"روض الفرج" من سوق "الفتوة" إلى قصر ثقافة

"روض الفرج" من سوق "الفتوة" إلى قصر ثقافة
المكان يكتظ بالمارة، عربات «كارو» يجرها حمير تحمل البضائع من الخضراوات والفاكهة وغيرها، مئات من البشر تعلو أصواتهم، «وسع يا جدع، ظهرك يا بيه»، فريد شوقى يجسد أحدهم فى فيلم «الفتوة»، يحمل كل منهم جوالاً «شوالاً» على ظهره، نظير عملهم كشيالين، أو يعمل بديلاً عن الحمار ويجر العربة، كل هذا أمام وداخل صرح كبير تم إنشاؤه عام 1947، ليكون بناية فخمة لها بوابة عالية، طرازها مزيج من الطرازين الإنجليزى والمملوكى فى مصر، أعلى البوابة لافتة مكتوب عليها «سوق روض الفرج».
تحول المكان بعد عشرات السنوات، تحديداً 1996، إلى مجمع خدمات، يضم قصر ثقافة روض الفرج الحالى ومركز شباب ومكتب بريد ومجمع مدارس ومستشفى اليوم الواحد وهيئة مطافئ، وبالرغم من ذلك فإن المكان ما زال يطلق عليه اسم «سوق روض الفرج».
يتحدث ممدوح قديس، مدير قصر ثقافة روض الفرج، الذى قضى عمره منذ الصغر بحى روض الفرج: «أنا من سكان شبرا، وكل سكان حى شبرا والساحل وروض الفرج تعاملوا مع السوق بشكل مباشر، وكانت هى المنفذ الوحيد لاحتياجات أهل المنطقة»، يتذكر أيام طفولته مع المكان، وكيف كانت صورته فى الماضى، والزحام الشديد للعربات وحركة التجارة، «كان أغلب الأهالى بيتعاملوا مع السوق إما فى البيع والشراء أو شيالين وتجار». ومثلما كانت تقدم السوق خدمة إلى الأهالى، فهو الدور الذى يقوم به المجمع حالياً، ولكن فى صورة خدمات أخرى ومتنوعة.
يروى الرجل الأربعينى أن عدداً من الأهالى المسنة تتخيل أن قصر الثقافة هو السبب فى قطع عيشهم، بسبب أن شغلهم انتقل من جنب بيوتهم إلى سوق العبور، عندما تم نقل السوق إلى مدينة العبور، تسببت فى قطع رزق عدد كبير من الأهالى الذين كانوا يعتمدون عليه، فيقول ممدوح: «السوق لما اتنقلت من هنا كانت علشان الزحمة، وأنها كانت تسبب عدداً من المشكلات، خاصة حركة المرور»، والسوق أصبح مكانها غير مناسب للحياة الحالية، قائلاً: «البلد زمان كانت عددها قليل، دلوقتى الناس عددها كبير والبلد بقت زحمة أوى».
داخل المبنى الذى بناه مهندس إنجليزى على طراز المستشفى الملكى فى لندن، بناية يتكون طابقها من جناحين، تتوسطهما ساحة شاغرة، داخل أحد الجناحين تسير فى ممر على شكل قوس، على اليمين غرف المبنى، وعلى اليسار نوافذ بنصف استدارة من أعلى.
تحول هذا المبنى عام 1997 إلى أحد قصور الثقافة التابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة، يقول مدير القصر أثناء التجول داخل المبنى، إن المبنى كان يشتمل على طابق واحد، ولكن تم بناء الطابق الثانى، ويشمل الجناحان مكتبة للطفل، ونادياً للمرأة والموسيقى، ومسرح «الهواء الطلق» لعمل مسرحيات للأطفال، ومكتبة عامة لرواد القصر من الشباب.
يحدثنا أحد العاملين بالقصر: «قبل الثورة كان للقصر العديد من الرواد ويقيم الحفلات لكبار المطربين، لكن عقب الثورة اختلف الحال وضعف نشاط القصر، حتى إنه عند عمل عرض مسرحى يجب مخاطبة قسم روض الفرج ومديرية الأمن وهيئة الدفاع المدنى لتأمين المكان».
كان يقام مهرجان القراءة للجميع، وحفلات للأطفال يومى الخميس والجمعة، وفرق مسرحية وموسيقية طوال الإجازة الدراسية كل عام، ليس فقط يقوم القصر بدور ثقافى، بل يقوم بعمل قوافل طبية للأهالى.
يقول الدكتور خالد عزب، مدير إدارة الإعلام بمكتبة الإسكندرية، إن الهدف من إنشاء سوق روض الفرج إمداد القاهرة بما تحتاج إليه من بضائع وسلع وخضراوات وفاكهة، نظراً لقرب حى شبرا من النيل، حيث كانت تعتمد مصر فى نقل بضائعها على النقل النهرى، ولكن بعد ذلك تقلص حجم النقل النهرى، ولم يعد مكان السوق مهماً فى هذه المنطقة، فتحول إلى قصر للثقافة.
أخبار متعلقة:
لما تلاقى المسلم جوا الكنيسة.. «يبقى أنت أكيد فى شبرا»
حكايات المبانى الأوروبية التى تحولت لمدارس ومستشفيات
"شبرا" العمومي.. من حدائق للتنزه إلى أسواق تجارية
الفاترينات تمليك.. والباعة "جامعيون".. هنا ممر " الراعى الصالح"
أبراج «أغاخان» والكورنيش .. للرقى وجوه كثيرة
سينما مودرن.. الأثر المنسى من مكان لخطب عبدالناصر إلى عرض «عبده موتة»
جامع الخازندار.. قبلة الثوار والوحدة الوطنية
دوران شبرا .. من هنا خرجت «جمعة الغضب»
المشاهير .. "شبراوية" أباً عن جد
«العسال».. عرف بتجارة المخدرات ويرفض الاتهام بالبلطجة