أمين يتحدث «من جنب السجن»: بورسعيد تحولت إلى «بورشهيد» لكثرة الدم الذى سال على أرضها

كتب: أحمد الشمسى

أمين يتحدث «من جنب السجن»: بورسعيد تحولت إلى «بورشهيد» لكثرة الدم الذى سال على أرضها

أمين يتحدث «من جنب السجن»: بورسعيد تحولت إلى «بورشهيد» لكثرة الدم الذى سال على أرضها

شارع طويل، وبناية تتوسط العمارات المأهولة بالسكان، تعلوها أسوار حديدية، وأبراج مراقبة يعتليها مجندو الأمن المركزى، مهمتهم حماية تلك البناية، التى يختبئ بها مجموعة من الخارجين عن القانون والمحكوم عليهم فى قضايا جنائية. نتحدث عن سجن بورسعيد الذى يتوسط شارع محمد على، ويقع فى وسط المدينة الساحلية. محمد أمين، شاب فى أوائل الثلاثينات من عمره، استعد ليوم النطق بالحكم فى قضية «مجزرة بورسعيد»، مثلما استعد جميع السواحلية لها، فأنهى عمله مساء الخميس، ثم أغلق شركة «الملاحة» التى يمتلكها بجوار السجن، يقول: «كلنا كنا واخدين احتياطاتنا وقفلنا محلاتنا»، صاحب اللحية الكثة، المتزوج حديثاً، يروى الدقائق العصيبة التى أعقبت النطق بالحكم بإعدام 21 متهماً فى القضية.. كر وفر، وجميع مَن بالشارع يحمل السلاح فى يديه، فى البداية اقتحموا قسم شرطة شرق، حتى أرهبوا الضباط والمجندين الذين لاذوا بالفرار، ثم قطعوا طريق بحر البقر: «عشان ماحدش يدخل البلد»، لحظات واقتحموا السجن فى محاولة لتهريب المساجين. سيدات يتشحن بالسواد، وقفن أمام الباب الحديدى للسجن، ثم أخذن يلطمن ويصرخن: «منك لله يا ظالم.. منك لله يا مرسى». الطرقات مغلقة والمعديات التى تنقل الأهالى من «بورفؤاد» إلى «بورسعيد» والعكس، جرى وقفها. «دا لسه هيوقّفوا كمان قناة السويس»، يقولها «أمين» مستنكراً حكم الإعدام على المتهمين، واصفاً المشهد منذ ساعات ماضية اشتعلت فيها المدينة الباسلة: «الدولة بتضحى ببورسعيد عشان مايبقاش فيه اشتباكات فى العاصمة القاهرة». ويضيف: «هما فاكرين إن البلد كدا تهدا، لكن هما مش عارفين إن كل البورسعيدية ماشيين ومعاهم سلاح». المشهد الذى رآه «أمين» بعينيه يرويه هكذا: «كل البورسعيدية رايحين على السجن، لأنهم شايفين إن الحكم فعلاً ظالم»، مؤكداً أن المجرم لا بد أن يُحاسب لكن بالعدل. جمع غفير، سيدات ورجال وأطفال وشيوخ، يحملون على أكتافهم نعوش فلذات أكبادهم التى أغرقت دماؤهم شوارع المدينة الباسلة، وبعد دقائق قليلة من خروج جثامين الشهداء من مسجد مريم، فى طريقها إلى مقابر المدينة، تنهمر فجأة قنابل مُسيلة للدموع فوق رؤوس مشيعى الشهداء، تأتى من أعلى البنايات المجاورة لمسجد الشرطة، فرّقت الجموع، وأهدرت حرمة الموتى، ووسط الكر والفر تتحرك جنازة الشهداء، غير عابئة بما يحدث. فى المرة الثانية، تعلّم «البورسعيدية» الدرس، ففى الجنازة الثانية لضحايا الجنازة الأولى، أوفدوا مجموعة من الأشخاص لتأمين أسطح البنايات، خوفاً من تكرار المأساة مرة أخرى، هكذا يؤكد «محمد أمين» الذى خرج من بورفؤاد إلى بورسعيد لتشييع الضحايا. «مرسى ألقى البنزين فوق النار»، هذا ما يراه الشاب الملتحى المنتمى إلى التيار السلفى، مضيفاً: «الراجل عمل 3 حاجات فى منتهى الغرابة؛ عزى الشهداء، وطبّق الطوارئ، وقدّم التحية لرجال الشرطة»، ويؤكد أن الخطاب أجّج مشاعر الغضب وزاد لهيبها، مؤكداً أن الشعب يريد حلاً، والرئيس عاجز عن إيجاده. الكل يد واحدة داخل المدينة الساحلية، لا فرق بين ملتحٍ أو ليبرالى، فالغضب يملأ الجميع: «حتى الناس التابعين لجماعة الإخوان نفسهم بينتقدوه». ويؤكد صاحب شركة الملاحة أن بورسعيد التى كانت مشهورة بنشاطها التجارى أصبحت خراباً على رؤوس أهلها: «البلد كلها مافيهاش شُغل، كله بيشتم ويسب فى الحكومة ومرسى». «الريس ضعيف.. ولا يتمتع بأى نوع من أنواع الذكاء»، هكذا يصفه ابن المدينة، مُضيفاً: «البلد اتحولت لـ(بورشهيد) من كُتر الدم اللى سال على أرضها»، دوى الطلقات النارية أصبح هو الغالب على المشهد: «الناس كلها بقيت ماسكة سلاح، دا بقى شىء عادى». ويختتم كلامه قائلاً: «حظر التجول 30 يوم هيخرب بيوتنا زيادة». يمكنك مشاهدة الملف التفاعلي على الرابط التالي: http://www.elwatannews.com/hotfile/details/161 أخبار متعلقة: يا «بلد النضال».. تغفر لك بطولاتك «ما تقدم من ذنوب وما تأخر» أهالى بورسعيد: مبارك عزلنا.. ومرسى «ضلمها علينا» بورسعيد.. حيث تمتزج البطولة بالجراح وبالحديد «العصفورى»: دافعنا عن مصر فكان العقاب «جماعياً» تعامل البورسعيدية مع العدو أكسبهم طبيعة خشنة البدرى فرغلى: مدن القناة «رهن الاعتقال» بأمر الرئاسة والإخوان سيحكمون البلاد بـ«الحديد والنار» من بورسعيدى إلى «رئيس الإخوان»: «يا ترحل.. يا نستقل»