بروفايل| عمر الخيام.. "الشاعر والفيلسوف"

كتب: سلوى الزغبي

بروفايل| عمر الخيام.. "الشاعر والفيلسوف"

بروفايل| عمر الخيام.. "الشاعر والفيلسوف"

شاعر وفيلسوف وطرازه في الشعر والفلسلفة طراز فريد، فشعره هو حياته، وحياته فيها الجزع واليأس والقلق، وفلسفته هي أفكاره التي يعيش بها ولها، وتزدحم في رأسه فيسأل ويتحرى وينقش ويحاور ويصاول ويجول، يريد أن يعرف عن الوجود والحقيقة، والخلق والموت والميعاد والقضاء والقدر، وينطلق لسانه في عاطفة وحماس، ويضبط نفسه متلبسًا بالتجديف على الله، وبالاجتراء على الحضرة الإلهية فيندم ويستغفر، ويعتذر كلما ضاق صدره بما لا يقال، ويتمنى لو يكون كالناس العاديين وأن تسير مركب حياته فلا تضطرب في بحار نفسه، سطور تصف "عمر الخيام" بقلب واحد من محبيه الكاتب الدكتور عبدالمنعم الحفني.

ربِّ رُّحماك ما كسبت ثوابا.. لا ولاكنت مستحقًا عقابا.. إنما قلت ما رأيت صوابا.. ووجودي علىّ كان مصابا.. وكفاني التوحيد ذخرا فإني.. لم أعددّ في ديني الأربابا.. إحدى رباعيات عمر الخيام، الذي أجمع جامعي سيرته على أن اسمه "عمر بن إبراهيم" دون اسم ثلاثي، ولم تتوفر معلومات عن أصله ونسبه وانتماءاته العرقية والطبقية، والغالب أنه من أصول عربية سُنيّة، لأن اسم عمر لا يذكره الشيعة الإيرانية إلا بالسوء والسب.

ويمكن أن يكون من العرب الذين يهاجرون إلى إيران أو هاجروا إليها مع الفتح العربي وانصهروا مع السكان الأصلييين وتزوجوا منهم، واحتفظوا لأنفسهم ولأبنائهم بأسماء عربية ليميزوهم بها وليفاخروا بأصولهم.

والغالب أن اسم "الخيّام" لقب له أو لأبيه أو لعائلته، وربما كان أبوه يمتهن صناعة الخيام أو بيعها.

الخيّام يقول الشعر فكأنما يزجيه لنفسه، وكأنما يحاول به أن يطمأن من مخاوفه، ويهدئ به من جيشان روحه، وكأنه يتعهد به نفسه بالتربية، ويعلمها الأخلاق ويعودها الحكمة، والخيّام الفيلسوف لا يريد أن يفكر فقط، لأنه لو فكر فقط فلن يوجد وإنما يريد أن يوجد وأن يتطابق فكره مع وجوده، ويريد أن ينظر إلى داخل ذاته ومن خلالها وأن يسمع لها ويلامس إيقاعها الباطن، حسبما أورد عنه الدكتور عبدالمنعم الحفني في كتابه "شخصيات قلقة في الإسلام - عمر الخيام والرباعيات".

والخيام بشعره الفلسفي رائد، وكان فيه متمردًا على كل مَن سبقوه، وكل ما سبقه وشعره في التمرد أدخله عداد فلاسفة وأدباء التمرد.

الرباعيات.. هي عبارة عن مقطعات من 4 أشطار، الشطر الثالث مطلق بينما الثلاثة الأخرى مقيدة، وهي تعرف باسم "الدوبيت" في الفارسية، وقد ألفها بالفارسية رغم أنه كان يستطيع أن يصوغها بالعربية.

وكان في أوقات فراغه يتغنى برباعيات في خلوته، وقد نشرها عنه من سمعها من أصدقائه، وبعد عدة ترجمات وصلت لنا كما نعرفها الآن، ويرى البعض أنها لا تنادي إلى التمتع بالحياة والدعوة إلى الرضا أكثر من الدعوة إلى التهكم واليأس، وهذه وجهة نظر بعض من الناس، وقد يكون السبب في ذلك كثرة الترجمات التي تعرضت لها الرباعيات، بالإضافة إلى الاضافات، بعد أن ضاع أغلبها، حسبما أفرد عنه الموقع الإلكتروني "الخيام".

وحتى مماته في 18 مايو 1048، لم يفكّر أحد ممن عاصره في جمع الرباعيات، فأول ما ظهرت سنة 865 هجريًا، أي بعد رحيله بـ3 قرون ونصف، وأول ترجمة للرباعيات كانت للغة الإنجليزية، وظهرت سنة 1859، أما الترجمة العربية من الفارسية فقام بها الشاعر المصري أحمد رامي، وهناك ترجمة أخرى للشاعر العراقي أحمد الصافي النجفي.


مواضيع متعلقة