كارت معايدة لرئيس الوزراء ..بأى حال عدت يا يوم البيئة؟

مجدى علام

مجدى علام

كاتب صحفي

يعود يوم البيئة العالمى فى 5 يونيو من كل عام وكل دول العالم تتبارى فى تقديم تقرير حالة البيئة عن مدى التقدم الذى حدث ومدى التدهور الذى حصل، وقد كانت مصر من أوائل الدول التى احتفلت بهذا اليوم، الذى تحدد فى مؤتمر انعقاد أول قمة عالمية لحماية البيئة فى يونيو 1972 ووقفت أنديرا غاندى تقول فى استوكهولم إن الفقر هو أكبر مشاكل البيئة.

كانت وما زالت الهند من أكثر دول العالم فى نسبة الفقراء، ومن أكثر دول العالم اهتماماً بحماية الطبيعة، فقط تعرف التوازن العبقرى الذى توصل إليه العلم بأن أى تنمية حقيقية ترغب الدولة فى أن تستمر طويلاً عليها أن تحافظ على مكاسب ثلاثة (حماية البيئة لأنها مصدر الثروة الطبيعية، حماية المجتمع والإنسان لأنه هدف وأساس التنمية، حماية المكسب المالى لأنه محرك التنمية)، وأصبح واضحاً أن الجمعية العامة للأمم المتحدة، المستوى الرفيع الأعلى للتنمية المستدامة، حينما قررت إلزام الدول بتقديم خطط وتقارير سنوية تحدد مدى التزام الدول بالأهداف السبعة عشر المتفق عليها، وكان هدفها متابعة مدى صحة التنمية واستدامتها خاصة فى الـ54 دولة ومن بينها مصر، التى اختارها برنامج الأمم المتحدة للتنمية، ولكن كعادة مصر تحولت كلمة التنمية المستدامة إلى أغنية شعبية يرددها الوزراء والمسئولون دون معنى حقيقى فى التطبيق على الأرض، منذ أن أبلغنا السيد وزير البيئة أن الفحم سيتراجع استخدامه فى مصر من 23% إلى 19% فقط (كما جاء فى خطة مصر 2030) والسؤال للسيد رئيس الوزراء: هل استفادت الحكومة من بيع كوبونات كربون انبعاثات محطات الكهرباء الجديدة أم خدعتها الشركات العملاقة التى تولت إنشاء هذه المحطات؟ ولقد فوجئنا الأسبوع الماضى فى الجامعة العربية أن السيد المهندس محمد عمران، وكيل أول وزارة الكهرباء، يعلن أن مصر ستستخدم الفحم بنسبة 34% فى إجمالى الطاقة، فى الوقت الذى أعلن فيه وزير البترول فى نفس الأسبوع أن اكتشاف الغاز سيكفى احتياجات مصر ويزيد منه للتصدير فهل يشرح لنا السيد رئيس الوزراء كيف هذا؟

لأنه ليس هناك وزير بيئة فى مصر إنما الرجل أصبح محامى التلوث الأول فى مصر، ويقودنا هذا إلى سؤال على لسان كل خبير بيئى فى مصر، إلى متى ستظل المدن المصرية على قائمة منظمة الصحة العالمية فى ارتفاع الملوثات المسببة للأمراض فى مصر؟ وهل يعلم السيد رئيس الوزراء أن ما تنفقه الدولة من مليارات على أمراض تلوث الهواء والمياه والتربة هو نفسه لو أنفق ¼ موازنة العلاج للوقاية والحد من التلوث لانخفضت هذه النسب؟ وتظل كارثة تلوث الهواء فى المدن والقرى المصرية التى أعلن الوزير أن السحابة السوداء انتهت دون دليل علمى واحد سوى تقارير مكتبه المنفرد فيه منعزلاً وسط سكرتارية تقول حاضر نعم، واجتماعه بقيادات الوزارة، وسيلة المنظرة باجتماعاته مع الوزراء وكبار المسئولين وكلما سأل أحدهم كيف تأخذ قراراً ضد البيئة يرد لقد وافق مجلس الوزراء؟؟!!

أما الكارثة الثانية فهى كارثة القمامة (الزبالة) التى فشلت الحكومة فى إدارتها فشلاً ذريعاً إلا من خطط وبرامج على الورق، حينما طبقت فى إمبابة كان الفشل نصيبها، ورغم أن السيد الوزير جاء إلى موقعه والوزراء السابقون قد تركوا له منحة وقرضاً ألمانياً للحد من هذه المشكلة فإننى سعدت سعادة بالغة أن اقتراحى الذى ناقشته منذ عشر سنوات لإنشاء شركة قابضة للنظافة مرتين، إحداهما مع د. عبدالرحيم شحاتة الذى تحمس لفكرة إنشاء الشركة القابضة للنظافة، والثانية مع د. كمال الجنزورى فى حضور الوزير مصطفى حسين وزير البيئة آنذاك، وأتمنى ألا يكون أحدهم قد سرب هذه الوثيقة للسيد وزير البيئة باعتبارها استشارة بيئية تحتاج عدة دولارات مكافأة لها؟!! فقد أعددناها دون مقابل. وكان الوزير عبدالقوى خليفة قد وعد بتنفيذ اقتراح الشركة القابضة للنظافة، باعتبارها المرفق الثالث بعد المياه والصرف الصحى وتابعة لوزير الإسكان والمرافق، وأحذر من أن تتبع هذه الشركة وزارة التنمية المحلية، فهى وزارة ليست مؤهلة لإدارة الشركات، وتاريخها مع النظافة معظمه فاشل، والوزارة الوحيدة المؤهلة لها هى وزارة المرافق، لأن وزارة الإسكان تشغل وزارتين، هما وزارة الإسكان والثانية للمرافق، بالإضافة إلى المجتمعات العمرانية الجديدة.

والسؤال هنا للسيد رئيس الوزراء أين ذهبت المنحة والقرض الألمانى المخصص للنظافة؟ وما قائمة المكاتب الاستشارية التى استفادت من هذه المنحة؟ وهل هى نفس المكاتب التى حصلت على العديد من الاستشارات من وزارة البيئة؟!!

والكارثة الثالثة هى فشل إدارة المحميات الطبيعية فى مصر بسبب قصور أداء وزير البيئة فى توفير تمويل دولى مناسب يغطى عجز التمويل المحلى كما اعتاد كل الوزراء السابقين، حيث إن أسهل مجال تحصل منه أى دولة على تمويل دولى هو حماية الطبيعة، حيث تعلم الدول الكبرى أنها قاعدة موارد مشتركة بين العالم، وانقراضها مؤثر على الطبيعة فى كل مكان بصرف النظر عن الحدود شمالاً أو جنوباً.

وكعادته فى إدارة أى مشكلة بطريقة «كلما ضاقت عليك اخلع»، فحينما فشل فى الاستفادة من حماية مساحة محميات مصر (15% من مساحة مصر) قرر التخلص من جزء من هذه المساحة وبدأ بـ500 فدان من محمية الغابة المتحجرة وأهداها لوزير الإسكان لبيعها، وكأن وزارة الإسكان باعت الـ40 مليون فدان بالصحراء فى مصر ولم يبق منها إلا المحميات.

والموضوع ببساطة أن يجمع الوزير مجموعة المستشارين (الحاضرين دائماً تحت رغبة أى وزير) ليقدموا له تقريراً أن المحمية لا تحتاج هذه المساحة، ورغم أنه وهؤلاء المستشارين اللاحقين فى ركاب أى وزير بحثاً عن مكافأة!! يقارنون أوضاع المحميات فى مصر بالدول الكبرى، فالدول الفقيرة تعلم أن أسهل طريق هو الحماية، لأن طريق الاستثمار فى المحميات الذى فتحه وزير البيئة سينتهى بتدمير المحميات، ومنذ متى استطاع وزير بيئة أن يقف أمام الاستثمار ومنذ متى استطاعت مصر أن تفرض قانون المرور أو قانون النظافة أو قانون البيئة ليكون الحل بدلاً من حماية المنطقة المحمية هو بيعها بسبب عجز مالى فشل الوزير فى الحصول على منحة له كما اعتاد سابقوه.

وسؤالى هنا للسيد رئيس الوزراء، هل سؤال أعضاء مجلس النواب، والصحافة، والخبراء، عن مدى صحة هذا الإجراء الذى فتح به الوزير التنازل عن كل أصول تحميها وزارته على مدار كل وزراء البيئة، فلقد تنازل الرجل حينما فشل فى إنشاء محطات تدوير المخلفات عن الأراضى التى خصصها المشير طنطاوى وهو رئيس المجلس العسكرى لإنشاء مجمعات تدوير المخلفات، ثم تنازل عن جزء من محمية وادى دجلة مقابل عمارة بالإيجار (؟!!) لوزارة البيئة، ثم تنازل بإلغاء فروع الأقصر وعدة فروع لجهاز شئون البيئة، ثم تنازل عن سيارات الوزارة للمحافظات، رغم أن أى مديرية بأى محافظة عدد موظفيها وسياراتها يفوق الوزارة عدة مرات.

ختاماً: وبمناسبة يوم البيئة العالمى أوجه نداءين للسيد رئيس الوزراء:

أولهما: أن تقوم أكاديمية البحث العلمى بإصدار التقرير السنوى عن حالة البيئة لنضمن حيادية هذا التقرير الذى أصبح جريدة إنجازات وزير البيئة.

ثانيهما: أن اعتماد المكاتب الاستشارية البيئية لا يجب ولا يصح أن تكون للجنة من موظفى جهاز شئون البيئة أو خبراء أصدقاء الوزير لكى يتحكم فى المكاتب الاستشارية، فالنقابات المهنية، لحين إنشاء نقابة المهن البيئية، هى المسئولة عن تحديد خبرة أعضائها من مهندسين وأطباء وعلميين، فنرجو سحب هذا الاعتماد من الوزارة وعودته للنقابات المختصة.

وأخيراً تلغراف: لسيادة رئيس الوزراء كل سنة وانت طيب بمناسبة عيد البيئة العالمى الذى جاء هذه السنة ليهنئ مصر بمزيد من التلوث وضياع الكنوز الطبيعية. وبرقية تهنئة للسيد الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى وعد وأوفى بوقف تلوث مصنع كيما بأسوان، بعد فشل حكومى واضح، وتهنئة خاصة جداً جداً لسيادة الرئيس الذى فتح ملف تلوث البحيرات المصرية وأوقف هذه المهزلة فى خطابه فى دمياط، وباقة ورد للسيد الرئيس، على تخصيص 35% من مساحة العاصمة الإدارية حدائق ومساحات خضراء ويا ليته يلزم كل المدن والمراكز بذلك.