صغار المستثمرين يصرخون: شروط تجديد سجل المستوردين بداية لـ«خراب البيوت»

صغار المستثمرين يصرخون: شروط تجديد سجل المستوردين بداية لـ«خراب البيوت»
- أرض الواقع
- أسعار السلع
- أصحاب البطاقات
- أصحاب الشركات
- أصحاب العمل
- احتكار السلع
- ارتفاع أسعار
- استيراد وتصدير
- الاستثمار فى مصر
- الاستيراد والتصدير
- أرض الواقع
- أسعار السلع
- أصحاب البطاقات
- أصحاب الشركات
- أصحاب العمل
- احتكار السلع
- ارتفاع أسعار
- استيراد وتصدير
- الاستثمار فى مصر
- الاستيراد والتصدير
اشتكى عدد من صغار المستوردين وشباب الأعمال مما وصفوه بالشروط التعجيزية لحديثى العمل الذين وجدوا طريقهم فى مجال الاستيراد والتصدير، وقاموا بإنشاء كيانات رسمية صغيرة «مكاتب استيراد» يعمل بها مجموعة من الشباب حديثى التخرج، والذين أصبحوا مهددين بـ«الجلوس فى بيوتهم»، نظراً لاحتمال غلق تلك المكاتب، بعد إقرار وزارة التجارة والصناعة اللائحة التنفيذية للقانون رقم 7 لسنة 2017 الخاص بسجل المستوردين، ومن ثم الإعلان عن شروط جديدة لتجديد رخص الاستيراد، تتمثل فى اشتراط دفع مبلغ 200 ألف جنيه «قيمة مجمدة»، بدلاً من 5 آلاف جنيه فى الماضى، لا يتم استردادها إلا فى حالتى إغلاق النشاط، أو تسليم البطاقة الاستيرادية للجهات المعنية فى الوزارة، على ألا تقل قيمة الاستيراد عن 2 مليون جنيه سنوياً لشركات الأفراد، وخمسة ملايين جنيه لشركات المساهمة. يمتلك محمد أحمد، شركة استيراد وتصدير ومقاولات عامة، أنشأها قبل خمسة أعوام ونصف العام، وعلى الرغم من سماح ترخيص تلك الشركة باستيراد أنواع عديدة من السلع، فإنه تخصص فى استيراد «النجيلة الصناعية» لتجهيز الملاعب، فضم إليه ما يزيد على 20 عاملاً، ما بين مهندسين ومحاسبين وسكرتارية، بجانب دولاب عمل كامل من الصنايعية «حدادين، نجارين، عمال بناء، وغيرهم». يقول صاحب شركة الاستيراد والتصدير إن خطورة القرار تتمثل فى تحول الدولة إلى نظام احتكار السلع للكبار، والقضاء على صغار التجار لعدم قدرتهم على التكيف وتوفيق أوضاعهم مع هذه القوانين، التى صدرت خصيصاً لصالح كبار المستوردين، بالإضافة إلى أن هذه الشروط «التعسفية» -على حد تعبيره- تقضى على أحلام شباب الأعمال فى إنشاء كيان تجارى صغير يبدأ به حياته بعيداً عن روتينية العمل وانتظار وظائف الحكومة، ومن ثم قد يصبح هذا الكيان الصغير نواة لشركة كبيرة أو مصنع كبير فى المستقبل، وهذا حدث مع كثير من رجال الأعمال الكبار الحاليين، حيث بدأوا حياتهم بأعمال بسيطة للغاية، ثم أصبحوا رواداً للتجارة والصناعة فى مصر.
وعن أهم شروط استصدار الرخصة، أشار الشاب الثلاثينى إلى أن القرار شمل ثلاث فئات، الأولى خاصة بـ«الأفراد»، واشترطت ضرورة مزاولة النشاط التجارى والاستيرادى لمدة لا تقل عن عامين قبل التقدم للحصول على القيد بسجل المستوردين، بحيث يكون حجم الإيرادات فى آخر ميزانية رسمية للشركة المتقدمة لا يقل عن 2 مليون جنيه، وألا يقل حجم رأس المال المثبت بالسجل التجارى والميزانية عن نصف مليون جنيه مصرى، ورفع قيمة تأمين البطاقة الاستيرادية لـ50 ألف جنيه بدلاً من 3 آلاف جنيه. الفئة الثانية: خاصة بشركات التضامن والتوصية وذات المسئولية المحدودة، واشترط بشأنها مزاولة التجارة لمدة سنة على الأقل قبل استخراج البطاقة الاستيرادية، وأن يكون حجم الأعمال بآخر ميزانية لا يقل عن 5 ملايين جنيه، وألا يقل رأس المال المدفوع المثبت بالسجل التجارى والميزانية عن 2 مليون جنيه، بجانب تأمين البطاقة الاستيرادية بمبلغ 200 ألف جنيه بدلاً من 3 آلاف جنيه. الفئة الثالثة: بالنسبة للشركات المساهمة، لا تقل مدة مزاولة التجارة عن سنة قبل استخراج البطاقة الاستيرادية، وأن يكون حجم الأعمال بآخر ميزانية لا يقل عن 5 ملايين جنيه، وألا يقل رأس المال المصدر المثبت بالسجل التجارى والميزانية عن خمسة ملايين جنيه، وتأمين البطاقة الاستيرادية بمبلغ 200 ألف جنيه بدلاً من 3 آلاف جنيه.
وقال باسم والى، صاحب شركة استيراد وتصدير، إن القرار سوف ينتج عنه ارتفاع أسعار السلع بشكل «جنونى» داخل أسواق المستهلكين، لأن الشركات التى ليس لديها قدرة على دفع قيمة التأمين، أو الاستيراد بمبلغ خمسة ملايين جنيه سنوياً، سوف تلجأ للاستيراد من خلال سجلات تجارية لشركات أخرى أكبر منها، مقابل دفع مبالغ مالية لأصحابها، ومن ثم يتم إضافة تلك المبلغ للبضائع، وهو ما سيعود بالضرر على المستهلك فى نهاية الأمر، لأنه سوف يتحمل بمفرده قيمة الزيادات المستمرة. وأضاف «والى» أن وزارة التجارة والصناعة دأبت خلال الفترة الأخيرة على إصدار قرارات تعرقل حركة صغار المستثمرين، ففى العام الماضى اشترطت الوزارة تسجيل قائمة المنتجات التى يتم استيرادها فى سجل هيئة الرقابة على الصادرات والواردات، من خلال قوائم منتجات، تضم كل قائمة ما بين 15 إلى 20 منتجاً، وكان الحديث فى بداية الأمر عن أن المدة الزمنية اللازمة للحصول على موافقة تسجيل المنتج لن تستغرق أكثر من أسبوعين فقط، وهو ما لم يحدث، فمنذ الإعلان عن التسجيل فى شهر يونيو 2016 وحتى الآن، لم نستطِع تسجيل منتجاتنا، دون أى مبررات تذكر، سوى بيروقراطية العمل.
{long_qoute_1}
ويرى المهندس سمير حداد أن أصحاب الشركات لن يقفوا مكتوفى الأيدى أمام القرارات غير المسئولة لوزارة التجارة والصناعة -على حد وصفه- لأن تلك القرارات من شأنها إغلاق مئات وآلاف مكاتب الاستيراد والتصدير، وتسريح العاملين بها، لذا لجأ غالبيتهم إلى استيراد المواد الخام مُصنعة فى صورتها النهائية «مستلزمات تصنيع»، ينقصها التركيب النهائى فقط، على أن يقوموا هم بتجميعها داخل ورش صغيرة مقابل أسعار زهيدة، وفى هذه الحالة تكون الدولة قد خسرت المبالغ التى كانت تحصل عليها كرسوم على البضائع الواردة التى كانت تصل فى بعض السلع لـ40% من إجمالى القيمة الاستيرادية على البضائع المصنعة، وبعد تلك العملية سوف تكون الرسوم أقل من 4%، بما يعنى أن قرارات الوزارة كبّدت الدولة خسائر مالية كبيرة.
يضيف «حداد» أن الهيئات الحكومية المسئولة عن الاستثمار فى مصر تحارب الاستثمار والمستثمرين بقراراتها غير المدروسة، والتى غالباً ما نراها كمستثمرين ومستوردين على أنها «نظرية» ولا تلامس أرض الواقع، وأكبر دليل على ذلك، القرار الأخير الذى رفع حد التأمين المجمد إلى 200 ألف جنيه، وحجم استيراد لا يقل عن خمسة ملايين جنيه، والهدف المعلن من ذلك وقف استيراد بعض السلع التى يتم تصنيعها فى مصر بغرض تشجيعها، أما الذى يحدث فى الباطن فيتمثل فى منح تلك السلع المصرية الحق فى الاحتكار بشكل مقنن، لأنه فى حالة وقف الاستيراد سوف يقفون بمفردهم فى ساحة المبيعات داخل السوق المصرية، وبدلاً من أن يتاح للمستهلك المصرى الاختيار بين أكثر من سلعة وأكثر من سعر، تضعه الحكومة أمام منتج مصرى واحد فقط بجودة منخفضة وبأسعار قد تضاهى أسعار المستورد، والأكثر من ذلك أنه يوجد بعض السلع التى لا يتم إنتاجها فى السوق المحلية إلا فى أضيق الحدود، مثل النجيلة الصناعية وبعض المنتجات الطبية، بما يعنى أن تعويضها لن يتم إلا من خلال الاستيراد، وفى تلك الحالة تكون الدولة قد قدمت لـ«الكبار» المكسب على طبق من ذهب، لأنه لن يجد له منافساً.
وقال مصدر مسئول بوزارة التجارة والصناعة إن القرار يستهدف الحد من دخول المنتجات متدنية الجودة إلى السوق، ومن ثم حماية المستهلك المصرى، الذى تحول فى الآونة الأخيرة لحقل تجارب، نتيجة قيام بعض أصحاب العمل الذين ليس لديهم رأس مال كافٍ باستيراد بضائع متدنية ومجهولة المصدر من الخارج، تواكب حجم الأموال التى بحوزتهم، ثم يغرقون بها السوق، ويتم بيعها على أنها مستوردة، ويقومون ببيعها لتجار «قطاعى»، الذين يتولون مهمة بيعها فى المحافظات بعيداً عن أعين الرقابة، لذا كان لزاماً علينا أن نقف مع المواطن ضد جشع المستوردين، والتخطيط لمنظومة استيرادية محترمة، طبقاً لتعبيره.
وأضاف المصدر أن القانون القديم المنظم لعملية الاستيراد رقم 121 لسمة 1982، مضى عليه ما يقرب من 30 عاماً، وهو ما لم يعد صالحاً للعمل داخل السوق حالياً، نظراً لحجم التغيرات الكبيرة التى طرأت عليه من حيث النشاط الاقتصادى وحجم السوق، ومن حيث آليات الاستيراد التى تطورت خلال الفترات الأخيرة، والأهم من ذلك طبيعة السلع، حيث استغل بعض المستوردين حالة الغلاء الموجودة داخل السوق وعرضوا بضائعهم على أنها المنقذ للفقير، دون الإشارة للأضرار الناجمة عنها. وعن تعويض المتضررين من المستوردين الذين صدر القرار بعد تعاقدهم على بضائع مستوردة، أشار المصدر إلى أن القانون منح أصحاب البطاقات الاستيرادية 6 أشهر لتوفيق أوضاعهم فيما يتعلق برأس المال والتأمين النقدى وإدخال بضائعهم المعلقة، وفى حالة مخالفة المستورد لشروط اللائحة، بعد انتهاء تلك المدة، يتم إيقافه لمدة لا تزيد عن عامين، بتهمة الإضرار بصحة وسلامة المستهلك، كما أنه يشمل إعفاء المنشآت والشركات التى تزاول نشاطاً إنتاجياً أو صناعياً أو خدمياً من القيد فى السجل فى حدود ما تستورده من مستلزمات باسمها ولحسابها، لذلك سوف تصدر الوزارة نشرة دورية كل ثلاثة أشهر بالبيانات الخاصة بالمستوردين متضمنة القيد والتعديل والتجديد والشطب أو أى بيانات أخرى تتعلق بالقيد.
ويرى الخبير المصرفى مدحت نافع أن الأزمة الحقيقية تكمن فى أن معظم قرارات الحد من الاستيراد ظاهرها يكون تخفيض العجز فى ميزان التجارة، أما باطنها فحماية الاحتكار المحلى وليس الصناعة المحلية لأنها نادراً ما تطور نفسها لتخفيض الأسعار وزيادة التنافسية فى أسواق حرة، لكن تلك القرارات تهمل الأثر المباشر على المستوى العام للأسعار ووقوع المستهلك فريسة فى يد المحتكرين فضلاً عن الإضرار بنشاط الاستيراد وممتهنيه، ومن ثم لا يصبح أمام صغار المستوردين سوى الاندماج مع بعضهم البعض، وتشكيل كيانات أكبر للاستفادة من اقتصاديات الحجم للتغلب على تبعات تلك القرارات.