«أسيوط»: «الورثة» يلجأون لهدم «المبانى التاريخية».. ورجال الأعمال يتسابقون على الشراء

كتب: سعاد أحمد

«أسيوط»: «الورثة» يلجأون لهدم «المبانى التاريخية».. ورجال الأعمال يتسابقون على الشراء

«أسيوط»: «الورثة» يلجأون لهدم «المبانى التاريخية».. ورجال الأعمال يتسابقون على الشراء

«أسيوط مدينة القصور» اسم لكتاب نادر باللغة الإنجليزية تحتفظ مكتبة الكونجرس الأمريكى بنسخة منه‏، حيث يعرض الكتاب لأكثر من 1000 قصر تاريخى كانت تتضمنها محافظة أسيوط فى أوائل القرن العشرين‏، غير أن غالبية هذه القصور‏ ابتلعتها الأبراج والعمارات السكنية، بعد أن طالتها يد الإهمال وتحولت إلى بيوت تسكنها الأشباح، مما جعل منها مطمعاً لرجال الأعمال، الذين تنافسوا فى شرائها أو الاستيلاء عليها، نظراً لمواقعها المتميزة، لهدمها وبناء أبراج تجارية وسكنية على أرضها، لجنى أرباح طائلة.

ولم تستيقظ محافظة أسيوط من غفوتها إلا بعد استفحال الظاهرة، وبدأت الأجهزة التنفيذية فى اتخاذ عدة إجراءات بهدف الحفاظ على ما تبقى من تلك القصور والفيلات الأثرية بالمحافظة، من خلال تشكيل لجنة لفحصها باعتبارها «مبانى ذات طراز معمارى فريد»، لمرور أكثر من 100 عام على إنشائها، لحمايتها من معاول الهدم، إلا أن الخطوة التى اتخذتها المحافظة لم توقف تحركات المستثمرين للقضاء على ما تبقى من القصور التاريخية.

ورغم إدراج المحافظة العديد من القصور والفيلات الأخرى ذات الطراز المعمارى الفريد ضمن الأماكن الأثرية، فإن محاولات الاستيلاء عليها وهدمها ما زالت مستمرة، ومنها «قصر القومسيون الطبى»، وقصر «ورثة وجيه لوتس»، وقصر «وجيه لورانس»، و«قصر الزق»، الذى أصبح مقراً لكلية الخدمة الاجتماعية حالياً، وفيلا وقف «دير المحرق»، وقصر «صلاح خشبة»، وقصر «ورثة إدوار مقار مشرقى»، مبنى محكمة الاستئناف حالياً، و«فيلا 28»، وقصر «رقم 5»، الذى أصبح مثار نزاع بين مالكيه وجمعية «إسكان الزراعيين» بأسيوط، التى تسعى لهدمه وتحويله إلى أبراج سكنية لأعضاء الجمعية.

{long_qoute_1}

ومن أبرز المبانى التاريخية فى أسيوط قصر «ألكسان»، الذى يمتد على مساحة 7 آلاف متر مربع، ويتكون من قصر وحديقة خاصة يطلان على نهر النيل مباشرة، ويرجع تاريخ إنشائه إلى عام 1910، ويعتبر تحفة معمارية ذات قيمة حضارية وجمالية وأثرية متميزة، وفى ديسمبر 1995 صدر قرار المجلس الأعلى للآثار بتسجيل القصر ضمن قائمة الآثار الإسلامية، وتلاه قرار آخر من مجلس الوزراء بتحويله إلى متحف، وتخصيص 18 مليون جنيه لهذا الغرض، إلا أن القصر ما زال مهجوراً، ولم يتحرك أى من المسئولين لإنشاء المتحف، رغم وجود ما يقرب من 4 آلاف قطعة أثرية، تتحدث عن الحضارة الفرعونية محتجزة داخل مخزن بإحدى المدارس الخاصة، تنتظر إنشاء المتحف للإفراج عنها. ودفع تسابق رجال الأعمال للقضاء على تاريخ «مدينة القصور» العديد من الأكاديميين بقسم الآثار فى جامعة أسيوط، وأثريين من منطقة تفتيش آثار أسيوط، إلى إطلاق صرخة استغاثة، للحفاظ على ما تبقى من قصور تاريخية، وقالت «فاطمة عبدالحليم»، مهندسة تخطيط عمرانى وعضو مجلس نقابة المهندسين بأسيوط، إن القصور والفيلات ذات الطراز المعمارى الفريد يجب استغلالها من خلال سياحة القصور المنتشرة فى دول أوروبا وأمريكا، وهى تدر أموالاً طائلة، مشيرةً إلى أن الدولة اكتفت بإدراج تلك القصور والفيلات ضمن قائمة الطراز المعمارى الفريد، فيتم غلقها دون أى استغلال، وتظل فى انتظار محاولات الهدم والتخريب من ملاكها، حتى يتمكنوا من إنشاء أبراج سكنية بدلاً منها. ومن جانبه، أعرب الدكتور أحمد عوض، مدير عام آثار أسيوط، عن أسفه لتعرض الكثير من القصور التاريخية بمدينة أسيوط وبعض المدن الأخرى بالمحافظة للهدم من قبل الورثة، لبناء أبراج وعمارات حديثة مكانها، دون النظر للقيمة التراثية والفنية لهذه القصور، لافتاً إلى أن الأعداد القليلة المتبقية من هذه القصور معرضة الآن للهدم والتعديات، لكونها غير مسجلة فى قوائم الآثار، وإنما مصنفة كمبانٍ تاريخية فقط، مؤكداً أن هذا التصنيف لا يحول دون التعدى عليها أو حتى هدمها، وأضاف أن كثيراً من هذه القصور تشغلها الآن مصالح حكومية أو تحولت إلى مقار تعليمية، ومنها القصر الكائن بشارع «26 يوليو»، الذى ظل لفترة طويلة مقراً لـ«الحزب الوطنى»، وبعد حل الحزب عقب «ثورة 25 يناير»، تعرض القصر للعديد من التعديات، صدر على أثرها قرار بوقف هذه التعديات، باعتباره من المبانى التاريخية بموجب قائمة أعدتها لجنة مختصة بحصر المبانى التاريخية بمحافظة أسيوط.

وأضاف «عوض» أنه رغم تشديد محافظ أسيوط السابق على ضرورة حماية القصور والفيلات الأثرية، لما تمثله من قيمة تاريخية، فإن عمليات الهدم لا تزال قائمة، وما بين عشية وضحاها يتحول أحد تلك القصور أو أكثر إلى ركام، مشيراً إلى أن منطقة آثار أسيوط تقوم بمحاولات لنزع ملكية بعض هذه القصور من أجل المحافظة على التراث المعمارى لهذه المدينة، وأكد أن غالبية تلك القصور كانت تزخر بالكثير من المقتنيات الثمينة، التى كان يتنافس أصحابها على اقتنائها.


مواضيع متعلقة