عمر طاهر: بيوت الصعيد كانت تفتح على بعضها وقت الإفطار.. والتجمعات العائلية الآن تحكمها «الصدفة»

كتب: محمود عباس

عمر طاهر: بيوت الصعيد كانت تفتح على بعضها وقت الإفطار.. والتجمعات العائلية الآن تحكمها «الصدفة»

عمر طاهر: بيوت الصعيد كانت تفتح على بعضها وقت الإفطار.. والتجمعات العائلية الآن تحكمها «الصدفة»

الكلمات تخرج منه دقيقة محسوبة، يلخص بها ذكريات طفولته التى عاشها داخل أسرة تقدر الثقافة حق قدرها، ويتحدث من خلالها عن بلده التى تبدلت معالمها وانقلبت حياة أهلها رأساً على عقب، ثم يأخذه الحديث إلى يوم لا ينساه عشاق الكرة بمختلف انتماءاتهم، قبل أن يحكى عن مصادفة جمعته بمهنة أحبها فسمحت له أن يكون أحد «صنايعية الكتابة» فى جيله.

{long_qoute_1}

تنهيدة طويلة تسبق حديث «عمر طاهر» عن ذكرياته مع «رمضان»، فها هو يسترجع مشهد البيوت المفتوحة على بعضها فى صعيد مصر وقت الإفطار، و«اللمة الحلوة» التى لا تفرقها مشاغل الحياة، وهو الحال الذى تبدل تماماً هذه الأيام، فالمجتمع بات أشبه بـ«الجزر المنعزلة»، والتجمعات العائلية فى رمضان تحكمها الصدفة بفضل «دنيا الإنترنت» التى أشعرته وكأنه عاش فى بلدين لا علاقة لواحدة منهما بالأخرى، «ده التطور الطبيعى للحياة، كل شخص فينا لو افتكر نفسه من 10 سنين هيحس نفس الإحساس».

عشرات الكتب قرأها «عمر طاهر»، ما بين طفولته وشبابه، يعشق منها كل ما له علاقة بتاريخ مصر عبر العصور، ويعطى الأفضلية لكتاب «أيام لها تاريخ»، للكاتب أحمد بهاء الدين، لما حواه من معلومات عن شخصيات مصرية أصيلة وأحداث تاريخية «لن تسقط من ذاكرة الأمة».

{long_qoute_2}

اكتشاف العالم ومعرفة كل تفاصيله كانت السمة الأبرز فى طفولة الكاتب الصحفى عمر طاهر، الذى كان يقضى ساعات طويلة فى تأمل كل ما حوله، لا يستغل طاقته فى اللعب بقدر ما يستثمرها فى تفكيك ما استطاعت يده الصغيرة الوصول إليه من أجهزة منزلية ومعرفة مكوناتها وطريقة تركيبها، قبل أن يكتشف كنزاً ورثه عن أسرته: «أنا اتولدت فى بيت كله بيحب القراءة، مع أب وأم عندهم مكتبة فيها كل ألوان الكتب، وجد كان بيقعد معايا ويجيب لى مجلة صباح الخير ويفرجنى ع الكاريكاتير اللى فيها، ويسألنى عن اللى فهمته ويتناقش معايا فى كل كبيرة وصغيرة».

حينما ينشأ الطفل، عمر طاهر، فى كنف أب يطّلع على كل الصحف والمجلات اليومية، فلا عجب أن تكون لعبة «الورقة والقلم» هى الأحب لقلب ابنه: «كانت الكتابة هى وسيلتى فى التعبير عن كل حاجة من وأنا فى ابتدائى، سواء رسومات أو شعر، أو حتى كتابة كلام الأغانى اللى أنا حافظها أو خواطر بتعبر عن حاجة حصلت لى».

الكتابة تنحت جانباً حينما قرر الشاب الصعيدى أن ينزح إلى القاهرة مقبلاً من محافظة سوهاج ليبدأ رحلته مع الدراسة الجامعية بكلية التجارة جامعة حلوان، لم يعد يشغله شىء سوى اكتشاف كل معالم العاصمة وجوب ميادين «وسط البلد»، وأخذ فسحة من الوقت للفرجة على الشوارع من شباك «الأوتوبيس» خلال رحلة الجامعة، ذهاباً وإياباً: «فى الوقت ده كنت مركز فى دراستى، وما كانش عندى أى تصور إنى ممكن أبقى صحفى، وكان كفاية عليّا ندوات الشعر اللى باروحها من فترة للتانية».

«الموهبة تنتصر أحياناً».. كان ذلك لسان حال الشاب عمر طاهر، المتخرج فى كلية تعترف بالأرقام دون التعبيرات، غير أن خبراً ساقه إليه صحفى بارز خلال مقابلة جمعتهما بوسط البلد، كان كفيلاً بتغيير كل حساباته: «فى الوقت ده كان بدأ التحضير للإصدار الأول من جورنال الدستور فى منتصف التسعينات، وعرض عليّا الأستاذ إبراهيم داوود الانضمام للتجربة بما إنه كان عارف إنى باكتب شعر، ومن لحظتها دخلت الصحافة وما خرجتش منها تانى».

سنوات الصحفى عمر طاهر داخل بلاط صاحبة الجلالة، كان فيها كالنحلة، تارة يطير إلى «باكستان» لإجراء حوار مع عالمها فى الطاقة النووية، عبدالقدير خان، وأخرى تطأ قدماه أراضى إيران لعمل حوار مع وزيرة الشباب هناك، فائزة رفسنجانى، ثم يكون على موعد مع الروائى البرازيلى «باولو كويلو»، ناهيك عن تغطيته الصحفية للأحداث المشتعلة بجنوب لبنان، أواخر التسعينات قبل أن يعود إلى القاهرة ليجرى معايشة صحفية فى منزل عالمة الذرة «سميرة موسى»، إحياء لذكراها: «اشتغلت فى المهنة دى فن وسياسة ورياضة وأحداث خارجية، الواحد يقدر يقول إنه فرحان بأرشيفه».

التجربة آن لها أن تتطور بعد 10 سنوات، فقلم «عمر طاهر» يريد أن ينطلق ساخراً من أوضاع يمر بها مجتمعه، وموثقاً لذكريات لن ينساها أبناء جيله، غير أن كتابى «إذاعة الأغانى» و«صنايعية مصر» هما الأقرب إلى قلبه، «الكتابين دول حسسونى إنى لقيت نفسى ككاتب واللى قبلهم أقدر أقول عليها محاولات».

الكرة لم تغب عن حياة «عمر طاهر»، فهو الشاب الذى حرس مرمى فريق نادى سوهاج للناشئين ولم يتح له القدر استكمال مسيرته، وهو المشجع الذى يكن كثيراً من الحب لفريقه، ولا ينسى تلك المباراة، التى وصفها بـ«الأسخف» فى حياته، بعد سداسية تلقاها الزمالك من الأهلى عام 2002، «ماكانش حد السبب فى حبى للزمالك، طلعت لقيت نفسى باحبه وأشجعه».


مواضيع متعلقة