أوراقهم تحكي| ثروت أباظة: "النحاس" طلب من الملك تقبيل يده

أوراقهم تحكي| ثروت أباظة: "النحاس" طلب من الملك تقبيل يده
اختار أن يتحدث دون ترتيب، يكشف ما في جعبة الأيام الملكية من حكاوي عايشها بفعل المناصب التي تقلدها والده وصفته الحزبية في حزب "الأحرار"، وحتى أصبح الأبن الأكبر وكاتب المذكرات ثروت أباظة، أحد أشهر الروائيين والكُتّاب المصريين.
داخل 146 صفحة دوّن ثروت أباظة لمحات من حياته، بدأها بسرد مولده في حي المنيرة، إلا أنه والده رفض أن يقيذه بالقاهرة وانتظر إلى أن يذهب إلى غزالة بالشرقية التي كاني حبها كل الحب، وقيّده بها حتى ينتسب إلى بلدتهم غزالة.
جلس الروائي المصري إلى جوار الأدباء في أوائل الثلاثينيات وهو لم يزل في السنة الأولى الابتدائية، حيث صحب صديق ولده "عبدالله أفندي العربي" إلى هناك بعد أن رسب في عامه الدراسي الأول، وجلس فيه مع الأدباء في الستينيات، وكان يصحبه أبيه دسوقي أ[اظة إلى مجل سالنواب ليشهد الجلسات من شرفة الزوار، وكان والده حينهاوكيل مجلس النواب، فكان يحرص والده على أن يكون معه أغلب الأوقات دون إخوته.
يروي ثروت أباظة قصة كتابته لأول مقالة في حياته، فكان طالبًا في السنة الرابعة الثانوية في مدرسة فاروق الأول، وكان يدرسه له اللغة العربية أستاذ طيب أسمه ضاحي، كتب له موضوع إنشاء استعمل فيه كلمة "تساءل" على ما يتذكر، فإذا به يضع تحتها خط ويقوله له "تساءل على وزن تفاعل"، وتفاعل لا تكون إلا في تبادل الشيء بين شخصين فاستعمالك لها غير صحيح، وعجب أباظة من قوله، وذهب إلى المنزل فهرع إلى القاموس وما لبث أن تبين أن الأستاذ أخطأ خطأ فادحا، وكان خطأ الأستذة وقتها في ذلك الحين كبيرة من الكبائر، فكتب كلمة عنوانها "تصحيح أوراق"، وقرأ صديق له الكلمة الصغيرة التي كتبها عن خطأ الأستاذ وعرضفها على عميد كلية الآداب أحمد بك أمين.
ابن السادسة عشر عامًا حينها ظل منتظرًا رد أحمد بك أمين رئيس تحرير مجلة "الثقافة"، التي كانت تحتل مكان الصدارة في الحياة الأدبية، وكانت أمرًا يفوق أحلامه، وقدّم صديقه المقالة على أنها لشاب محامي ولم يجرؤ أن يصارحه أنها لطالب ونشرت الكلمة ، ووقعها باسم "تلميذ قديم"، إلا أن أصدقائه بالمدرسة وكانوا من متابعي المجلة عرفوا أنها كلمته واستدعاه ن اظر المدرسة وطلب نته في لطف وكياسة ألّا يُهين أساتذته، وكان رد ثروت: "ما دمت أملك قلما فلا يستطيع أحد أن يظلمني".
وتطرق أباظة في مذكراته إلى مشهد كتبه وحيد حامد في مسلسله "الجماعة 2" الذي يُعرض في رمضان الحالي، حيث أشار إلى أنه في أواخر عام 1949 وبعد أن استقالت وزارة إبراهيم باشا عبدالهادي وظهرت في الأفق بعض آمال أن تتكون وزارة مؤتلفة من الأحزاب، قبل حزب الوفد المشاركة بها وكان أبيه وزيرًا فيها، وأجرت وزارة سري الانتخابات واكتسح الوفد لسببين، حسب أباظة هو أن الشعب كان تواق إلى التغيير، وشعور رجال الشرطة أن التيار العام مؤيد للوفد فأعملوا تزويرهم لحسابه حتى يطالبوا بالمكافآت حين يقتعد الوفد كراسي الوزارة، ونهج الوفد نهجا جديدا على سياساته السابقة، وفي اليوم الذي حلفت فيه الوزارة اليمين برئاسة النحاس باشا، إذ قال النحاس للملك فجأة: "مولاي إن لي عندك رجاء أنا مصمم أن أناله"، وكان رد الملك "ما هو"، فقال النحاس: "أن أقبِّل يدك".