ناجي العلي.. "بلديات المسيح" أهدى فلسطين 40 ألف لوحة فتلقى "رصاصة"

كتب: صفية النجار

ناجي العلي.. "بلديات المسيح" أهدى فلسطين 40 ألف لوحة فتلقى "رصاصة"

ناجي العلي.. "بلديات المسيح" أهدى فلسطين 40 ألف لوحة فتلقى "رصاصة"

"اللي بدو يكتب عن فلسطين.. واللي بدو يرسم عن فلسطين.. لازم يعرف حاله ميت، أنا مش ممكن أتخلى عن مبادئي ولو على قطع رقبتي"، كتب ناجى العلي رسام الكاركتير الفلسطيني الشهير بـ"حنظلة" هذه الكلمات معلقاً بها على إحدى رسوماته التي رسمها وكأنه يعرف نهايته ومصيره الذي ينتظره، ففي تمام الساعة الخامسة والربع تقربيا، يوم الأربعاء، الـ22من يوليو عام 1987، كعادته كان يحب أن يسير وحيداً ولا يقبل الحراسة، أوقف سيارته وترجل حاملا  لوحتين هما آخر ما رسم، مشى متوجها عبر شارع "أي فز" بتشيلسي حيث يقع مكتب جريدة القبس الدولية رقم 22 في الشارع.

اقترب منه شاب طويل القامة ذو شعر أسود يترواح عمره بين الـ25 والـ30 عاما، فأخذ يلاحقه خطوة خطوة ولم يشعر ناجي بأن أحد يلاحقه، فأخرج الشاب مسدس كاتم صوت من جيبه وأخفاه في الصحيفة التي كانت بيده، وحين اقترب من ناجي بما فيه الكفاية أطلق عليه رصاصة صوبها نحو رأسه فأرداه قتيلا، ثم تمكن من الفرار واختفى تماما في الشوارع الخلفية، ليبقى ناجي ملقى على الأرض غارقاً في دمه، إلى أن وصل أحد الأشخاص وأوقف النزيف.

وكان فواز عابدين صديق ناجي المقرب قد شاهد الجريمة، فهرع نحوه ثم ذهب لملاحقة القاتل لكنه اختفى، ليشغل مقتل ناجي العلي اهتمام الجميع كما فعلت رسوماته وليبقى لغزاً محيراً.

والقضية الفلسطينية هي أخطر قضية حدثت في القرن الـ20 وربما تكون أخطر قضية حدثت في التاريخ كله، آمن بها ناجي العلي منذ صغره بل وبالقضية العربية بصفة عامة، وعبر عنها في رسوماته الشهيرة المعروفة بـ"حنظلة"، والتي عرضته للإغتيال.

فكان يقول: "ولدت حيث ولد المسيح بين طبرية والناصرة في قرية الشجرة بالجليل الأعلى، أخرجونا من هناك عام 48 وعمري 10سنوات، أتذكر هذه السنوات العشر أكثر مما أتذكر بقية عمري، أنا لست محايدا بل أنا منحاز لمن هم تحت، لمن ينامون في مصر بين قبور الموتى، لمن يخرجون من حواري الخرطوم وهم يمزقون بإيدهم سلاسلهم، لمن يقرأون كتاب الوطن بالمخيمات، أنا ناجي العلي رسام الكاركتير العربي من فلسطين.

فأصبحت سيرة الوطن المغتصب وقضيته جزءً من ملامح ناجي الشخصية ومن إبداعه في آلاف الرسومات التي أودعها سجل فلسطين التراجيدي، وعلى صورة الطفل "حنظلة"حافي القدمين، حيث كان يرى فلسطين دائما الوطن والحل والحلم، وإسرائيل هي العدو هي ومن يفرط في الحقوق من أبناء الوطن أو من أؤتمن عليها، لهذا وجه سهامه الغاضبة المشحونة بالسخط إلى من فرطوا في القضية وباعوها.

فتحت له الصحف صفحاتها وعبر بجرأة وبصدق وانتقد بحدة فرسم 40 ألف لوحة كاريكاتير، ولكن لم ينشر منها سوى ثمانية آلاف رسمة، وأصبحت رسوماته بركان الغضب الثائر وحديث الشارع والساسة، وسافر الكويت عقب موجه من الهجوم الشديد عليه، وواصل جهاده بسلاح رسوم الكاركتير الذي رسمه في صحيفة القبس الكويتية، إلى أن طرد منها بضغوط سياسية منها ليتوجه إلى لندن التي لقى بها حتفه أثناء توجهه إلى عمله.


مواضيع متعلقة