الفاترينات تمليك.. والباعة "جامعيون".. هنا ممر " الراعى الصالح"

الفاترينات تمليك.. والباعة "جامعيون".. هنا ممر " الراعى الصالح"
بمجرد تخطيه عتبة محله إلى الداخل، أدار «عماد»، بائع الملابس المسيحى، التسجيل الصوتى الذى بدأ سماعه فى الليلة السابقة؛ خارج المحل يحاول «رفيق» بائع الملابس ثلاثينى العمر جذب المارة للشراء من بضاعته المعروضة، «اتفضلى يا أبلة عايزة إيه؟»، الكثيرات من المارة يواصلن سيرهن غير عابئات بدعوة رفيق لإلقاء نظرة على البضاعة المتكدسة فى محله وفى بقية محلات ممر الراعى الصالح؛ ذلك الممر التجارى الضيق فى حى شبرا.
مع الظهر، يبدأ ضجيج السوق داخل «ممر الراعى الصالح»؛ الذى يمتد بمحاذاة سور مدرسة الراعى الصالح بداية من شارع شبرا العام، ضجيج لا يقطعه إلا هدوء مدرسة الراهبات المجاورة للسوق التى تحمل سوق الملابس نفس اسمها الراعى الصالح ؛ لأن أرض الممر، كما يقول موسى عطاالله، أحد الباعة فى السوق، كانت مملوكة أصلاً لمدرسة الراعى الصالح «لحد ما اشتراها رجل أعمال وحولها فى الثمانينات لمشروع استثمارى وممر تجارى، هو دلوقتى أشهر الأماكن التجارية فى شبرا، هكذا يروى سبعينى العمر، موسى عطاالله، بداية قصة الممر التى لم تنته بعد، رغم الوعكة الاقتصادية التى تضرب أحشاء البلاد.
جلس موسى عطاالله، 75 سنة، بين ملابسه المعروضة للبيع يتصفح إحدى الصحف القومية؛ بينما يعيد أبناؤه الثلاثة ترتيب البضاعة ذات الألوان الزاهية؛ الشيخ المسيحى عاد للوراء بظهره وبالذاكرة إلى ثمانينات القرن العشرين «وقتها كان سعر الفاترينة الواحدة 850 أو 900 جنيه؛ دلوقتى شوف الفاترينة التمليك بكام.. مش أقل من 850 ألف جنيه، أصلاً دلوقتى مفيش تمليك».
انتقل موسى عطاالله للعمل بممر الراعى الصالح فى بيع الملابس منذ عشرين عاماً؛ وقتها كان قد تقاعد من وظيفته كضابط بالقوات المسلحة، وقرر بدء مشروعه الخاص فى السوق البالغة من العمر عشر سنوات؛ عاماً بعد آخر بدأت الحركة التجارية فى السوق تدب أكثر فأكثر، كما يقول عطاالله، أغلب البائعين فيه مسيحيون، وهم «ناس مسالمة، ملهمش فى المشاكل عايشين مع المسلمين إخوات.. كل شبرا مسالمة».
«وأذكر كلمة قالها أحد القديسين: إن دينونة الشعب يوم الدينونة.. ودينونة القديسين أمام المذابح».. جملة بين زحمة الجمل الصادرة عن «سمّاعات» داخل أحد محلات الممر، الممر الذى يغلب عليه الطابع المسيحى، فى أسماء المحال «الموناليزا الرومانى ماروجينا ماركو»؛ وصور البابا المتنيح الراحل البابا شنودة الثالث؛ وآيات الإنجيل والقداسات التى لا ينقطع صوتها عن الممر التجارى.
يتردد على سوق الملابس بممر الراعى الصالح أصناف متعددة من الزبائن؛ منهم المسيحى ومنهم المسلم، كلهم كما يقول البائع عطاالله من الموظفين البسطاء الذين يريدون ملابس جيدة بأسعار مناسبة، فممر الراعى الصالح، ببسيط العبارة، مكان يجد فيه «أصحاب الدخول المحدودة كساءً مناسباً لأولادهم؛ فى متناول الإيد مفيهاش غلاء أو مبالغة».
تأثر مؤشر البيع والشراء فى ممر الراعى الصالح بالأحداث التى تمر بها البلاد، فكان متوسط ما يبيع به موسى عطاالله فى اليوم الواحد قبل الثورة يتراوح بين الألفين أو الثلاثة آلاف من الجنيهات؛ إلا أن الأوضاع الاقتصادية لم تعد كسابق العهد فصار البائع يرى أنه لو باع بخمسمائة جنيه لكان فى اليوم مكسب معقول.
أبناء موسى عطاالله الثلاثة يعاونونه فى العمل منذ أن تخرجوا فى كلياتهم «الألسن والتجارة» وانضموا فترة لصفوف المتعطلين عن العمل؛ رفيق، خريج الألسن، صار بائعاً له باع فى التعامل مع الزبائن، فيحلل زبائن الشارع قائلاً: «هنا حى شعبى، الناس فيه شعبيين «ولاد بلد»، وأولاد شبرا بيفهموا، والزبون منهم يقدر يقيم الحاجة ويقدر سعرها بسهولة، وده بيسهل عليا الشغل مش بيصعبه لأنه فاهم الكويس والوحش وبياخد الكويس اللى يناسبه على طول، بدون ما يتعبنى».
أخبار متعلقة:
لما تلاقى المسلم جوا الكنيسة.. «يبقى أنت أكيد فى شبرا»
حكايات المبانى الأوروبية التى تحولت لمدارس ومستشفيات
"شبرا" العمومي.. من حدائق للتنزه إلى أسواق تجارية
أبراج «أغاخان» والكورنيش .. للرقى وجوه كثيرة
سينما مودرن.. الأثر المنسى من مكان لخطب عبدالناصر إلى عرض «عبده موتة»
جامع الخازندار.. قبلة الثوار والوحدة الوطنية
"روض الفرج" من سوق "الفتوة" إلى قصر ثقافة
دوران شبرا .. من هنا خرجت «جمعة الغضب»
المشاهير .. "شبراوية" أباً عن جد
«العسال».. عرف بتجارة المخدرات ويرفض الاتهام بالبلطجة