سيناريوهات اليوم العصيب.. مجزرة جديدة وانسحاب ثانٍ للشرطة
الكل يحبس الأنفاس انتظاراً لحكم المحكمة اليوم، وبطبيعة الحال لن يرضى الجميع، والأطراف جميعها تضع يدها فوق الزناد استعداداً للرد، والرد قاسٍ لا محالة، والقسوة قد تصل لحد الفوضى، هذا هو المشهد الذى ينتظره المصريون اليوم حال نطق القاضى بالحكم فى قضية «مجزرة بورسعيد»، ويتوقع خبراء أمنيون ومحللون استراتيجيون «مجرزة جديدة»، وآخرون يرونه «انسحاباً ثانياً للشرطة»، إما أمام ألتراس أهلاوى الذى يهدد ويتوعد، أو أمام أهالى بورسعيد الذين يرون الحكم إذا جاء على عكس هواهم «إرضاءً لدولة الألتراس»، مؤكدين أن الرئيس سيكون عليه إذا زاد العنف فى الشارع إصدار قرار بسحب «الشرطة» ونزول الجيش منعاً لتكرار أحداث 28 يناير.
يقول اللواء طارق خضر، أستاذ ورئيس قسم القانون العام بكلية الشرطة، إن القضية حساسة للغاية وتأتى فى ظروف صعبة، وفى حالة صدور أحكام غير مرضية لجماهير الألتراس، سيكون هناك رد فعل سلبى وعنيف، وهذا ما بدأوه خلال الأيام الماضية بالفعل، وما حدث من محاصرتهم لبعض مديريات الأمن منذ يومين وحرقهم بعض سيارات الشرطة، والتوجه نحو منزل وزير الداخلية الأسبق اللواء محمد إبراهيم، كل ذلك يشير إلى أن الألتراس لن يقبلوا إلا بحكم يرضيهم، وإذا جاء الحكم مرضياً للألتراس، فهذا يعنى اشتعال الأزمة مرة ثانية فى بورسعيد، وتكرار نفس السيناريو الذى حدث عقب قرار الإحالة إلى المفتى.
ويتوقع «خضر» أنه فى حالة زيادة حالة العنف عقب صدور الأحكام، لا يمكن أن تستمر الشرطة فى الشارع خاصة فى مدن القناة، ولكنه لا يتوقع أن تنسحب الشرطة من شوارع القاهرة مثلما حدث يوم 28 يناير 2011، ولكنها ستتراجع إلى حماية المنشآت الحيوية ووزارة الداخلية ومديريات الأمن وأقسام الشرطة، مشيراً إلى أنه فى حالة الحكم المشدد على قيادات وضباط الشرطة المتهمين فى القضية، لا يتوقع حدوث عصيان مدنى من قبل رجال الشرطة، ولكن سيترك الحكم أثراً سلبياً على رجال الأمن لإحساسهم بأنهم هم الضحية دائماً نتيجة العنف فى الشارع، ويطالب «خضر» الرئيس محمد مرسى فى حالة زيادة العنف فى الشارع بسحب قوات الشرطة من مدن القناة، ونزول القوات المسلحة.[Quote_2]
من جانبه، قال اللواء محمد نجيب، المساعد السابق لوزير الداخلية لقطاع السجون، إنه على الشرطة عدم استخدام العنف مع المتظاهرين، حتى لا ينهار الجهاز الأمنى، ولكن إذا تم اقتحام أو التعدى على أى منشأة حكومية، أو شرطية فلابد أن تواجهها وتتصدى لها بكل حزم.
ويتوقع الدكتور عمرو الشوبكى، الخبير بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، انسحاب قوات الشرطة حال وقوع اشتباكات عنيفة مع الأطراف التى ستصدر الأحكام القضائية ضدها، سواء فى القاهرة وبعض المحافظات لصدور حكم لا يرضى ألتراس أهلاوى أو فى بورسعيد لصدور حكم لا يرضى «البورسعيدية» مؤكداً أن قوات الشرطة والأمن المركزى تعرضت خلال الثمانية أشهر الماضية لضغط نفسى رهيب، بسبب تصدرها المشهد وتحملها الأخطاء السياسية، مشيراً إلى أن تلك الضغوط ستكون دافعاً رئيسياً لإعلان الانسحاب أو إعلان العصيان أو الاعتصام داخل منشآتهم الشرطية.
وأضاف «الشوبكى»: صدور حكم ضد أهل بورسعيد سيشكل مشهداً مأساوياً، وسيصبح سيناريو الانسحاب أسرع لأن هناك اشتباكات دائرة منذ عدة أيام أنهكت خلالها قوات الشرطة، ومع صدور الحكم ووصول الأهالى إلى ذروة الغضب ستولد اشتباكات قوية وتدوم لأيام، وعجل من سيناريو الانسحاب وقوع الاشتباكات فى نطاق جغرافى صغير ومحدد، سواء أمام مديرية أمن بورسعيد أو أمام السجن أو مبنى المحافظة، مما يعجل من انهيار الشرطة. ويشدد على أن الدوافع التى ستجعل فكرة الانسحاب ممكنة مع عدم رضا الغالبية العظمى من قوات الشرطة على ما يتعرضون له من عنف وقهر نفسى، وفى حالة إدانة المحكمة لأفراد الشرطة المتهمين فى قضية استاد بورسعيد والحكم عليهم بأحكام مغلظة ستتضامن معهم قوات الشرطة لأنهم معرضون للمحاكمة إذا تعاملوا بعنف وقتلوا أحداً من المتظاهرين، وسيتحول الانسحاب إلى شكل «دراماتيكى» ويصبح الانسحاب الثانى بعد انسحاب قوات الشرطة فى أحداث ثورة الخامس والعشرين من يناير.
وأشار «الشوبكى» إلى أنه على الجانب الآخر فى حالة عدم رضا ألتراس أهلاوى عن الحكم سينتقل سيناريو بورسعيد إلى القاهرة وبعض المحافظات، ويشتبك المتظاهرون مع أفراد الشرطة لأيام متتالية، قد يحدث فيها انسحاب، خاصة فى ظل وجود اعتصامات وإضرابات عن العمل داخل بعض مراكز الشرطة ومديريات الأمن.[Quote_1]
واستطرد: «مع تفكك جهاز الشرطة وهى أكبر مؤسسة سيادية أمنية بعد وزارة الدفاع ستصنف مصر ضمن «الدول الفاشلة» لأن أجهزتها لا تستطيع أن تقوم بدورها.
يتفق البدرى فرغلى، عضو مجلس الشعب السابق، مع ما قدمه «الشوبكى» حيث يرى أن الشرطة تترنح فى الوقت الحالى نتاج سوء تعاملها مع الوضع فى بورسعيد، فالفترة الماضية تورطت الشرطة فى مقتل وإصابة المئات، وبالتالى فإن الصراع قائم والاشتباك باقٍ حتى لو صدر حكم يرضى أهل بورسعيد، فلن يرضى أحد عما ارتكبته الشرطة ضد المواطنين «البورسعيدية»، وأضاف «فرغلى» أن جهاز الشرطة حاول أن يمر من باب الإخوان المسلمين حتى يخرج للطغيان الذى عاصرناه فى وقت تولى حسنى مبارك ويعود إلى حالة الظلم التى كان عليها فسقط كما سقط الإخوان المسلمين.
وصف الدكتور عمار على حسن الحالة التى تعيشها مصر الآن والصراع الدائر بين الأمن والألتراس وأهالى بورسعيد بأنه غاية فى الخطورة، وأضاف: «ليس هناك أخطر من أن تكون هناك تجمعات أو عصابات أو ميليشيات أو مجموعات تؤثر على حكم القضاء، أو أن تهدد بالعنف إذا ما جاء الحكم على غير هواهم، فهذا يذكرنا بما تفعله المافيا فى إيطاليا حين تهدد القضاة وتخطفهم وتهدد بأعمال عنف قبل إصدار الأحكام القضائية.[Quote_3]
وأضاف «حسن»: كل هذه الأطراف الغاضبة ما هى إلا دليل على فشل الإدارة السياسية للبلاد فى أن تقيم حواراً مجتمعياً ينزع فتيل الأزمة، فإذا نظرنا للأمر بقدر من التدقيق سنجد أن الرئيس محمد مرسى تولى الحكم فى يوليو الماضى أى أنه قضى الآن ثمانية أشهر كرئيس للبلاد، وخلال هذه الفترة لم يسع أبداً لإقامة حوار بين الأطراف المتنازعة، والغريب فى الأمر أيضاً عدم إقدامه على هذه الخطوة رغم وجود مساعد له لشئون الحوار المجتمعى، لذا فإن الأمر يبدو وكأننا أمام سلطة لا تفهم إلا فى القمع والقهر وتتصور أن هيبة الدولة لا تطبق إلا من خلال الإجبار وليس الحوار، متناسياً أن الثقافة السياسية للمصريين تغيرت وأنهم لن يعودوا إلى ما كانوا عليه أيام «مبارك».
واستطرد «حسن»: أهالى بورسعيد يشعرون بأن السلطة تثأر منهم وأنها تجامل الألتراس على حسابهم، وأنهم يخشون غضبهم لتمركزهم فى القاهرة مما يضاعف من تأثير أى عنف من قبلهم.
ويرى «حسن» أن الأزمة بين الشرطة والألتراس لن تنتهى، وأنها لا تقتصر على أحداث بورسعيد فقط، ولكنها أشبه بحالة من الثأر الدائم بين الطرفين، وما يزيدها أن الشرطة عادت لتمارس الأفعال ذاتها التى كانت تمارسها أيام مبارك، وأنه وحتى بعد استئناف الدورى لو سمح للجمهور بالحضور فإن مصر ستشهد مجازر بين الطرفين.
وعن توقعاته لما سيترتب على حكم المحكمة اليوم، يقول «عمار»: «هناك احتمال كبير أن تنسحب الشرطة فى حال جاء الحكم على عكس هوى الألتراس الأهلاوى، ففى هذه الحالة ستجد الشرطة نفسها هدفاً للانتقام، ومع وجود حالة تذمر داخل الجهاز الأمنى نتيجة أن السلطة تضعه فى الصفوف الأولى لمواجهة معارضيه، هنا من الممكن أن نجد انفجاراً جديداً داخل جهاز الشرطة وقد يصل للانسحاب.
وما يزيد الأمر خطورة أن الأطراف المحتقنة من الشرطة ليست الألتراس فقط، وإنما يوجد الثوار وأهالى الشهداء والمصابين وحركات اجتماعية وقطاعات من المجتمع، وإذا حدث صدام بين الشرطة والألتراس سينضم للأخير كل هؤلاء وسنجد نفسنا أمام صراع دموى كبير، وما يزيد الأمور تعقيداً أن الشرطة قياساً بأدائها يوم 25 يناير 2011 لا قبل لها بالحشود الكبيرة ولا بمجموعات منظمة مثل الألتراس، خاصة أننا رأينا فى الأسابيع الأخيرة كيف أن الألتراس مجموعة منظمة ولها تكتيك ولديهم قدرة على تشتيت الشرطة بكل سهولة، لذا فمن سيدفع ثمن الصمت الرئاسى هو جهاز الشرطة لا محالة.
أخبار متعلقة:
"سبت" الحساب
وزير الداخلية: والله العظيم لا أتحرك بتعليمات من الإخوان.. وأخشى أن تتحول مصر إلى «دولة ميليشيات»
«كابو المصرى» لـ«مرسى»: ساعة الانفجار اقتربت.. وسترى أنت وجماعتك غضب بورسعيد
زحف الألتراس.. التجمع أمام «الجزيرة» والحضور إجبارى و«اعمل حسابك إنه آخر يوم فى حياتك»
ضباط شرطة : «إلى كل أب وأم معرفش يربى ابنه.. ما تجيش بعد كده تطلع فى التليفزيون تصوَّت وتقول ابنى شهيد»
الألتراس يخترقون أقسام الشرطة.. ويلاحقون الضباط برسائل «القصاص»
«ألتراس» يروى التاريخ الأسود مع الداخلية منذ 2007 حتى يوم «المجزرة»
مساعد وزير الداخلية لـ«الأمن المركزى»: الفوضى تنتظر مصر إذا تقاعسنا يوم الحكم