"احتجاجات الريف" مستمرة في المغرب وسط مطالب بالإفراج عن المعتقلين

كتب: وفاء صندي – الرباط

"احتجاجات الريف" مستمرة في المغرب وسط مطالب بالإفراج عن المعتقلين

"احتجاجات الريف" مستمرة في المغرب وسط مطالب بالإفراج عن المعتقلين

في أول رد فعل لها بعد اعتقال ناصر الزفزافي، قائد حراك الريف، صباح الإثنين الماضي، وما تلى ذلك من احتجاجات عمت المدن المغربية الكبرى، أصدرت أحزاب الأغلبية الحكومية، مساء أمس الأول الأربعاء، بلاغًا أكدت فيه على الحق في الاحتجاج، تعبيرًا عن المطالب الاجتماعية المشروعة وفق المقتضيات القانونية الجاري بها العمل، داعية الحكومة إلى مزيد من التفاعل الإيجابي مع المطالب المشروعة لساكنة إقليم الحسيمة وغيرها من مناطق المملكة المغربية.

وذكرت أحزاب الأغلبية الحكومية: العدالة التنمية، والتجمع الوطني للأحرار، والحركة الشعبية، والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والاتحاد الدستوري والتقدم والاشتراكية، في بيان لهم، أنه من واجب الجميع صيانة ممارسة هذا الحق من أي إخلال أو شطط، والعمل على تعزيز نهج الحوار واحتضان تطلعات المواطنين والمواطنات في الحرية والكرامة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، موضحة أن أحزاب الأغلبية، دعت الحكومة إلى مزيد من التفاعل الإيجابي مع المطالب المشروعة لساكنة إقليم الحسيمة وغيرها من مناطق المملكة، مجددة دعوتها الصادرة في بلاغها بتاريخ 14 مايو الماضي، إلى تسريع وتيرة إنجاز المشاريع التنموية المبرمجة والتعامل بحزم في تفعيلها.

وأشارت الأحزاب المغربية، إلى نهج الحوار الذي اتبعته الحكومة والسلطات المحلية في تعاملها مع تلك الاحتجاجات، وتحيي التعامل المسؤول لقوات الأمن بكل مكوناتها معها، داعية الجميع إلى العمل على حماية الممتلكات العامة والخاصة واحترام المؤسسات، تعزيزًا للأمن والاستقرار، مؤكدة على مزيد من السهر على احترام المساطر القانونية في المتابعات وضمان شروط المحاكمة العادلة للمتابعين، وانتصارًا لسيادة القانون في إطار دولة الحق والمؤسسات.

 ودعت الأحزاب، الحكومة المغربية، إلى انتهاج سياسة تواصلية فعالة تجاه المواطنين والمواطنات والرأي العام الوطني بشأن المعطيات المتعلقة بالموضوع، وذلك بالخصوص عبر مختلف قنوات الإعلام والتواصل، وذكرت أحزاب الأغلبية الحكومية، خلال هذا الاجتماع، بمسؤولية الجميع في العمل على تعزيز نهج الإصلاح في ظل الاستقرار تحت قيادة العاهل المغربي الملك محمد السادس، مؤكدة حاجة المغرب إلى تعزيز الدور الإيجابي للأحزاب السياسية، إلى جانب النقابات والمجتمع المدني ووسائل الإعلام، بوصفها آليات مؤسساتية للوساطة بين الدولة والمجتمع.

وفي سياق متصل، أعلن نشطاء الحراك عن دخول مدينة "الحسيمة"، في إضراب عام، ابتداء من أمس الخميس، وعلى مدى 3 أيام ضمن ما أسموه "مقدمة لعصيان مدني".

وفي أول ظهور إعلامي لها، طلبت والدة ناصر الزفزافي من العاهل المغربي، التدخل من أجل الإفراج عن ابنها، نافية عن هذا الأخير تهم الحصول على تمويلات خارجية، مضيفة: "لماذا كل هذه التصرفات؟ ماذا فعلنا؟ نحن نطالب بحقوقنا فقط ولن نقبل بالتعامل معنا هكذا حتى لو اقتضى الأمر أن نموت جميعًا".

من ناحيته، قال الباحث السياسي، عبدالرحمن علال، في قراءته لتطورات الأحداث والاحتجاجات بمدينة الحسيمة، إن حراك الريف، كشف عن ملاحظتين أساسيتين، الأولى مرتبطة بالوساطة الاجتماعية والسياسية، والثانية متعلقة بالعقل الأمني، مضيفًا في تصريحه لـ"الوطن"- أن خروج محافظ الحسيمة في ليلة مقتل بائع السمك، محسن فكري، ليحاور المحتجين في الفضاء العام رأسًا لرأس، كشف في حينه عن غياب أي نوع من الوساطة الاجتماعية أو السياسية، التي تظهر في تدخل أحزاب سياسية "برلمانيين، منتخبين"، أو جمعيات، أو نقابات، معتبرًا أن السلطة كانت في تلك الليلة وجها لوجه مع المحتجين الغاضبين.

وأشار علال، إلى أن السلطة السياسية في المغرب، منذ حربها على التنظيمات اليسارية، عملت كل ما في وسعها من أجل تبخيس العمل السياسي والحزبي، فحاربت الأحزاب السياسية، وضعفت النقابات، وخلقت مجتمعًا مدنيًا لا مثيل له في التجارب المقارنة، مستثنيًا من ذلك جمعيات قليلة، وأكد الباحث السياسي، أنه عندما يكون هناك فراغ وسائطي، فإن النظام برمته يصبح مهددًا، بسبب وجود خلل في تأدية الوظائف التي خلق من أجلها.

وتابع الباحث السياسي قائلًا: إن الملاحظة الثانية، فهي فشل المقاربة الأمنية في احتواء وتدبير الاحتجاجات، معتبرًا أن العقل الأمني لم ينتج سوى المآسي والجراحات وندوبًا في الجسد والذاكرة، وأشار علال إلى أنه من حق الناس الاحتجاج لأسباب ودوافع متعددة، ومن واجب الدولة الاستجابة تبعًا لميزان القوى الداخلي والخارجي، مشددًا على أن الحل لا يوجد في جيب التكنوقراطي المشبع بالحلول الأمنية السريعة، بل يوجد في علبة السياسات العمومية ذات المضمون الثقافي المتصالح مع الهوية والتاريخ والحضارة.


مواضيع متعلقة