الشركات والتجار يتبادلون الاتهامات.. من الذى رفع سعر السكر؟

كتب: عبدالفتاح فرج

الشركات والتجار يتبادلون الاتهامات.. من الذى رفع سعر السكر؟

الشركات والتجار يتبادلون الاتهامات.. من الذى رفع سعر السكر؟

شهدت الأسواق المصرية مؤخراً ارتفاعاً كبيراً ومفاجئاً فى سعر السكر الذى ارتفع أكثر من 40%، خلال اليومين الماضيين، ورغم إعلان وزارة التموين فى وقت سابق عن تخزين كميات كبيرة تكفى حتى نهاية العام، فإن نقص السكر فى مخازن هيئة السلع التموينية تسبّب فى نقص المعروض من المنتَج وزيادة الطلب عليه فى الأسواق والمحال التجارية، وفى الوقت الذى يتهم فيه التجار شركات السكر الكبرى بالدلتا بالتسبُّب فى ارتفاع سعره، يتهم العاملون بهذه الشركات التجار بالاحتكار والتلاعب فى الأسعار.

{long_qoute_1}

ترصد «الوطن» الأسباب الحقيقية وراء ارتفاع سعر السكر لأكثر من 7 جنيهات ومبرّرات التجار والمصنّعين، إذ يقول ماجد نادى، المتحدث باسم النقابة العامة لبقالى التموين: إن «سبب ارتفاع سعر السكر هو كثرة الاستهلاك فى شهر رمضان، إضافة إلى نقص المخزون الاستراتيجى فى مخازن هيئة السلع التموينية، مما تسبّب فى حدوث عجز شديد فى الحصص التموينية للكثير من محافظات الجمهورية، وعلى رأسها الشرقية والمنوفية ومحافظات الوجه القبلى، مما أجبر الحكومة على فتح باب الاستيراد لتعويض العجز».

ويوضح «نادى» أن السبب الحقيقى وراء ارتفاع السعر هو عدم توافر سكر التموين الذى يضبط الإيقاع ويُحقّق التوازن المطلوب بين العرض والطلب، وبما أن الطلب أكثر من العرض حالياً، فإن سعره سوف يرتفع أكثر، والتجربة علمتنا أن نقص السلع الأساسية مثل الزيت والسكر والأرز فى التموين، يؤدى إلى ارتفاع أسعارها فى الأسواق الحرة.

{long_qoute_2}

«تخزين سكر التموين يتم بشكل سيئ جداً فى شون ومخازن هيئة السلع التموينية، مما يتسبّب فى إهدار كميات كبيرة منه وتغيّر لونه ورائحته»، كذلك يُعلّل المتحدث باسم «البقالين» أسباب الأزمة: «قيام الحكومة بتوريد السكر الجديد للبدالين وترك القديم فى المخازن تسبب أيضاً فى زيادة الأزمة، حيث كان من المفترض توريد السكر القديم أولاً وترك الجديد حتى لا يفسد، وحالياً 90% من سكر التموين أسود اللون، لأنه للأسف مخازن هيئة السلع التموينية غير مهيّأة للتخزين، مثل شون القمح الحكومية».

محمد سمير، صاحب محل بقالة بعين شمس، يقول إن «بعض أصحاب السوبر ماركت يرفعون سعر السكر على المواطنين، استغلالاً للحالة العامة التى ارتفعت فيها كل الأسعار، وإذا كان سعر الكيلو 7 جنيهات فإن صاحب السوبر ماركت يبيعه بـ7.5 أو 8 جنيهات، إذا علم أن أحداً غيره يبيعه بـ8 جنيهات»، كذلك يضيف: «باكتة السكر كان سعرها قبل شهر أو شهرين 48 جنيهاً، وبها 10 أكياس، كل كيس يزن كيلوجراماً واحداً، لكن سعر الباكتة يبلغ حالياً 75 جنيهاً أو 73 جنيهاً».

«للأسف بعض المواطنين يُسهمون فى تفاقم الأزمة من خلال شراء كميات كبيرة من السكر، خوفاً من ارتفاع سعره فى المستقبل، فبدلاً من شراء كيلو سكر واحد يشترون 5 أو 6 كيلوجرامات وأكثر، بغرض التخزين»، قالها «سمير»، مضيفاً: عندما يرى صاحب المحل الإقبال كبيراً على الشراء، فإنه يرفع السعر، لأن بضاعته تُباع بسرعة.

{long_qoute_3}

أما سالم عبدالحميد، صاحب محلات بقالة بالمنيل، فيقول «إن سبب ارتفاع سعر السكر هو تلاعب التجار وتخزينه أو احتكاره بهدف التحكُّم فى بيعه ورفع سعره، وتشن مباحث التموين هذه الأيام حملات مفاجئة على مخازن السكر فى الأحياء المختلفة بالقاهرة، لجرد الكميات المخزّنة والمبيعة. وألقت بالفعل القبض على أصحاب المخازن الذين يرفضون بيع السكر من أجل احتكاره ورفع سعره».

من جانبه، يقول عمرو عصفور، رئيس شعبة المواد الغذائية بالغرفة التجارية، إن 70% من إنتاج السكر فى مصر محلى، و30% فقط مستورد من الخارج، ورغم إعلان وزارة التموين منذ عدة أشهر عن وجود مخزون كافٍ من السكر فى المخازن الحكومية فإن النقص الشديد فى مخازن هيئة السلع التموينية يُفنّد هذه التصريحات، ويُثير الكثير من التساؤلات، فمصر تستهلك سنوياً 3 ملايين طن سكر، يتم إنتاج 2.4 مليون طن فى مصر، والنسبة المتبقية 600 ألف طن تُستورد من الخارج.

ويُوضّح «عصفور» أن تجار السكر لا علاقة لهم بالأزمة، وأن الاتهامات الموجّهة إليهم غير دقيقة، وليست فى محلها، لأن شركات السكر الحكومية التابعة للشركة القابضة للمواد الغذائية هى التى تُورّد إليهم السكر، لذلك قدّمنا طلباً إلى رئيس الشركة القابضة لإعلان الأسعار التى تُورّد بها الشركات إلى التجار مع فتح باب الشراء لتجار التعبئة حاملى الرخص، بكميات متنوعة، بدلاً من قيام هذه الشركات ببيع السكر بكميات لا تقل عن 100 طن، وبالتالى كان يستحوذ على عملية الشراء نحو 10 تجار فقط، وهؤلاء بالطبع يتحكمون فى سعر السكر من خلال الاتفاق معاً على السعر الجديد.

«بيع السكر لتجار كثيرين سيخلق نوعاً من المنافسة، وسيُبدّد الاحتكار»، أحد الحلول التى يطرحها «عصفور»، مستدركاً: لكن سعر السكر حسب توقعاتى لن يعود إلى ما كان فى السابق، وهو 5 جنيهات للكيلو، والقول إن ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه هو السبب الرئيسى وراء ارتفاع سعر السكر «غير دقيق»، لأن معظم إنتاج السكر محلى الصنع من مصر، والكثير من التجار تراجعوا عن استيراده مؤخراً بسبب ندرة الدولار وارتفاع سعره بشكل كبير، كما أن الشركات المصرية الكبيرة التى تستورد المواد الخام للسكر من الخارج وتُكرّره فى مصر كانت تُصدّر جزءاً منه وتورّد نسبة كبيرة إلى الداخل، وتكتفى حالياً بتصديره إلى الخارج، حفاظاً على توريد العملة الصعبة، وهذا من حقها، حسب قوله.

حسن فندى، عضو مجلس إدارة غرفة الصناعات الغذائية، يرى أن سبب ارتفاع سعر السكر فى الفترة الأخيرة هو سوء إدارة تجارته فى مصر فى المقام الأول، لافتاً إلى أن صناعة السكر فى مصر عريقة وقوية جداً، وتُعد من الصناعات الثقيلة، لأنها تجمع بين الزراعة والصناعة. ويوضح أن «سبب الزيادة الحقيقى هو شركات السكر الحكومية التابعة للشركة القابضة للصناعات الغذائية، التى كانت تشكو من تراكم المخزون فى مخازنها، وتعرضه للتلف بعد لجوء التجار للاستيراد من الخارج قبل أزمة ارتفاع سعر الدولار منذ 4 أشهر»، لافتاً إلى أن هذه الشركات تُورّد 80% من إنتاجها إلى وزارة التموين، والنسبة المتبقية تبيعها فى الأسواق.

يُوضّح «فندى» كذلك أن الشركات التى تبيع فى السوق الحرة هى شركات سكر البنجر فى الوجه البحرى، وعددها نحو 5 شركات، لكن شركات الوجه القبلى تُورّد إنتاجها بالكامل إلى وزارة التموين، بما يزيد على مليون طن سنوياً، ورغم تدخُّل الرئيس عبدالفتاح السيسى لحماية هذه الصناعة الوطنية بفرض جمارك على السكر الخام المستورَد من الخارج فى فبراير الماضى، حفاظاً على المخزون المتراكم فى مخازن هذه الشركات، فإنها أسهمت بشكل كبير جداً فى رفع سعر السكر على المستهلك المصرى دون وجه حق، وقامت بتعطيش السوق والتحكم فى أسعاره بعد عزوف الكثير من المستثمرين عن استيراد السكر الخام من الخارج بعد فرض الجمارك وزيادة سعر السكر فى البورصات العالمية وارتفاع سعر الدولار وندرته، واضطرارهم إلى الاعتماد على السكر المحلى فى النهاية.

رضا سيد حمادة، رئيس اللجنة النقابية لمصنع سكر أبوقرقاص، ينفى مسئولية مصانع السكر التابعة لشركة السكر والصناعات التكاملية، التى تضم 9 مصانع بالوجه القبلى، عن ارتفاع سعر السكر مؤخراً: سلّمنا السكر إلى وزارة التموين بالكامل فى نهاية شهر مايو الماضى، وسعر السكر حالياً فى المجمعات الاستهلاكية 5 جنيهات فقط، لكنه يُباع فى المحلات التجارية بـ7 جنيهات، ونُورّد طن السكر إلى وزارة التموين بسعر 4550 جنيهاً وليس بـ7 آلاف جنيه كما يتردد، وشركتنا تنتج أكثر من ثلث الكمية التى يستهلكها المصريون من السكر بنحو 1.4 طن، ولم يتبق فى مخازننا سوى 100 طن نقوم بتعبئتها وبيعها بالكيلو للشركات الحكومية أيضاً». ويشير إلى أن السكر الذى ورّدته الشركة إلى وزارة التموين يكفى حتى شهر أكتوبر المقبل، قبل بداية إنتاج سكر جديد بعد حصاد محصول القصب وإنتاجه فى شهر ديسمبر.

من جانبه، نفى عبدالحميد سلامة، رئيس مجلس إدارة شركة الدلتا للسكر، كذلك الاتهامات التى يُردّدها التجار برفع سعر طن السكر مؤخراً: بعنا الطن فى الشهر الماضى بسعر 4550 جنيهاً فقط وليس بـ7 آلاف جنيه كما يُردّدون، وهم يبيعونه لتجار التعبئة بسعر 6300 جنيه، ويُحقّقون مكاسب كبيرة من وراء ذلك فى الطن الواحد، لذلك أوقفت البيع لهؤلاء التجار حالياً حتى يتم الاتفاق مع الحكومة على التعاملات الجديدة لضبط السعر فى السوق، وقدّمت مؤخراً بيانات المتلاعبين من التجار إلى الرقابة الإدارية، لأنهم تسبّبوا فى رفع السعر إلى هذا الحد.. طن السكر يخرج من شركتنا بـ4550 جنيهاً فقط والمفترَض أن يكون سعره فى النهاية 5 جنيهات فقط أو 5 جنيهات ونصف، لتحقيق هامش ربح لكل تجار الجملة والتجزئة والبقالين، لكنهم يبيعونه بـ8 جنيهات.


مواضيع متعلقة