جنون «أسعار اللحوم».. من مزارع الأبقار والإبل إلى سكين الجزار

جنون «أسعار اللحوم».. من مزارع الأبقار والإبل إلى سكين الجزار
- أسعار الأعلاف
- أسعار اللحوم
- أهالى مطروح
- احتياجات المواطنين
- ارتفاع أسعار
- ارتفاع الأسعار
- ارتفاع الدولار
- السوق السوداء
- الضمان الاجتماعى
- أبقار
- أسعار الأعلاف
- أسعار اللحوم
- أهالى مطروح
- احتياجات المواطنين
- ارتفاع أسعار
- ارتفاع الأسعار
- ارتفاع الدولار
- السوق السوداء
- الضمان الاجتماعى
- أبقار
رحلة طويلة تبدأ من مزارع وحظائر الأبقار والإبل، حتى تصل فى صورة لحوم ومنتجات بروتينية إلى يد المستهلكين، مروراً بتجار الجملة والتجزئة والجزارين، ما يتسبب فى ارتفاع أسعارها بصورة مبالغ فيها، حيث يقع المواطن فريسة لجشع كل هؤلاء، الذين يشكلون فيما بينهم «مافيا» للتلاعب بالأسعار، وفرضها على المستهلكين إجبارياً، والمتاجرة باحتياجات المواطنين، فضلاً عن ارتفاع أسعار الأعلاف والمستلزمات البيطرية، من أدوية وأمصال، ما يضطر العديد من الجزارين إلى شراء اللحوم من التجار بـ«الأجل»، وبالتالى زيادة أسعار بيعها للمستهلكين.
{long_qoute_1}
ورغم أن محافظة أسوان، التى تُعد بوابة مصر الجنوبية وحلقة الوصل مع أفريقيا، تشهد عبور أعداد كبيرة من الإبل إلى باقى محافظات الصعيد والدلتا، فقد طالها الغلاء أيضاً، حيث ارتفعت أسعار لحوم الجمال إلى ضعف سعرها فى العام الماضى، وأرجع العديد من أهالى المحافظة سبب ارتفاع الأسعار إلى «جشع التجار» فى المقام الأول، إضافة إلى عدة أسباب أخرى، أبرزها ضعف الرقابة الحكومية.
وأكد «ياسر دياب»، أحد العاملين فى تجارة الإبل، أن محافظة أسوان، وتحديداً مركز «دراو»، تُعد أكبر مركز لتجارة الجمال فى الجمهورية، حيث يقوم التجار بجلب الجمال السودانية عبر معبرى «أرقين»، و«قسطل» البريين، إلى سوق «دراو»، لبيعها يومى السبت والأحد من كل أسبوع، ومن ثم بيعها إلى باقى أسواق الجمهورية، وقال: «بعض الجزارين وتجار الجمال الجشعون هم السبب الحقيقى فى ارتفاع أسعار لحوم الجمال، فأصبحت الأسعار خيالية، ويكاد لا يصدقها العقل مقارنة بين الآن والعام الماضى فى نفس التوقيت»، وأضاف أن سعر الكيلو وصل إلى 100 جنيه، ويرتفع إلى 105 جنيهات للحم الأحمر بدون عظم، وهناك بعض الجزارين الذين يبيعون الكيلو بـ90 جنيهاً، ولكن هؤلاء يندر وجودهم، كما أنهم ينتهون من بيع ذبائحهم مبكراً، وعادةً ما يكون الشراء منهم بالحجز، فى الوقت الذى ارتفعت فيه أسعار اللحوم البلدية إلى ما بين 120 و130 جنيهاً للكيلو، وتابع «دياب» بقوله إن «الأسعار زادت ومنزلتش تانى من ساعة ارتفاع الدولار وتعويم الجنيه، والتاجر السودانى بيعاملنا بالدولار»، مشيراً إلى أنه «فى السنة اللى فاتت، فى نفس الوقت ده، سعر كيلو اللحم الجملى كان 55 جنيهاً، يعنى زاد الضعف»، وطالب بتشديد الرقابة على الأسواق، مؤكداً أنه «من المستحيل أن يكون هذا هو السعر الطبيعى، لأنه لا توجد مصاريف زيادة أو تحصيل رسوم بهذا القدر فى الجمال»، ولفت إلى أن منفذ «أرقين» بيحصل حالياً 70 جنيهاً على الجمل الواحد، كما أن معهد صحة البحوث، الذى يسحب عينات من كل جمل، رفع رسومه من 25 إلى 50 جنيهاً، وأوضح أن «كل اللى زاد على الفترة الماضية بفارق 95 جنيهاً فقط على الرأس، ولكننا نجد فى الأسواق السعر ارتفع بنسبة 100% على حساب المستهلك الغلبان، واللى ساعات مبيقدرش يجيب كيلو لحمة فى الشهر»، وأضاف أن سعر الجمال ارتفع أيضاً بنسبة الضعف، فالجمل الصغير «الحاشى»، كان ثمنه لا يتعدى 4 آلاف جنيه، ولكنه أصبح الآن لا يقل عن 8 آلاف جنيه، بينما ارتفع سعر الجمل الكبير من 15 إلى 28 ألف جنيه، وتساءل بقوله: «احنا مش عارفين نعمل إيه ولا أيه؟»
{long_qoute_2}
وفى محافظة مطروح، قال «طارق رزق»، أحد مربى الأغنام البرقى والأبقار، إن التجار يحصلون على رأس الضأن «حى» بسعر 56 جنيهاً للكيلو، بينما يبلغ سعر الأبقار 54 جنيهاً للكيلو، مؤكداً أن هذه الأسعار تكبد المربين خسائر كبيرة، مشيراً إلى أن خروف التسمين يستهلك ما بين 2 و3 كيلوجرامات من الأعلاف يومياً، بسعر 5.5 جنيه للكيلو جملة، كما أن الأمراض التى تزايدت بين الماشية فى الفترة الأخيرة، تسببت فى نفوق أعداد كبيرة منها، وأضاف أن المربين يلتزمون بالبيع وفق هذه الأسعار، التى يفرضها عليهم السوق، رغم ما يتكبدونه من خسائر.
أما «ناصر عبدالمولى»، مربى ماشية، فقال إن لديه نحو 500 رأس من الأغنام والماعز، ولفت إلى أن ارتفاع سعر اللحوم، جاء نتيجة لارتفاع أسعار الأعلاف، وأضاف بقوله: «الأعلاف تُباع فى السوق السوداء، ولا توجد رقابة عليها، مما أدى إلى ارتفاع أسعارها بصورة مبالغ فيها، وهذا ما انعكس على زيادة تكلفة تربية رؤوس الأغنام والأبقار بشكل كبير، خلال الفترة الأخيرة»، وأشار إلى أن سعر طن «الكُسب» أو الأعلاف المخلطة وصل إلى أكثر من 4600 جنيه، ويقوم المربون بإضافة كميات كبيرة من الفول الصويا على تلك الأعلاف، بسعر 9 جنيهات للكيلو، مما يؤدى إلى مضاعفة التكلفة.
وقال «فتحى إبراهيم»، تاجر ماشية، إن التجار يتسلمون رؤوس الغنم لحوماً حية من المربين بسعر بين 55 و56 جنيهاً للكيلو، أما عجول الأبقار فيتسلمونها بسعر 54 جنيهاً للكيلو، ويتم سداد الثمن للمربين نقداً، لأن كثيراً منهم يرفضون البيع «شكك» أو بالأجل، وأضاف أن الجزارين يحصلون على اللحوم من التجار بسعر 65 جنيهاً للكيلو، مشيراً إلى أن التجار يبيعون بالأجل للجزارين، ويمهلونهم حتى ينتهوا من بيع اللحوم، ثم يقومون بتسديد مديونياتهم خلال فترة شهر، لافتاً إلى أن هذا الإجراء بمثابة «عُرف» متبع بين التجار والجزارين.
وبالنسبة للجمال، أكد «إبراهيم» أنها لا تُباع بالكيلو «قايم» وإنما بالرأس بسعر تقديرى، ولفت إلى أن هناك عدداً من المربين المعروفين فى مطروح، خاصةً فى «النجيلة» و«سيدى برانى»، مشهورون بتربية الإبل، ويكون الطلب عليها من المحافظات المجاورة، حيث يفد التجار إليهم لشرائها، بأسعار تتراوح بين 15 و20 ألف جنيه للرأس الواحد، بحسب العمر.
{long_qoute_3}
وقال «حسن محمد»، جزار: «اللحمة بنستلمها غالية من التجار»، وأوضح أن «ذبيحة الضانى بتوصل لنا بسعر 65 جنيهاً للكيلو، ووزنها يصل إلى 60 كيلوجراماً، ونخسر ثلثها تقريباً فى الجلد والسقط والدم والعفشة، فيتبقى نحو 40 كيلو لحوماً فقط، ونضطر نبيع كيلو الضانى بـ130 جنيهاً، والماعز بـ120 جنيهاً، وبالنسبة للبقرى بنستلم الكيلو قايم من التاجر بـ63 جنيهاً، ونبيعه بـ120 جنيهاً بعد تشفيتها من العظام، أما الجمال مش كل الجزارين بتذبحها، ولكن أسعارها تكون حول 90 جنيهاً للكيلو.
وأعربت «عفاف عبدالغنى»، إحدى أهالى مطروح، عن استيائها بسبب الارتفاع الجنونى فى أسعار اللحوم، وقالت: «الكيلو وصل 120 و130 جنيه عند الجزار، وأنا ست بيت عندى 4 أطفال، علشان أغديهم لحمة، وأطبخ جنبها خضار زى البطاطس، وأشترى كيلو طماطم، وكيلو أرز، محتاجة 170 جنيه، ومفيش فلوس»، مشيرةً إلى أنها تتقاضى معاشاً من الضمان الاجتماعى 300 جنيه، لا يكفى لتوفير الخبز لأبنائها، واختتمت بقولها: «مبنفكرش ناكل اللحمة خالص، غير لما حد من ولاد الحلال ربنا يرزقنا منهم بكيلو لحمة فى العيد، بنحمد ربنا ونشكر فضله، أو نشترى نصف كيلو لحمة مجمدة، وربنا كريم».