نائب رئيس «هيئة البترول» سابقاً: زيادة سعر البرميل تعنى ارتفاع الدعم إلى 100 مليار جنيه العام المقبل.. وليس أمام الحكومة سوى رفع أسعار الوقود سنوياً

كتب: شادى أحمد

نائب رئيس «هيئة البترول» سابقاً: زيادة سعر البرميل تعنى ارتفاع الدعم إلى 100 مليار جنيه العام المقبل.. وليس أمام الحكومة سوى رفع أسعار الوقود سنوياً

نائب رئيس «هيئة البترول» سابقاً: زيادة سعر البرميل تعنى ارتفاع الدعم إلى 100 مليار جنيه العام المقبل.. وليس أمام الحكومة سوى رفع أسعار الوقود سنوياً

اعتبر مدحت يوسف، نائب رئيس الهيئة العامة للبترول سابقاً، خبير الطاقة، قرار دول «الأوبك» فى نوفمبر الماضى، بتخفيض إنتاج النفط العالمى بحوالى 1.2 مليون برميل ليصل حجم إنتاجها إلى 32.5 مليون برميل يومياً، «كارثياً» على الاقتصاد المصرى، وقال إنه يخدم اقتصاديات دول الخليج التى تعانى من عجز بموازناتها المالية نتيجة تراجع الأسعار. أضاف «يوسف» فى حوار لـ«الوطن» أن قرار «الأوبك» الأخير لم يكن مفاجئاً بالنسبة له، مضيفاً: «توقعته منذ فترة وتمنيت من الله ألا يتم، خاصة أنه سيضر الاقتصاد المصرى، وسيجعلنا نغير خطة الإصلاح الاقتصادى ومدها لسنوات أخرى لتصبح ما بين 7 إلى 8 بدلاً من 5 سنوات»، وتابع نائب رئيس الهيئة العامة للبترول سابقاً: «زيادة سعر البرميل ستؤثر على موازنة مصر، وليس قيمة دعم الطاقة فقط، ومن المتوقع أن ترتفع قيمة دعم الطاقة إلى 100 مليار جنيه فى الموازنة الجديدة للعام المالى المقبل، فى ظل استمرار ارتفاع سعر صرف الدولار بعد تعويم الجنيه، والتوقعات بارتفاع الأسعار العالمية بعد قرار خفض الإنتاج، لعودة الأسعار إلى طبيعتها خلال عامين.. وإلى نص الحوار.

■ فى البداية.. كيف ترى قرار «أوبك» بخفض إنتاج البترول العالمى؟

- قرار دول منظمة «الأوبك» فى نوفمبر الماضى بشأن تخفيض إنتاج البترول العالمى بحوالى 1.2 مليون برميل ليصل حجم إنتاجها إلى 32.5 مليون برميل يومياً، بالإضافة إلى الاتفاق مع الدول الرئيسية خارج «الأوبك»، التى وافقت هى الأخرى على تخفيض إنتاجها بحوالى 558 ألف برميل يومياً، كارثى للاقتصاد المصرى، ولكنه سيفيد اقتصاديات دول الخليج التى أوقفت دعم الوقود المقدم لمصر منذ عام تقريباً، وللعلم مصر تعتبر من أكثر الدول العربية استيراداً للمنتجات البترولية بعد ثورة 25 يناير 2011، وهنا نشير إلى أن قرار «الأوبك» سيؤثر إيجابياً على مستويات الأسعار العالمية فى سوق البترول كنتيجة طبيعية لانخفاض المخزون وقلة المعروض العالمى من البترول، الأمر الذى سيقابله إجراءات عكسية من الدول الصناعية الكبرى عبر تباطؤ الطلب، بالإضافة إلى زيادة إنتاج الزيت الصخرى كبديل للاستغناء عن البترول، علاوة على حث الدول الحليفة غير الأعضاء بالمنظمة لزيادة إنتاجها، وهو ما يزيد من الضغوط التى تواجهها اقتصاديات دول الخليج فى ظل ما تعانيه من عجز بموازناتها خاصة الموازنة العامة للسعودية، التى كانت سبباً رئيسياً فى وقف توريد «أرامكو» للوقود لمصر لمدة 3 أشهر متتالية، وأرى أن تشكيل لجنة وزارية من دول «أوبك»، تضم كلاً من الكويت والجزائر وفنزويلا، ومن خارج «المنظمة» روسيا وسلطنة عمان، لوضع آلية المراقبة والالتزام بتطبيق الاتفاق الذى تم التوصل إليه للسيطرة على انخفاض أسعار البترول، الذى من المتوقع أن يتزايد فى 2017. {left_qoute_1}

■ وما أسباب هذا القرار المفاجئ لـ«أوبك» بخفض الإنتاج؟

- القرار ليس مفاجئاً بالنسبة لى، لأننى توقعته منذ فترة وتمنيت من الله ألا يتم هذا الاتفاق، خاصة أنه سيضر الاقتصاد المصرى، وسيجعلنا نغير خطة الإصلاح الاقتصادى ومدها لسنوات أخرى لتصبح ما بين 7 إلى 8 بدلاً من 5 سنوات، والتى بدأ تنفيذها منذ عهد المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء السابق.

■ وما توقعاتك لسعر البترول العالمى فى 2017؟

- قبل أن أتوقع وصول سعر برميل البترول العالمى فى عام 2017، علينا أن نعرف كيفية احتساب الأسعار العالمية. دول منظمة «الأوبك» تعمل عبر نظامين أساسيين، وتحتسب سعر برميل البترول لمعيارين، الأول: أسعار سلة خامات أوبك، والثانى: أسعار خام برنت القياسى، وخام غرب تكساس وهما ما يحددان سعر برميل البترول العالمى فى البورصات، لكننى أتوقع أن يصل سعر البترول العالمى خلال عام 2017، إلى ما بين 65 و67 دولاراً للبرميل الواحد، كما هو مخطط له من دول منظمة «الأوبك»، وهذا السعر كارثى للموازنة العامة المصرية للعام المالى المقبل، 2017/ 2018 بكل المقاييس، خاصة بعد قرار الحكومة الغريب وغير المفسر حتى الآن بـ«تعويم الجنيه»، وتخطى سعر صرف الدولار فى البنوك الرسمية 18 جنيهاً، ومن المتوقع أن يزيد على ذلك كثيراً، نظراً لارتفاع الطلب عليه. {left_qoute_2}

■ تقصد أن زيادة سعر برميل البترول العالمى تؤثر على قيمة دعم الطاقة؟

- بكل تأكيد، فزيادة سعر البرميل ستؤثر على موازنة مصر كاملة، وليس قيمة دعم الطاقة فقط، ومن المتوقع أن تبلغ قيمة دعم الطاقة 100 مليار جنيه فى الموازنة الجديدة للعام المالى المقبل، فى ظل استمرار ارتفاع سعر صرف الدولار بعد قرار الحكومة بـ«تعويم الجنيه»، والتوقعات بارتفاع الأسعار العالمية بعد قرار «الأوبك» بخفض الإنتاج، لعودة الأسعار إلى طبيعتها خلال عامين. والحكومة المصرية ستظل تدعم المنتجات البترولية المباعة بالأسواق المحلية، هى مضطرة إلى ذلك رغم تضخم قيمة دعم الطاقة فى الموازنات السابقة قبل أن تنخفض إلى 35 مليار جنيه فى الموازنة الحالية بعد انهيار أسعار البترول العالمية وهبوطها إلى 30 دولاراً فى الربع الأول من عام 2016، لكن الوضع كاملاً سيتغير بسبب عودة الأسعار لطبيعتها تدريجياً، وسنظل نعانى من توفير المنتجات البترولية بالأسواق المحلية لعدة سنوات، نتيجة الفروق الكبيرة بين سعر التكلفة وسعر البيع بالأسواق، وحل تلك الأزمة يكمن فى السيطرة على جزء كبير من الفجوة بين الإنتاج ومعدلات الاستهلاك المتزايدة سنوياً للمنتجات البترولية، خاصة أن أغلب قيمة دعم الطاقة يذهب للطبقات الغنية، ومسلوبة من محدودى الدخل والفقراء.

{long_qoute_1}

■ ماذا تعنى بإشارتك إلى أن قيمة الدعم تذهب للأغنياء دون الفقراء ومحدودى الدخل؟

- أقصد أنه يتوجب على مسئولى الحكومة الحالية ضرورة تغيير خطة هيكلة دعم الطاقة التى حددتها سابقاً برفع الدعم تدريجياً لمدة 5 سنوات، فى ظل تلك الأسباب التى ذكرناها من تعويم للجنيه وارتفاع الدولار، وعودة أسعار البترول لطبيعتها، كما أنه ليس أمام الحكومة بديل آخر سوى زيادة أسعار الوقود سنوياً لتعويض الفرق بين تكلفة إنتاج البترول وسعر بيعه مدعماً للمواطنين والقطاعات الاستهلاكية بالأسواق، خاصة أن سعر أسطوانة البوتاجاز المدعمة بعد ارتفاع الأسعار مؤخراً يكلف الدولة حالياً 125 جنيهاً وتباع فى المستودعات بسعر 15 جنيهاً فقط، وخارج الدعم بـ35 جنيهاً، وأتوقع وصولها إلى 160 جنيهاً فى ظل استيراد الغاز حالياً بسعر ما بين 11 إلى 13 دولاراً لكل مليون وحدة حرارية، إلى جانب تأكيدات دول «الأوبك» بارتفاع سعر البترول العالمى لـ65 دولاراً خلال 2017، لذلك أطالب الحكومة بتغيير خطتها لهيكلة دعم الطاقة فى مصر، خاصة أنه مع استمرار هذه الارتفاعات فى الأسعار ستضطر الحكومة إلى رفع سعر أسطوانة البوتاجاز خارج الدعم إلى 125 جنيهاً على أقل تقدير فى خلال عامين، وهذا أمر مستحيل فى ظل تدنى المستوى المعيشى لأغلب المواطنين المصريين. {left_qoute_3}

■ هذا يعنى أن الحكومة قد تضطر إلى تغيير خطة هيكلة دعم الطاقة؟

- بالفعل قد يتم تغيير خطة هيكلة دعم الطاقة مجدداً، ومن المتوقع أن تزيد الخطة على 5 سنوات، ليصبح خفض الدعم تدريجياً على مدار 7 سنوات، لأسباب داخلية نتيجة قرار تعويم الجنيه ومواكبة الطلب المحلى وزيادة معدلات استهلاك الوقود بالأسواق، وأسباب أخرى خارجية تتمثل فى ارتفاع سعر صرف الدولار وزيادة أسعار البترول العالمية.

ووزارة البترول وفرت كافة المنتجات البترولية لسد احتياجات المواطنين والقطاعات المستهلكة بالأسعار المدعمة، حيث بلغت قيمة استهلاك المنتجات البترولية والغاز الطبيعى بالأسعار العالمية خلال العام المالى 2015/2016 حوالى 279 مليار جنيه، وتكلفة توفيرها فعلياً تبلغ 181 مليار جنيه (على اعتبار أن الاستهلاك يتم توفير جانب منه محلياً والجانب الآخر عبر الاستيراد)، بينما بلغت إيرادات بيع المنتجات فى السوق المحلية بالأسعار المدعمة حوالى 130 مليار جنيه، أى إن قيمة الدعم الموجه للمنتجات البترولية والغاز حوالى 51 مليار جنيه، وهذه الحسبة حينما كان الدولار محتسباً عند متوسط 9 جنيهات، وسعر البترول كان فى بداية العام 28 دولاراً، وارتفع إلى 35 دولاراً، قبل قرار «الأوبك» بخفض الإنتاج لمعاودة زيادة أسعاره مرة أخرى فى البورصات العالمية، حتى وصل الآن إلى 55 دولاراً للبرميل الواحد.

■ بالمناسبة.. ما رأيك فى قرار الحكومة بزيادة أسعار المنتجات البترولية بالأسواق مؤخراً؟

- قرار الحكومة الأخير بزيادة أسعار المنتجات البترولية ورفع الدعم التدريجى عنها بالفعل يوفر الدولار، ويحقق جدوى اقتصادية كبيرة للاقتصاد القومى، لكن إلى من يصل الدعم فى مصر؟ على الحكومة أن تجيب عن هذا السؤال، حيث إن أزمة أسعار المنتجات البترولية فى مصر ليست وليدة الصدفة لكنها متراكمة منذ سنوات، كيف للحكومات أن تترك سلعة عالمية كالمنتجات البترولية لعدة سنوات ويتم بيعها بالأسعار القديمة رغم ارتفاعها، وكانت تستخدم فى أشياء غير مفيدة السنوات الماضية، وكانت توزع مدعمة على قطاعات استهلاكية تبيع كافة منتجاتها بالسعر الحر، ولكن رغم ذلك ما زالت الحكومة تدعم كافة المنتجات البترولية التى تباع بالأسواق المحلية حتى الآن رغم الزيادات الجديدة، والقرار الأخير تأخر كثيراً لعدة سنوات ولا بدائل أو حلول مطروحة أمام الحكومة حالياً، وأشفق على المهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء لمواجهته تحديات عديدة تحتاج سنوات لحلها.

■ كيف ستحدد الحكومة سعر متوسط الدولار بالموازنة الجديدة؟

- لا أستطيع أن أصرح بأى أرقام تقريبية للدولار المتغير سعره كل 4 ساعات، لأنها عملية حسابية صعبة ومعقدة للغاية، وعلى الحكومة أن تضع فى حساباتها متوسط سعر برميل البترول، قبل تحديد متوسط سعر الدولار، خاصة أن كافة المؤشرات تتوقع أن يصل سعر البرميل بنهاية 2017 إلى 70 دولاراً.

■ أخيراً.. بماذا تنصح حكومة «إسماعيل» لمواجهة ما تعتبره كارثة خفض إنتاج البترول؟

- على الحكومة الحالية سرعة إبرام اتفاقيات جديدة لعمليات الاستيراد قبل ارتفاع أسعار النفط العالمية مجدداً فى العام المقبل، خاصة أن مصر تعتبر من أكثر الدول استيراداً لكافة المنتجات البترولية فى منطقة الشرق الأوسط، وأن تستمر فى هيكلة دعم الطاقة، لأن مصر الدولة الوحيدة فى العالم التى يباع بها لتر البنزين بسعر 3.5 جنيه فقط، فى حين يباع بالدول العربية، التى قامت معظمها مؤخراً برفع الدعم نهائياً عن المنتجات البترولية بسعر معادل لا يقل عن 7 جنيهات طبقاً لجودته.


مواضيع متعلقة