بروفايل| أحمد مظهر.. فارس السينما المصرية

كتب: سلوى الزغبي

بروفايل| أحمد مظهر.. فارس السينما المصرية

بروفايل| أحمد مظهر.. فارس السينما المصرية

امتلك صفات الفارس قبل أن يُلّقب به، يتعارك في مساحات شتى منتصرًا رغم اختلاف التجارب، في ميدان القتال جنديًا شجاعًا لا يُهزم، وفي ساحات السينما يبرع فنانًا في التمثيل والكتابة والإخراج، فيطلق المحيطين بأحمد مظهر عليه لقب "فارس السينما المصرية".

في الثامن من مايو 2002، فقدت السينما المصرية الفنان أحمد مظهر، والذي لُقب بفارس السينما عن عمر ناهز خمسة وثمانون عامًا، قضى ما يقرب من نصفها فارسًا في الجيش المصري حتى وصل إلى رتبة "عقيد"، ثم عاش حياة الأضواء في السينما التي وُلد خلالها نجماً عام 1951، حسب الهيئة العامة للاستعلامات.

تخرّج مظهر في الكلية الحربية عام 1938، وهي الدفعة ذاتها التي تخرج فيها كل من الرئيسين السابقين لمصر جمال عبدالناصر وأنور السادات، بعدها أُلحق على سلاح المشاة ثم انتقل لينضم لسلاح الفرسان وتدرج إلى أن تولى قيادة مدرسة الفروسية في عام 1952، وشارك في حرب فلسطين عام 1948.

كانت له علاقة إيجابية مع قادة ثورة يوليو لمدة طويلة، حيث اختاره الرئيس عبدالناصر لعضوية التنظيم الذي قام بثورة يوليو وانضم إلى تنظيم "عزيز باشا المصري"، واجتمع الضباط الأحرار بمنزله في الحلمية بالقاهرة أكثر من مرة.

دخل أحمد مظهر الفن السينمائي من بوابة الفروسية حينما وقع اختيار المخرج إبراهيم عزالدين عليه ليقوم بدور في فيلم "ظهور الإسلام" قصة الدكتور طه حسين عام 1951، وعلى الرغم من أنه أول ظهور له على الشاشة إلا أنه لم ينتبه للسينما بشكل كامل قبل عام 1957 عندما عرض عليه الأديب يوسف السباعي ـ زميله في سلاح الفرسان والذي أصبح وزيرًا للثقافة فيما بعد ـ الظهور في فيلم "رُد قلبي" وهي الرواية التي كتبها السباعي، وهي عبارة عن فيلم كلاسيكي يعبر عن نبض الثورة، حيث وعده بالحصول على موافقة وزير الحربية في ذاك الوقت، وبعد بدء التصوير بثلاثة أيام فقط رُفض طلب مظهر بالتصريح له بالتمثيل في الفيلم، فكانت البداية له في عالم السينما؛ إذ تقدم باستقالته ليصبح واحداً من ألمع نجومها.

بلغ عدد أعمال مظهر السينمائية نحو 91 فيلمًا، ونظرًا لثقافته اللغوية وحبه للأدب والتاريخ أُسندت إليه أدوار تاريخية عديدة أبرزها "سيف الدولة قطز" في فيلم "وإسلاماه" الذي سجل انتصار قطز على التتار في معركة عين جالوت، وبلغ تنوع أدوار أحمد مظهر مداه حين قدم دوره الشهير في فيلم "الأيدي الناعمة" المأخوذ عن مسرحية لتوفيق الحكيم، وإخراج عزالدين ذوالفقار، وقام خلاله بدور نبيل مصري من عهد ما قبل ثورة يوليو يرفض الواقع الجديد ويرفض العمل باعتباره ارستقراطيا، ولكنه يتراجع عن هذه القناعات مدركًا تحولات الواقع الجديد وعدم قدرته على مواجهته بعد اكتشافه للقيم الجديدة فيه، وشارك الفيلم في مهرجان برلين عام 1978.

النجم السينمائي والجندي الفارس، كان يمتلك مواهب فنية أخرى، حيث برع في الكتابة والإخراج، كتب فيلمين وأخرجهما، الأول هو "نفوس حائرة" (1968)، تدور أحداثه في أجواء صحراوية، من خلال قصة حب بين فتاة بدوية، وشاب يتوه في الصحراء، تتولد بين الاثنين قصة حب يائسة، مستحيلة، باعتبار أن التقاليد البدوية تجبر الابنة على الزواج من ابن عمها، يقوم صراع بين الحبيب ومنافسه، ويتم اكتشاف الأصول البدوية للحبيب، ويتزوج من فتاته بعد أن ينقذ القبيلة من كارثة كادت أن تلحق بهم الهزيمة.

والفيلم الثاني هو "حبيبة غيري" (1976)، وتدور قصته حول (يوسف) جندي الصاعقة الذي يفقد صديقًا عزيزًا عليه في إحدى العمليات الفدائية، فيُصاب بصدمة ويُفصل من الخدمة، يعمل دوبليرًا للأبطال في المشاهد الخطرة، ويحقق نجاحًا كبيرًا فيوصيه دوبليرًا صديقًا له برعاية ابنته بعد وفاته، وبالفعل يرعاها لتصبح نجمة، لكنها تتركه وتتزوج نجمًا مشهورًا، فيتعرض (يوسف) لصدمة أخرى، ويتعرف إلى إحدى فتيات الليل التي تضمه للعمل مع إحدى العصابات للاستفادة من قدراته في أعمالها الإجرامية.

فاز بالعديد من الجوائز، بدأت عام 1960 بجائزة الممثل الأول عن فيلم "الزوجة العذراء"، ثم أحسن ممثل مصري عام 1969، وحصل على وسام العلوم والفنون من الرئيس جمال عبد الناصر. وبعد رحيل عبدالناصر اتخذ الرئيس السادات قرارًا بمنحه معاش الضباط الأحرار حيث كان رفيقًا شخصيًا له في هذا التنظيم، كما كُرَم في العاصمة الفرنسية وفي القاهرة خلال مهرجانها السينمائي في دورتيه التاسعة عشرة والرابعة والعشرين.


مواضيع متعلقة