عبدالرحمن الأبنودي قبيل وفاته، لإحساسه أن ما كتبه لم يلفت له أحد، كونه يشعر أن كلماته التي أبدعها في الستينات والسبعينات تبدو وكأنها كتبت في الألفية الجديدة، وهو ما حدث بالضبط مع فؤاد المهندس وبرنامجه "كلمتين وبس"، فالمشكلات التي ناقشها الفنان الراحل في حلقاته لا تزال كما هي دون أي تغيير، فمثلا عندما تحدث عن التعاون على احترام النظام، وكيف أنه لا يمكن تطبيق النظام من جهة الحكومة فقط، وإنما يجب أن يعاونهم المواطن على ذلك أيضا، ضاربا المثل بمواقف الميكروباص وعدم الالتزام فيها من السائقين والمواطنين أيضا، وكيف أن عدم التعاون على احترام النظام وتطبيقه يؤدي إلى الفوضى.

وعلى ذكر الميكروباص ومشكلاته العديدة، خصص فؤاد المهندس حلقة كاملة من برنامجه لوسيلة المواصلات تلك، تحدث فيها عن السرعة الجنونية لسائقي الميكروباص والتي تتسبب في الكثير من الحوادث، وأيضا مشكلة عادم السيارة التي تحدث بسبب "الشكمان" غير السليم والدخان الأسود المنبعث منه، ومشكلة الوقف في مطلع الكوبري بسبب نزول أحد الركاب من العربة أو صعوده.

مشكلات المرور كان لها النصيب الأكبر من حلقات "كلمتين وبس" ، حيث تحدث عن الوعي المروي وعد التزام المشاة وسائقي السيارات بقواعده، فالمشاة لا يحترمون إشارات المور الخاصة بالسيارات، والعكس صحيح بالنسبة لقائدي المركبات، مؤكدا أن الناس إذا تعلموا النظام في الشارع سيطبقونه في البيت والمصنع والشركة.

يعاني معظم المصرين من "الواسطة والمحسوبية"، وهو ما تناوله فؤاد المهندس في حلقات برنامجه الشهير، متحدثا عن قيمة التفوق التي تضيع بسبب تلك المشكلة، فالمتوفق لا يستطيع أن يحصل على مكانه المناسب بسبب "الواسطة"، وحذر المهندس في حلقة البرنامج من خطورة الأمر الذي يدفع المجتمع نحو هوة عميقة تجهز عليه تماما.

وعن رعب الامتحانات ورهبته، تحدث المهندس عن حالة الطوارئ التي تعلنها الأسر تزامنا مع الامتحانات، ما يجعل التلامذة يعتبرون الامتحان نوعا من العذاب، مثله مثل وحش أوديب الذي قابله على باب مدينة طيبة، ويشير فؤاد المهندس إلى اللجان التي تقام في الصوان مثل مناسبات العزاء، وأسئلة الامتحانات التي يأتي بعضها من خارج المنهج، أو على درجة رهيبة من الصعوبة، ويقدم الفنان الكبير نصائحه من أجل حل تلك الأزمة.

يعاني العديد من غير المدخنين من رائحة السجائر، ويحاولون بشتى الطرق الابتعاد عن الشخص المدخن أو الابتعاد عن المكان المنتشر به دخان السجائر، بعد فشلهم في إقناع زملائهم بعدم التخدين في وجودهم، وفشلهم من البداية في إقناعهم بأضرار التدخين، وهو ما تحدث عنه فؤاد المهندس في "كلمتين وبس"، حيث تكلم عن أضرار التدخين العديدة التي يعرض المدخن للخطر، ومشكلة بيع السجائر للأطفال، والتي لا تزال قائمة إلى وقتنا هذا.

لم تكن تلك المشكلات فقط هي ما تناولها المهندس في برنامجه الإذاعي الشهير، وإنما تعرض "كلمتين وبس" للعديد من مشكلات المجتمع دون كلل أو ملل، منها "الصحة العامة، وإنفلوانزا الطيور، وجنون البقر، وعبادة المال، وكثرة الإنجاب، وإتقان العمل، ودور المرأة في المجتمع، والزواج المبكر، وخروف العيد"، وغيرها الكثير من المشكلات التي حاول فؤاد المهندس التصدي لها وتقويم المجتمع للتخلص منها لكن دون جدوى.. "مش كده ولا إيه؟".


مواضيع متعلقة