ماسح أحذية «بيشوف طشاش»: حياتى لون الورنيش

كتب: محمد غالب

ماسح أحذية «بيشوف طشاش»: حياتى لون الورنيش

ماسح أحذية «بيشوف طشاش»: حياتى لون الورنيش

جلس كما اعتاد على الأرض بشارع 65 بمنطقة سوق السلاح فى الدرب الأحمر، يد زوجته طبطبت على كتفه، ثم وضعت عدة الورنيش على يمينه، ألقت عليه السلام ورحلت فى عز ضوء النهار، لكن عم خلف عطية السيد، لم يكن يرى شيئاً، «كله سواد مثل لون الورنيش الذى يضعه على أحذية المارة»، يروح ويأتى الناس من حوله يلقون عليه التحية، يقول أحد جيرانه عنه: «عم خلف ده هو اللى مربينا»، فيشكره باسمه، يميزهم من أصواتهم فقط، أما الغريب الذى يعطيه حذاء لتلميعه، يسمع سؤالاً مفاجئاً يدهشه: «هى الجزمة ديه لونها إيه يا ابنى؟ معلش أصل أنا مش باشوف غير طشاش»، ما إن يعلم الرجل الثمانينى لون الحذاء حتى يعمل على قدم وساق من أجل إنجاز المهمة المطلوبة منه بنجاح وفى وقت قصير: «بقالى 40 سنة بلمع جزم وأنا عينى مش شايف بيها، نظرى راح، فى يوم كنت ماشى زعلان قوى، عملت حادثة مش عايز أفتكرها، من وقتها بقيت مش شايف». يترك «خلف» الورنيش وينزع القبعة من على رأسه، ليشير إلى آثار الحادث المحفور فى رأسه، الذى غير حياته من النور إلى الظلام: «طوب الأرض يحبنى، وأنا عايش راضى ومبسوط مش زعلان غير من حال الدنيا، يلا، ربنا موجود أحسن من كل البشر»، يرضى «خلف» بحاله وبالظلام الذى يتعايش معه، كما يرضى بأى ثمن مقابل تلميع الحذاء: «الحمد لله الناس بتدينى حقى وزيادة وأنا سايبها على الله، مفيش أحسن من اللقمة الحلال». فى نهاية يوم عمله، تأتى زوجته لتأخذ بيده إلى منزله، بشارع المسك بالدرب الأحمر، يسير معها وهو «ينهج» لكنه يحرص على السؤال عن أبنائه الـ8: «أصل دول صُحاب عيال وغلابة».


مواضيع متعلقة