بالصور| "وليد فرغلي".. عيناه الكفيفتان لم تخش كاميرات التليفزيون "انا إتولدت مذيع"

كتب: محمود عباس

بالصور| "وليد فرغلي".. عيناه الكفيفتان لم تخش كاميرات التليفزيون "انا إتولدت مذيع"

بالصور| "وليد فرغلي".. عيناه الكفيفتان لم تخش كاميرات التليفزيون "انا إتولدت مذيع"

يقف منتصب القامة ينتظر إشارة بدء برنامجه، تزداد دقات قلبه حينما يسمع صوت مخرجه يصدح "ستاند باي"، وما أن ينفتح الكدر حتى ينطلق ذلك الشاب الكفيف كالنحلة الدائبة بين ضيوفه، يسأل هذا ويستجوب ذاك موجها الميكروفون إليهم دون أن تخطئ يداه الهدف، وما أن تختلس الكاميرا نظرات منه حتى تجده حاضرًا أمامها يبذل الجهد من أجل إخراج حلقة تليق ببرنامج تحتضنه قنوات التليفزيون المصري، يرسم من خلاله المذيع "وليد فرغلي" طريقا للأمل إلى كل قرنائه من ذوي الإعاقة.

{long_qoute_1}

سنوات عمره الأولى قضاها "وليد" كغيره من الأطفال تستقبل عيناه ضياء الشمس وتفرح بألوان ألعابه وتلمع إذ ترى وجه أمه، إلا أن "الحمى"، التي هاجمته في سن الرابعة،حوّلت الحياة إلى لون واحد يكتسي بالظلام، "الدكاترة شخصوا حالتي غلط، وفقدت بصري قبل سن دخول المدرسة بسنة".

حب "وليد" للكتابة وعشقه للاستماع إلى الراديو، قللا من اختياراته لحظة دخوله الجامعة، فلم يكن أمامه سوى الالتحاق بكلية الإعلام رغم حصوله على مجموع يتجاوز الـ100% في الثانوية العامة، "ماكنتش باحب الإنجليزي أوي، ومكانش في كليات كتير مسموح للمكفوفين يدخلوها".

{long_qoute_2}

الفرصة أتت في موعدها، فما أن كان العام 2013، الذي تخرج فيه الشاب العشريني من الكلية بتقدير "جيد جدا"، حتى سمع برغبة قيادات التليفزيون المصري في عمل برنامج يتعلق بذوي الإعاقة لتسليط الضوء على مشاكلهم وأحلامهم، "انا كان كل حلمي إني أبقى مذيع راديو، ولما قابلت رئيس التليفزيون عصام الأمير وافق إنه يجرب، وماكنتش متوقع إن البرنامج يستمر كل ده".

محاولات التحطيم، لم يسلم منها "وليد" في بداية استعداداته للبرنامج، حيث ساق له القدر مخرجا حاول التقليل من إمكانياته ورهن استمراره في البرنامج بترك ذلك الشاب الكفيف له، غير أن قيادات التليفزيون أصرت على استمرار تلك التجربة بمذيعها الذي واعدته الظروف بمخرج آخر كان أول محفز لطاقاته، "بعد ما البرنامج بدأ لقيت المخرج اللي كان بينتقدني بيشكر فيا وبيثني على أدائي".

تدريبات مطولة خاضها المذيع "وليد فرغلي"، كي يطمئن قلبه بنجاح تجربته، فتارة يتدرب على لغة جسمانية سلسة يبديها أمام الكاميرا، وأخرى يتعلم طريقة الإلقاء المناسبة التي يطل بها على جمهوره، حتى كان يوم تسجيل أولى حلقات برنامجه، "كنت مرعوب وانا باسجل مع أوركسترا البنات الكفيفات في فرقة النور والأمل، وكنت باحس بالخوف أكتر وانا باتنقل بالمايك بينهم عشان مايحسوش إني لسه مبتدئ، لكن المخرج نصحني إني أتغلب على خوفي وأقدم الحلقة على طبيعتي".

المشكلة التي خوفّت الكثير من قيادات التليفزيون هي كيفية تعامل الشاب الكفيف مع "الكاميرا" وضبط نظراته تجاهها، إلا أن المخرج المنفذ لبرنامج "طريق الأمل" فوجئ بقدرة المذيع على النظر إلى الكاميرا بدقة شديدة، "مش ضروري أكون شايف الكاميرا عشان أقدر أبص ناحيتها، ممكن حد بس يعرفني مكانها فين وانا أقدر أحافظ على اتجاه عيني ليها".

الشيء الذي أحزن المذيع الشاب هو رفض بعض زملائه من ذوي الإعاقة التسجيل معه في برنامجه بداعي أنه "كفيف"، رغم ترحيب العديد من الشخصيات العامة بالظهور في برنامجه،"ناس كتير حذرتني إني أعمل برنامج عن الإعاقة بسبب إن محدش بيهتموا بيها، لكن انا صممت إني أقدم البرنامج للناس كلها حتى لو كان عن المعاقين".

180 حلقة سجلها المذيع العشريني من برنامج "طريق الأمل"، المذاع على القناة الأولى بالتليفزيون المصري، التقى خلالها عددا من متحدي الإعاقة مثل إبراهيم حمتّو،الحاصل على بطولة العالم في التنس رغم بتر يديه، والسباح أحمد ناصف، الذي عبر المانش بدون قدميه، ناهيك عن فنانين من أمثال "نيللي" و"محمد رمضان"، "سجلت مع وزرا كتير في برنامجي لدرجة إن الوزير خالد عبد العزيز بقى عارفني بالاسم وهو اللي بيسلم عليا".

يحلم "وليد فرغلي"، بتقديم برنامج "توك شو" متنوع، يناقش فيه كافة القضايا الهامة التي تخص أبناء مجتمعه دون أن يوقف برنامجه عن قضايا الإعاقة، "أتمنى أكمل دراستي وأحضر ماجستير ودكتوراة من جامعات برة مصر".


مواضيع متعلقة