«الأجهزة الصناعية» تحاصر «يوسف».. ووالده: «مات إكلينيكياً وننتظر معجزة» .. وزملاؤه يحيطون غرفته بالمصاحف

«الأجهزة الصناعية» تحاصر «يوسف».. ووالده: «مات إكلينيكياً وننتظر معجزة» .. وزملاؤه يحيطون غرفته بالمصاحف
- أحمد محمود
- أمن الجيزة
- إنقاذ حياة
- الأجهزة الأمنية
- الإدارة العامة
- التحريات الأولية
- التقارير الطبية
- التواصل الاجتماعى
- الحالة الصحية
- آلى
- أحمد محمود
- أمن الجيزة
- إنقاذ حياة
- الأجهزة الأمنية
- الإدارة العامة
- التحريات الأولية
- التقارير الطبية
- التواصل الاجتماعى
- الحالة الصحية
- آلى
داخل غرفة العناية المركزة يرقد الصبى «يوسف سامح».. يرقد وهو أقرب لـ«الموت» وأبعد أن يعود للحياة.. يوسف يرقد على أجهزة كثيرة.. لا يدرى ماذا حوله.. لا يتذكر حتى اللحظات الأخيرة التى كان فيها بين زملائه فى ميدان الحصرى بأكتوبر.. يرقد «يوسف» وقد توقفت جميع الأجهزة الحيوية بجسده النحيل.. كما أكد والده سامح العربى.. قال بـ«مرارة وأسى وحزن مدفون».. يوسف مات إكلينيكياً.. وننتظر المعجزة. {left_qoute_1}
«يوسف» بكل حيويته التى كانت.. ونضارته التى ترافقه.. وذكائه غير المحدود وحبه لزملائه.. ها هو أسير فى غرفة عناية مركزة.. «راحت» حيويته.. واختفت نضارة وجهه وأصبح «غائباً».. الرصاصة استقرت فى منطقة الجمجمة.. حطمتها.. وأصابت النخاع الشوكى فى «مقتل».. إصابة تقود للموت ولا تعيد للحياة.. زملاء «يوسف» هناك.. يقفون على بعد خطوات منه.. ربما يشاهدونه هكذا على الأجهزة.. ربما يلمسونه.. وربما «يوسف» بالكاد يسمع همساً من حوله.. وربما لا يسمع.. هناك زملاؤه يرفعون كتاب الله.. يتلون آيات من القرآن.. وتنطلق دعواتهم فى صمت أحياناً وفى جهر أحياناً.. دعوات ممزوجة بدموع وبذكريات كانت تجمعهم ورفيقهم «يوسف». جميعهم ينتظرون هناك بين حيرة والده ودموع أمه وصمت «يوسف».. صمت ليس بقرار منه.. ولكن بقرار من شخص لا ضمير له.. حمل سلاحاً.. وعبث به فى شارع وميدان مزدحم.. ويقول دون قصد: «أكان لا بد أن تقف هنا يا يوسف».. نعم كان لا بد أن يقف «يوسف» فى هذا المكان.. وكان لا بد ألا تقف أنت.. وأنت منزوع «القلب والضمير».
وبعيداً عن مشهد «يوسف» وزملائه ووالديه.. والدعوات.. يتحرك رجال المباحث للوصول إلى الشخص المتسبب فى الجريمة، فقد ظهرت مفاجأة، حيث كشفت تحقيقات الأجهزة الأمنية والقضائية، أنه قبل إصابة «يوسف» بلحظات أصيبت فتاة أخرى بطلق نارى بالطريقة ذاتها، وقال مصدر أمنى إنه بعد ورود بلاغ المصابة الأولى وتوجه قوات الأمن إلى مكان البلاغ ورد بلاغ إصابة يوسف بالطريقة ذاتها فانتقلت الأجهزة الأمنية لمكان إصابته.
وقال المصدر إن المصابة التى سبقت «يوسف» طالبة تدعى «شيرين» 18 سنة كانت واقفة على بعد 10 أمتار من مكان إصابة «يوسف» أصيبت هى الأخرى بطلقة فى الظهر فى نفس توقيت إصابة «يوسف»، وكشفت التحريات والمعاينة أن المقذوف الذى تم استخراجه من جسد المجنى عليها «شيرين» خارج من «سلاح آلى»، ولا تزال قوات الأمن، تحت إشراف اللواء هشام العراقى مساعد أول وزير الداخلية لأمن الجيزة، واللواء إبراهيم الديب مدير الإدارة العامة للمباحث، تكثف جهودها لكشف ملابسات الواقعة وضبط الجانى. وكشفت التحريات عن أن المجنى عليه «يوسف سامح العربى» 13 عاماً، فى حالة خطرة وأن الرصاصة أصابته فى الرأس. وتبين من خلال التقارير الطبية أن الرصاصة استقرت فى النخاع الشوكى بجذع المخ وتسببت فى توقف شبه كامل فى جسد المجنى عليه، وتم إسعافه فى غرفة الرعاية المركزة فى مستشفى جامعة 6 أكتوبر لحين تحسن الحالة الصحية له. وفحصت قوات الأمن تحت قيادة اللواء إبراهيم الديب مدير الإدارة العامة للمباحث، واللواء محمد عبدالتواب مدير المباحث الجنائية، سكان العقارات المقيمين فى المنطقة التى شهدت الواقعة للبحث عن مصدر الرصاصة، كما فحصت القوات إذا كان هناك شخص مقيم فى المنطقة يحمل سلاحاً.
وتبين عدم وجود أى أحد من السكان يحمل رخصة لسلاح نارى، وفرغت القوات كاميرات المحلات التجارية المجاورة لمكان الحادث للبحث عن أى خيوط تقود الضباط، للكشف عن مصدر الطلقة، وحتى الآن لم تتمكن القوات من كشف ملابسات الواقعة.
وقالت التحريات الأولية التى أشرف عليها اللواء هشام العراقى مساعد أول وزير الداخلية لأمن الجيزة، واللواء محمد عبدالتواب مدير المباحث الجنائية، والعقيد عمرو البرعى مفتش مباحث أكتوبر، والنقيب عصام نصير معاون المباحث، إن المصاب يدعى يوسف سامح العربى 13 عاماً، وفى أثناء لعبه مع أصدقائه وقيامه بشراء ساندويتشات ومياه غازية مع أصدقائه أمام مطعم شهير فى أكتوبر سقط فجأة على وجهه وسالت منه الدماء، ونقل إلى مستشفى 6 أكتوبر، وبإجراء أشعة تبين وجود طلق نارى فى الرأس فى مكان خطر، وتم إيداعه فى غرفة الرعاية المركزة. وسادت حالة من التعاطف والتضامن مع حالة «يوسف»، بعضهم ممن لم يجمعهم به معرفة سابقة، وآخرون يعرفونه وعلى صداقة مع أسرته، قرر عدد منهم الوجود فى المستشفى للاطمئنان عليه، وكانوا يتبادلون المواعيد فيحضر أحدهم وينصرف آخر، من بينهم «علاء محمود» الذى يبلغ 17 عاماً فقط: «ماكنش فيه سابق معرفة قوية بيوسف أو أسرته، لكن أنا ساكن بالقرب منهم، ولما شُفت الصور على الإنترنت عرفت بالواقعة، ورُحت المستشفى علشان أطمئن عليه، ولاقيت ناس كتيرة من شباب صغيرين وكبار، وأولاد وبنات، كلهم متعاطفين معاه جداً»، حالة حب شديدة لامسها علاء فور وصوله إلى المستشفى، حتى بين العاملين والممرضين والأطباء: «الناس فى المستشفى كانت متعاونة جداً، وكله مهتم بحالة يوسف كأنه ابن ليهم، وبيدعوا له وبيحاولوا يعملوا أى حاجة علشان يقوم بالسلامة»، حالة التعاطف والحب يرجعها «علاء» إلى يوسف وأسرته: «ناس حلوة وطيبة وناجحين فى حياتهم، عمرهم ما آذوا حد ولا تسببوا فى مشكلة مع جيرانهم. علشان كده البلد كلها اتعاطفت معاهم».
وانتقلت «الوطن» إلى أكتوبر، فلم يكن جميع الموجودين بمستشفى أكتوبر الجامعى من أصدقاء والدىْ يوسف فحسب، بل كان هناك العشرات أيضاً من رواد مواقع التواصل الاجتماعى الذين جاءوا بعد أن سمعوا عن الحادث متضامنين مع أسرة الطفل، كما تردد على المستشفى كذلك مجموعة من أصدقاء يوسف بالمدرسة، وقد ملأ الحزن وجوههم على صديقهم الذى أصبح بين الحياة والموت.
صدمة اعتلت وجوه كل من وقف أمام غرفة الرعاية المركزة الموجود فيها الطفل يوسف، حينما أبلغهم أحد الأطباء المتابعين لحالته أنه فى تدهور مستمر، وبحسب ما تردد بين الواقفين أنه: «مات إكلينيكياً»، لتصل بعد دقائق قليلة قوات من الشرطة إلى غرفة العناية المركزة مصطحبين والدىْ الطفل، قبل أن تأمر الموجودين من أصدقائه ورواد مواقع التواصل الاجتماعى بإخلاء المستشفى، الأمر الذى دفعهم إلى التعاون بشكل كبير مع قوات الأمن، تقديراً منهم لخطورة الحالة، حسب ما أشار إليه بعضهم.
وقال أحمد محمود، صديق العائلة، إن انتشار أزمة يوسف على مواقع التواصل الاجتماعى جعلت عدداً كبيراً من رواد هذه المواقع يأتى إلى المستشفى من أجل الاطمئنان على حالته دون أن تربطهم به أى معرفة شخصية، مشيراً إلى أن هناك دعماً دائماً ومستمراً لأسرة الطفل منذ وقوع الحادث وحتى الآن، حيث ظلت مروة قناوى والدة يوسف فى حالة نفسية سيئة يصعب معها التحدث عما حدث لولدها.
من ناحية أخرى، أوضح مصدر طبى لـ«الوطن»، رفض ذكر اسمه، أن حالة يوسف تدهورت لدرجة أنه «مات إكلينيكياً»، وأنهم أبلغوا الشرطة بكافة تفاصيل الحالة ظهر أمس، مشيراً إلى أن إدارة المستشفى فعلت كل ما بوسعها لإنقاذ حياة الطفل يوسف، مؤكداً أن الحالة منذ لحظة دخولها إلى المستشفى كانت سيئة للغاية، حيث جاء الطفل إلى المستشفى مصاباً بتهتك فى أغشية المخ بالإضافة إلى كسر فى الجمجمة، ما جعل من الصعب على الأطباء إنقاذ حالته.