«بركة يقابل بركة» يواجه عادات المجتمع السعودى بالحب والفن

كتب: نورهان نصر الله

«بركة يقابل بركة» يواجه عادات المجتمع السعودى بالحب والفن

«بركة يقابل بركة» يواجه عادات المجتمع السعودى بالحب والفن

 

على هامش الدورة الـ38 من مهرجان القاهرة السينمائى، تشارك السعودية للمرة الأولى فى فعاليات المهرجان بفيلم «بركة يقابل بركة» للمخرج محمود الصباغ، ضمن مسابقة «آفاق السينما العربية»، وهو الفيلم الذى حقّق نجاحاً منذ عرضه العالمى الأول فى الدورة الماضية من مهرجان برلين بعد حصوله على جائزة لجنة التحكيم فى قسم «Forum»، فضلاً عن المشاركة فى مجموعة من مهرجانات السينما العالمية والعربية، حتى ترشيحه من جانب السعودية ليُمثلها فى مسابقة أوسكار عن فئة أفضل فيلم أجنبى فى 2017.

{long_qoute_1}

يدور الفيلم فى إطار رومانسى كوميدى حول عاشقين يجمعهما القدر فى بيئة معادية للمواعدة الرومانسية من أى نوع، فهو «بركة» الموظف فى بلدية جدة، الذى يقابل «بركة» الفتاة ذات الجمال الجامح التى تدير مدونة على الإنترنت، ويتحايل الاثنان على العادات والتقاليد فى المجتمع، وتُعد القصة مجرد باب خلفى ليستطيع المخرج خلاله انتقاد الأوضاع داخل المجتمع السعودى والمقارنة بسنوات سابقة كانت أكثر انفتاحاً على الحياة، الفن، الحرية، والحب.

قال المخرج محمود صباغ إن الإعداد للفيلم استغرق ما يقرب من عام، بينما لم تتعدَ أيام التصوير 25 يوماً، فى الوقت الذى لم يستطع فيه الحصول على تصريح تصوير فيلم، لأنه شىء مستحدَث فى المملكة العربية السعودية، وهو ما دفعه للحصول على تصريح تصوير مسلسل تليفزيونى، مشيراً إلى أن نقص الكوادر كان وراء الاستعانة بمدير التصوير المصرى فيكتور كريدى.

تابع «الصباغ» لـ«الوطن»: «فكرة الفيلم بدأت من رغبتى فى تقديم فيلم عن الحياة العامة فى السعودية فى آخر 30 عاماً، خصوصاً بعد ظهور ما يُشبه الردة الاجتماعية وصعود تيار محافظ فرض رؤيته وقيمه على كل أطياف المجتمع، وباعتبارى جزءاً من الجيل الجديد استفزنى الوضع، لأننا نرغب فى التغيير، وأن نعطى فرصة لكل الأطياف فى المجتمع لتعبّر عن نفسها بحرية كأى مجتمع صحى، فنحن فى حياتنا اليومية نرى المرأة بصور أقل فى الشارع، أقليات أقل، وفئات عمرية صغيرة أقل، لكن فكرة الحياة العامة جافة بشكل كبير، لا أحد يريد مشاهدتها، وهو ما اضطرنى إلى استعارة من السينما الكلاسيكية موضوع «عندما يقابل شاب فتاة»، لتصبح الحياة العامة هى خلفية الأحداث».

وبالحديث عن الانتقادات التى وُجِّهت إلى الفيلم بناءً على الجرأة فى تناول سلبيات المجتمع السعودى، أضاف مخرج «بركة يقابل بركة»: «المجتمع السعودى به ثقافة نقدية عالية، ففى الصحافة تُطرح هذه القضايا بشكل مباشر، إضافة إلى المجالس العامة والحوارات بين مؤسسات المجتمع المدنى يتم طرح القضايا التى تناولها الفيلم، لكن المختلف أن الانتقادات ظهرت فى سياق سينمائى، ومن وجهة نظرى أرى أنها أخف الانتقادات، لأن السينما فن غير مباشر، لذلك استخدمت الكوميديا بشكل مقصود، لأنها تفتح القلوب وتدخل إلى شرائح أكبر، والسخرية من تحدياتنا شىء صحى، لأنها دليل على عدم القبول التام، وأنا قدّمت فيلماً لنبدأ حواراً ونُقدّر أى نقد يوجّه إلينا، لأنه جزء من الحوار، وليس بالضرورة أن نقبل وجهة النظر، لكننا نتحين الفرصة لخلق حوار والتعبير لكل الأطياف». ووصف محمود صباغ التجربة الروائية الأولى من خلال الفيلم بـ«الصعبة»، مضيفاً: «قدّمت أعمالاً قصيرة ووثائقية، إضافة إلى مسلسل من 10 حلقات، وكانت فرصة للتعرّف على الثغرات وتجاوزها، ووصلت إلى مرحلة من الجاهزية عند بدء العمل على الفيلم الروائى الطويل، وكنت متخوفاً لأننى أعمل فى فراغ على مستوى صناعة السينما فى السعودية، ولم أكن الكاتب والمخرج فقط، بل المنتج، وبالتالى كان شيئاً مرهقاً جداً، حيث كان مطلوباً منى توفير كل عناصر صناعة الفيلم، ورغم ذلك تستحق كل لحظة أمضيتها فى العمل طوال عام كامل، وأتمنى أن أخلق إيقاعاً أسرع، حيث لا يستغرق العمل أكثر من عام». وعن ترشيح الفيلم لجائزة أوسكار 2017، أشار «صباغ» إلى أن وزارة الثقافة السعودية لم تُرشّح الفيلم للجائزة، لكن الترشيح جاء من خلال لجنة مستقلة تتبع جمعية الثقافة والفنون، متابعاً: «الثقافة لم تُقدّم لنا أى شىء رغم محاولاتنا لمخاطباتهم، لكن من الواضح أن لديهم أولويات، الثقافة ليست منها، ورغم أن جمعية الثقافة والفنون لا تمتلك إمكانيات كبيرة، لكن كل ما تملكه هو إعطاء الفيلم فرصة أمام اللجنة».

وشدّد «صباغ»، على أن غياب الصناعة من أهم الصعوبات التى واجهته أثناء العمل على الفيلم، ففى بعض البلدان، منها مصر، مهمة المخرج هى إخراج الفيلم، لكن بالنسبة له التجربة كانت مختلفة، لأن المخرج فى السعودية مسئول عن كل عناصر الفيلم حتى تدريب الممثلين، وأحياناً يصل إلى ترجمة الفيلم، قائلاً: «من الصعوبات التى واجهتنى عدم وجود ممثلين، وبالتالى كنت مجبراً على اختيار فريق عمل الفيلم الذى يخوض تجربته التمثيلية الأولى، سواء هشام فقيه، أو لفاطمة بنوى، التى كانت تدرس للماجستير، ولم تقف أمام كاميرا من قبل، لكنها تمتلك كاريزما البطلة، وعلى وعى بأهداف الفيلم، إضافة إلى عم دعاش.


مواضيع متعلقة