فى السينما.. الانقلاب تحت شعار «جعلونى مجرماً».. و«اتقى شر عبدالوارث عسر» إذا غضب

فى السينما.. الانقلاب تحت شعار «جعلونى مجرماً».. و«اتقى شر عبدالوارث عسر» إذا غضب
هادئ الطباع، كثير الابتسام، الجميع يحسَبه ضعيفاً، يقولون إنه بلا صلاحيات، وسلطاته منقوصة، الإطاحة به يسيرة، واللعب على أوتاره أبسط الأمور، لا يملك من أمره شيئاً، مظهره يوحى باللين، فيما تُخفى الأيام وجهاً آخر، لم يعتده الجميع، فقد أصبح الحليمُ غاضباً، ومَن سخر من طيبته صار يخشى جبروته، فقد حذّرهم ولم يعيروه اهتماماً «اتقوا شر الحليم».
دائماً ما يكون الانقلاب فى شخصية «الحليم» خارجاً عن إرادته، فالمجتمع صاحب الفضل فى ذلك التحوُّل؛ لذا يقولها فريد شوقى صراحة «جعلونى مجرماً»، مجرد طفل برىء لم يجنِ شيئاً غير أن الكل استهان به، فتحول الرجل الهادئ إلى ثور هائج، حتى إن اعترفوا له بحقه يصرخ فى وجوههم: «عدالة المجتمع اتأخرت عنى كتير. غمضت عينيا وما فتحتهمش إلا لما بقيت مجرم قاتل.. قولى لهم سلطان غنى عن البراءة.. سلطان فى إيده مسدس واتعود يدوس على الزناد».
أحياناً يظهر ابن بلد، شهماً، متواضعاً، مثل نور الشريف فى رائعة عاطف الطيب «سواق الأتوبيس»، يدير البيت بهدوء لا يتماشى مع الظرف الطارئ، الأتوبيس الذى يعمل عليه سائقاً يحتاج إلى تركيز حتى لا تُهدر أرواح ركابه، هكذا يبرر مواقفه، يمر بضائقة مالية فيُحاول جمع مال يكفى لسداد الدَّين، «الكل فى مركب واحد»، هكذا ظن، ولكنه يفاجأ بالجميع يتفرغ لانتقاده دون أدنى مساهمة، حينها يغلى الدم فى عروقه وفى الوقت الذى كان يتجاهل فيه أحاديث معارضيه، يناشده بعض المقربين أن يغلق الأبواب على «الفسدة» فيُلبى النداء بـ«التطهير» على أنغام النشيد الوطنى، مخرجاً «غله» فى أحدهم: «يا أولاد الكلب».[Image_2]
ثورته قد لا يتحملها كثيرون، وقتها يرددون عباراتهم الشهيرة «اللى تحسبه موسى يطلع فرعون»، أدّاه ببراعة فؤاد المهندس فى «أرض النفاق»، حين تحول من «مسعود» الموظف «الكحيان» إلى «مسعود بك»، حاله بائس، لكن كان له من اسمه نصيب (مسعود)، لم يتخيل أحد أن يصل إلى ما وصل إليه، لكنه فعلها، فصار بقدرة قادر الآمر الناهى بعدما كانت تجتمع حول قصعته الأكلة، كل من استهان به جرّده من سلطاته، وكل من سخر منه بات يتذلل إليه وكل من تطاول عليه كره يوم مولده، لكن «حبّات الشجاعة» التى تجرّعها قد تكون سبباً فى انهياره.
مرات يتجاهله البعض ككم مهمل، عبدالوارث عسر فى «شباب امرأة» هو المثال الأهم، ظل طوال الفيلم مهادناً، يصدر الابتسامة بخجل، بنظارته الطبية وشاربه القصير يبدو حكيماً، يسير داخل الحيط، يُطيع الأوامر بلا مراجعة، يربت على أكتاف الجميع، رغم كبر سنه يزعجه أن تمر سنواته دون إفادة «ضيعتوا عمرى»، لكن استهتار البعض به جعل ثورته عاجلة ليكون أول من يضع الساخرين منه تحت «مفرمته» ليصيروا ترساً فى «الساقية» التى يدير بها الأمور. فى إحدى المرات بدا الأمر «كوميدياً» رغم جلال الموقف، حين جسّد «الحليم» يوسف منصور، اغتصبوا حقوقه، وأهدروا كرامته بالاعتداء على أخته، فترك الجناة شهراً وراء الآخر قبل أن يعود وقد استعد لكل المواجهات فـ«هدم» عليهم المعبد، ربما كانت الطريقة مضحكة للبعض، لكنه شعر بنشوة النصر.
«سأقدم لك عرضاً لا يمكنك رفضه».. هى الجملة الأشهر فى الفيلم الأول فى ترتيب السينما على العالم «الأب الروحى» يعلنها «آل باتشينو» بوجه بشوش وضحكة صافية يُحدِّث بها معارضيه، يجزل لهم العطايا، بعضهم يقول «ما هى إلا تصريحات جوفاء وكلمات إنشائية»، مفضلين البقاء على «دكة المعارضة».
الأخبار المتعلقة:
المتناقض.. يعلن إيمانه بمعارضيه ويتهمهم بالتآمر
«دوريتوس».. كل حاجة وعكسها
د. هبة العيسوى تحلل: «مرسى اللطيف بقى أقطاى»