«الوطن» ترصد ما وراء «سايكس - بيكو» الجديدة: بقاء الدولة الصهيونية «فوق كل اعتبار»

كتب: محمد الليثى

«الوطن» ترصد ما وراء «سايكس - بيكو» الجديدة: بقاء الدولة الصهيونية «فوق كل اعتبار»

«الوطن» ترصد ما وراء «سايكس - بيكو» الجديدة: بقاء الدولة الصهيونية «فوق كل اعتبار»

كان لـ«سايكس بيكو»، الاتفاقية صاحبة عمر الـ«100» عام وتقسيم المنطقة إلى عدة دول، تأثير كبير فى إقامة دولة الاحتلال الإسرائيلى بزرعها «بذرة» إسرائيل عن طريق العمل على تنفيذ مبادئ وأهداف المؤتمر الصهيونى الأول بـ«بازل» فى سويسرا أغسطس عام 1897 التى خدمت إقامة الدولة المزعومة، وبعد قرن من الزمان على تلك الاتفاقية تظهر من جديد بشائر «سايكس بيكو جديدة» بأهداف مماثلة لسابقتها هادفة إلى تقسيم دول المنطقة إلى دويلات صغيرة، حتى وإن اختلفت الأقطاب الساعية إلى التقسيم الجديد، فإنها من ثم تصب أيضاً فى صالح «تل أبيب» بتوسيع رقعة الأراضى الإسرائيلية على حساب الأراضى العربية.

يقول الدكتور جهاد الحرازين، أستاذ القانون الدولى، إن اتفاقية «سايكس بيكو» أدت إلى تقطيع أواصر المنطقة وتقسيمها إلى مجموعة من الدول المحاطة بحدود وهمية أوجدها الاستعمار منذ اللحظات الأولى لفرض سيطرته الكاملة على الأرض العربية التى لم تفصلها أى موانع طبيعية أو تعمل على تقسيمها، ولكن المخطط الأكبر الذى كان يحاك هو كيفية إضعاف القوة العربية وتمرير الأجندات الخاصة التى هدفت إلى تجزير التغول الاستعمارى حيث كان اليهود يعيشون فى الدول الأوروبية وبعضهم فى الدول العربية.

{long_qoute_1}

وأضاف القيادى فى حركة «فتح» الفلسطينية أن بعد هذه الاتفاقية كان هناك تنفيذ لما اتفق عليه فى مؤتمر «بازل» بسويسرا من قبل الحركة الصهيونية أواخر القرن التاسع عشر، التى دعت إلى تأسيس دولة لليهود حتى يتم تجميعهم فى مكان محدد إلى أن كان الانتداب البريطانى قد فرض سيطرته على الأرض الفلسطينية وبعض الدول العربية الأخرى، حيث كان هناك وعد بريطانى لليهود بإقامة وطن قومى لهم فى فلسطين (وعد بلفور) فى الثانى من نوفمبر عام 1917 ومن هنا كانت عمليات تسهيل الهجرة لليهود من خلال الحركة الصهيونية وبريطانيا التى سمحت بقدوم الهجرات اليهودية الصهيونية إلى أرض فلسطين بل عملت على تسليح هذه الهجرات ومنحهم الأراضى وكل الإمكانيات للسيطرة على الأرض الفلسطينية رغم ما خاضه الشعب الفلسطينى من ثورات فى مواجهة هذا الانتداب الذى مكن العصابات الصهيونية من السيطرة على الأرض بقوة السلاح.

وتابع: «كانت المفارقة الأكبر عندما أعلنت بريطانيا انتهاء انتدابها على أرض فلسطين وفى اليوم التالى يعلن عن قيام دولة إسرائيل، ومن هنا تتضح أبعاد القضية ومدى الاستفادة التى جنتها إسرائيل من وراء اتفاقية سايكس بيكو التى يمر عليها الآن قرن بأكمله، إلا أن آثارها ما زالت قائمة ويعانى منها أبناء الشعب الفلسطينى، بل الأمة العربية بأكملها لأن هذه الاتفاقية هى التى أوقفت استمرارية بقاء الوحدة العربية الجغرافية وأسست لوجود كيان سرطانى فى المنطقة سُمى بإسرائيل؛ فـ(سايكس بيكو) كانت وستبقى طعنة فى خاصرة الوطن العربى والأمة العربية لما جلبته على الوطن العربى من تفرقة وتشرذم، لذلك يجب على هذه الدول التى وقعت اتفاقية سايكس بيكو أن تتحمل مسئوليتها تجاه الشعوب العربية، خاصة الشعب الفلسطينى، من دمار ومعاناة وآلام». {left_qoute_1}

فى الوقت ذاته، يرى الدكتور منصور عبدالوهاب، المحلل السياسى وأستاذ اللغة العبرية بجامعة عين شمس، أن هناك «سايكس بيكو» ثانية تحاك من جديد بعد مرور 100 عام على «سايكس بيكو» الأولى، مشيراً إلى أن الأولى كان هدفها تقسيم المنطقة إلى دول مما نتج عنه ظهور العراق وسوريا وغيرها، وأيضاً الجديدة التى تُحاك فى السنوات الأخيرة تهدف إلى التقسيم ولكن هذه المرة إلى دويلات صغيرة، لافتاً إلى أن هناك هدفاً مشتركاً ألا وهو خدمة الكيان الصهيونى «إسرائيل».

وأضاف «عبدالوهاب» -الذى عمل مترجماً للرئاسة لعشر سنوات- أن الخطة الموضوعة لـ«سايكس بيكو الجديدة» هدفت إلى صعود التيارات الدينية فى المنطقة وتعميق الخلافات الدينية بين شعوب العالم الإسلامى للاستفادة فى تقسيم الدول إلى دويلات تقوم على أساس عرقى ودينى فيما يخدم الصالح الصهيونى، مضيفاً: «إسرائيل ستستفيد بالتخلص من كل مشاكل الفلسطينيين عن طريق تقسيم سوريا والاستيلاء على منطقة الجولان، وأيضاً مصر واستخدام سيناء بإيجاد أوطان بديلة للفلسطينيين كحل للمشكلة الفلسطينية فى غزة، ومن جهة أخرى تكون الضفة الغربية تٌحكم فيدرالياً مع الأردن، والأردن تعانى من أغلبية فلسطينية، بحيث يكون الأردن وطن فلسطين».

وأكد «عبدالوهاب»: «التقسيم الجديد المستفيد الأول منه إسرائيل، وهذا ما أفشلته ثورة 30 يونيو فى مصر، وكان هناك وعود من الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة الأمريكية للكيان الصهيونى بذلك التقسيم ما يعطى لها مميزات فضلاً عن إنهاء الصراع مع فلسطين بتوسيع رقعة إسرائيل، والأخطر من ذلك أنه فى حالة تقسيم العراق سيكون لإسرائيل أيضاً مناطق نفوذ فيها، حيث لتل أبيب علاقات مع الأكراد»، مشيراً إلى أن العراق يُهدف إلى تقسيمه على أساس عرقى وأن علاقة إسرائيل قوية جداً وعميقة بالأكراد، فضلاً عن رجال الأعمال اليهود الموجودين فيها منذ احتلال العراق.

وقال «إن المخطط لم يكن يتضمن مدينتى رفح والعريش فى مصر، ولكن كانت هناك النوبة والتقسيم ما بين مسلم ومسيحى، وفصل المنطقة الشرقية من ناحية ليبيا»، مؤكداً أن مخطط «سايكس بيكو الجديدة» ما يزال يتم تنفيذه، وأن الأمريكان لديهم أمل فى إسقاط مصر لدعم هذا المخطط، مضيفاً: «يؤكد ذلك حادث إسقاط الطائرة الروسية، وأيضاً ارتفاع الدولار، فهذا كله ليس عشوائياً وبالصدفة، ولكن مخطط له».

من جانبه، يرى السفير حازم أبوشنب عضو المجلس الثورى لحركة «فتح» الفلسطينية، أن «إسرائيل هى نتاج رئيسى للاتفاقية»، حيث يقول إنه «بعد 100 عام على سايكس بيكو من بين نتائج هذه الاتفاقية، هى قيام دولة على أنقاض فلسطين التاريخية، حيث ساندت قوة دولية إنشاء مجموعات يهودية مسلحة وتم تدريبها بيد تلك القوى الدولية لتقتل شعب فلسطين وتقيم المجازر وتحتل أرضه وتطرد إلى خارج فلسطين، وتبدأ باستيراد أفراد لا ينتمون لفلسطين ولا للمنطقة، لينشئوا دولة إسرائيل على أنقاض حضارة شعب فلسطين وحضارة العرب هناك التى تمتد لآلاف السنين». وتابع «أبوشنب»، لـ«الوطن»: «قد حذرت قبل سنوات قلائل من سايكس بيكو جديدة وأقصد هنا عملية إعادة تقسيم جديدة فى المنطقة على حساب العرب الذين هم أهل المنطقة، ونخشى أن تكون فلسطين ضحية جديدة لهذا الاتفاق الدولى، وأن يكون الكاسب من جديد مجموعات المتطرفين اليهود ليحققوا مزيداً من الكسب ومزيداً من قضم الأراضى، حيث كلنا يرى ما تقوم به القوات العسكرية للاحتلال الإسرائيلى من بسط نفوذها على الأراضى الفلسطينية خصوصاً فى القدس والضفة الغربية وأيضاً فى الجولان السورى المحتل، وما أراه أن الإسرائيليين يعملون بشكل حثيث ومتزايد للحصول على موافقة بأن تتمدد دولة الاحتلال فتصبح مرتفعات الجولان جزءاً من الدولة وهو ما يعنى تغيير خريطة المنطقة».

وشدد على أنه «علينا وقف أى إمكانية للتمدد الإسرائيلى على الأراضى الفلسطينية أو أراضى أى دولة أخرى، مشيراً إلى أن كل دول الجوار الفلسطينى المحتل محل طمع إسرائيل، لافتاً إلى أن أى حرب ممكن أن تنشأ خلال الفترة المقبلة ستدخل فى سياق الرغبة الإسرائيلية للحصول على أراضٍ عربية فى الدول المحيطة»، مذكراً بمخطط الجنرال الإسرائيلى «جيورا أيلاند» الذى سعى إلى تبادل أراضٍ ثلاثى الأبعاد (إسرائيلى فلسطينى مصرى) على حساب الأراضى الفلسطينية ولصالح دولة الاحتلال وأحد التنظيمات الدولية المحظورة (تنظيم الإخوان).

من جانبها، نشرت وسائل الإعلام الإسرائيلية مؤخراً أن رئيس الحكومة الإسرائيلى بنيامين نتنياهو طلب من الرئيس الأمريكى باراك أوباما، فى لقائه الأخير فى البيت الأبيض، بإعلان الاعتراف بسيادة الدولة الإسرائيلية على «الجولان»، بدعوى أن هذا الاعتراف سيبعث برسالة إلى إيران لمنعها الهجوم من المناطق السورية على إسرائيل.

وأشارت القناة الثانية الإسرائيلية إلى أن طلب رئيس الوزراء الإسرائيلى لم يلقَ رداً من الرئيس الأمريكى.

كما عقد مجلس الوزراء الإسرائيلى، للمرة الأولى، جلسة الحكومة بكامل أعضائها فى الجولان المحتل، وعلى طاولة البحث بند أساسى حمل رسالة واضحة إلى كل من يعنيهم الأمر «الروس والأمريكان» والأمم المتحدة وأيضاً السوريين، بأنّ «الجولان جزء لا يتجزأ من إسرائيل»، وهو ما أعلنه «نتنياهو» بالفعل بقوله إن «الجولان سيظل تحت سيطرة إسرائيل إلى الأبد»، وأن الحكومة الإسرائيلية غير معنية، وهى لن تقبل بشكل أو بآخر التنازل عن هذه المساحة الجغرافية من إسرائيل وإعادتها إلى سوريا، مهما كانت التسوية التى يجرى الإعداد لها.

 

 

 


مواضيع متعلقة