مستشار «العربية للتنمية»: الإصلاح الإدارى يستغرق سنوات.. والإدارة الفاشلة سبب تراجع أى دولة

كتب: محمد الدعدع

مستشار «العربية للتنمية»: الإصلاح الإدارى يستغرق سنوات.. والإدارة الفاشلة سبب تراجع أى دولة

مستشار «العربية للتنمية»: الإصلاح الإدارى يستغرق سنوات.. والإدارة الفاشلة سبب تراجع أى دولة

قال الدكتور نواف طبيشات، مستشار المنظمة العربية للتنمية الإدارية، التابعة لجامعة الدول العربية، إن الاهتمام بالتطوير والإصلاح الإدارى يساعد الدول على التقدم بشكل أسرع، وإن كثيراً من دول العالم حينما تتوافر لها الإرادة والإدارة تصبح فى مصاف الدول المتقدمة، لافتاً إلى أن الإصلاح قد يحتاج إلى سنوات طويلة، كما فى تجارب الصين وماليزيا وسنغافورة وغيرها من الدول.

{long_qoute_1}

أضاف «طبيشات»، الذى شغل أيضاً منصب مسئول إدارة المصادر النادرة بالمنظمة، التى تعنى بإدارة المصادر التراثية، أن ما شهدته بعض الدول العربية خلال السنوات السبع الأخيرة من نزاعات مسلحة أدت إلى تدمير كثير من المصادر التراثية لتلك الدول أمر متعمد ومخطط له، لتدمير ومحو هوية هذه الشعوب.. إلى نص الحوار.

انطلاقاً من أن الإصلاح الاقتصادى بحاجة إلى إصلاح إدارى موازٍ، هل هناك روشتة موحدة للإصلاح الإدارى؟

- ليس هناك وصفة جاهزة يمكن إعطاؤها للمؤسسات والدول الساعية إلى التنمية والتطوير، وإن توافر ذلك، فإن روشتة الإصلاح الإدارى دائماً صعبة، وكل دولة لها خصوصيتها، وأود أن أشير إلى أن الجزء التشريعى هو جزء مهم للغاية فى عملية الإصلاح الإدارى، والإدارة العربية تدور فى فلك الإدارة الغربية، وهناك ما يجمع بين الأجهزة الإدارية فى الوطن العربى، بغض النظر عن المنهج الذى تتبعه تلك الدول أو المؤسسة، وبالإشارة إلى التشريعات التى تحكم الإدارة العربية، نجد أن معظمها مأخوذ عن المشرع المصرى، نتيجة أن مصر سباقة فى هذا المجال، لكن ليست هناك روشتة واحدة تصلح لعملية التطوير، ولا يمكن أيضاً أن تصلح نفس الوصفة لجميع الدول العربية، فهناك خصوصية لكل دولة تختلف عن شقيقتها، وبعض الدول التى ترغب فى التنمية والتطوير السريع استعانت بخبراء متميزين فى هذا المجال، ودول أخرى لا تزال تراوح مكانها، وهذا يعتمد على أكثر من جانب، كالمساحة الجغرافية وعدد السكان وعدد المؤسسات والنظامين الإدارى والقانونى، وكلها عوامل تلعب أدواراً فى غاية الأهمية، وفى حالة الدول الكبرى فإن الإصلاح يحتاج لسنوات، كما أن الوضع الاقتصادى يلعب دوراً فعالاً فى إصلاح الإدارة فى الدولة، وبالنظر لتجارب بعض الدول كالصين وماليزيا وسنغافورة وغيرها فى عملية الإصلاح الإدارى فإن التغيير احتاج لسنوات طوال، كما تلعب التقنيات الحديثة دوراً مهماً فى تطوير الخدمات المقدمة لطالب الخدمة، وأصبح كثير من الخدمات يتم عبر التطبيقات على الهواتف الجوالة، وفى النهاية نجد أن الاهتمام بالتطوير والإصلاح الإدارى يساعد الدول على التقدم بشكل أسرع. {left_qoute_1}

بحكم مسئوليتك السابقة عن إدارة المصادر النادرة بالمنظمة ما علاقة الإدارة بالتراث؟

- قبل أن نشير إلى طبيعة العلاقة بين الإدارة والتراث، نود أن نشير إلى أن الإدارة ترتبط بعلاقة وثيقة مع كافة القطاعات، وهى بمثابة شريان الحياة لأى مجال، وأى مجال بحاجة إلى إدارة، والإدارة الناجحة هى السبب الرئيسى للتقدم، وعلى النقيض أيضاً فإن الإدارة الفاشلة هى سبب التراجع والضعف والفشل، فكثير من دول العالم حينما توفر لها الإرادة والإدارة -نفس المفردات من الأحرف ولكن بتقديم وتأخير مواقع الأحرف- نجد أن هذه الدول تتقدم لتصبح فى مصاف الدول المتقدمة، وكذلك إذا كنا بصدد الحديث عن الدول الكبرى والقوية وذات الموارد وليست لديها إرادة للتنمية والتطوير، وكذا الإدارة الناجحة فإنها حتماً ستفشل وتسقط وتصبح فى ذيل القائمة، لذلك نقول إن الإدارة هى شريان الحياة وبنجاحها تنجح المؤسسات، وإذا فشلت تفشل المؤسسات، ونعود إلى رصد طبيعة العلاقة بين الإدارة والتراث، فمن منطلق أن الإدارة هى شريان الحياة لكل القطاعات والمجالات، فإن التراث هو أحد هذه القطاعات، وهذا التراث تقوم على تطويره وصيانته والحفاظ عليه مؤسسات، وإذا لم تتوافر لدى هذه المؤسسات الإدارة السليمة التى تتمتع بقدرات تطويرية عالية وسليمة فإن التراث قد يتعرض للتلف والهلاك، وبالتالى ينبغى أن تكون هناك إدارة ناجحة للحفاظ على هذا التراث، لأنه إذا ضاع فلن نستطيع تكراره، وفى الماضى كانت هناك إدارات معنية بالحفاظ على التراث، ونحن اليوم فى أوج التقدم التكنولوجى والعلمى، وبالتالى يجب استثمار هذا التقدم التكنولوجى فى الحفاظ على التراث والاستثمار فيه، خاصة فى ظل ما تعرضت له بعض الدول بالمنطقة العربية فى السبع السنوات الأخيرة من نزاعات مسلحة، وتركت أثراً تدميرياً على هذا التراث، وللأسف لن تستطيع ترميم أو حتى إصلاح ما تم تدميره، ولذلك يرى كثير من الباحثين أن تدمير التراث فى الوطن العربى كان أمراً مستهدفاً ومتعمداً ومخططاً له، لتدمير ومحو الهوية لهذه الشعوب، لأن التراث ببساطة هو امتداد لتاريخ الأجداد، وهو ما يحتم علينا العمل للحفاظ على هذا التراث وحفظه للأجيال المقبلة، وهو ما يتطلب وجود إدارة سليمة ناجحة للحفاظ على هذا التراث.

وما أقسام هذا التراث؟

- هناك التراث المادى الملموس، كالبنايات والمعابد والتماثيل وغيرها، وهناك أيضاً التراث المعنوى غير المادى، كالأغانى، والموسيقى والأزياء والأدب والشعر والأمثال الشعبية والسيَّر واللغة بل وحتى الأكلات الشعبية، وفيما يتعلق باللغة تحديداً هناك من يشكك قائلاً إن اللغة ليست مصدراً تراثياً، ولكن فى الحقيقة اللغة هى أساس المصادر التراثية، لكونها ناقلة وشارحة لكل أنواع التراث.

وما أبرز التحديات التى تواجه التراث العربى؟

- أكثر ما يهدد التراث هو النزاعات المسلحة، والعوامل البيئية من كوارث طبيعية كالزلازل والفيضانات وغيرهما، وكذا الإهمال والإدارة الفاسدة والضعيفة، وغيرها من الأمور، وهناك بعض الدول تعجز عن الحفاظ على المصادر التراثية، لأن تكلفة الحفاظ على التراث عالية للغاية، وهناك دول أخرى ليست لديها الإمكانات اللازمة والمطلوبة للحفاظ على المصادر التراثية، وبالتالى فهى تترك هذه المصادر التراثية كما هى عرضة للعوامل البيئية الطبيعية التى تؤثر عليه بشكل سلبى نتيجة التغير فى درجات الحرارة والرطوبة والأمطار والرياح والأتربة وغيرها من العوامل التى تساعد على تلف المصادر التراثية مع الوقت.

{long_qoute_2}

البعض يشير إلى أن اللغة العربية كمصدر للتراث تواجه تحديات بل وذهب بعضهم إلى أنها مهددة بالاندثار؟

- صحيح أن اللغة العربية كمصدر تراثى مهم تواجه كثيراً من التحديات، وأحد أسباب مواجهة اللغة العربية لهذه التحديات هو أنها اللغة الحاضنة للدين الإسلامى والقرآن، وبالتالى فهى تواجه ما يواجهه الدين الإسلامى من محاولة للطمس، لكن من يقول إن هذه اللغة ستندثر فهذا كلام ليس صحيحاً، هى تواجه تحديات لكنها لن تندثر لعدة أسباب، منها أن نحو 350 مليون عربى يتحدثون بهذه اللغة، هذا أولاً، ثم إن هناك ملياراً ونصف المليار مسلم يعرفون اللغة العربية ويقرأون القرآن، علاوةً على كونها واحدة من اللغات الحية المعتمدة من جانب الأمم المتحدة، والأهم من هذا كله أن هذه اللغة محفوظة بحفظ إلهى، وهناك خلط بين اللهجات المحكية وبين اللغة الفصحى، فنجد من يطالب بأن نُسمى اللهجات لغة، كاللغة المصرية واللغة الأردنية واللغة العراقية واللغة السورية وغيرها، إلا أنها فى حقيقة الأمر ليست سوى لهجات محلية، حتى إنها تختلف داخل الدولة الواحدة، فلهجة أهل الصعيد فى مصر تختلف عن لهجة أهل الدلتا وعن لهجة أهل سيناء وغيرهم، ويوضح ذلك أن رسم الحرف العربى واحد مهما تعددت اللهجات، وأن كتابة الحرف باللغة العربية الفصحى واحد فى جميع أرجاء الوطن العربى بل والعالم، فاللغة العربية واحدة مهما تعددت اللهجات، فالقرآن الكريم لا يُقرأ إلا بالعربية الفصحى لا باللهجات المحلية.


مواضيع متعلقة