الكنيسة وأزمة دير «وادى الريان» مجدداً

كمال زاخر

كمال زاخر

كاتب صحفي

قبل عام (مارس 2015) تفجرت أزمة دير القديس مكاريوس بوادى الريان فى محافظة الفيوم، حين شرعت الحكومة فى شق طريق ضمن شبكة طرق تؤسس لبنية تحتية باتجاه تنمية مجتمعية واقتصادية شاملة، كان الطريق يخترق أراضى تابعة للدير، وكانت المنطقة محمية طبيعية، تضم آثاراً وآباراً وعيون ماء، وكان الدير يعانى من مشاكل داخله، وقد فتح أبوابه لطالبى الرهبنة برؤية متخففة من قيود الأديرة الأخرى انعكست على طبيعة العلاقات فيه. وكان أن اعترض قطاع من الرهبان على الطريق، وتطورت الأمور لتشهد مصادمات تكشف عن واقع متأزم عند كل الأطراف التى لها صلة بالأمر، الرهبان والكنيسة والدولة والعربان، وتكشف فى جوانب منها اختلالات إدارة الأزمات عندهم، وتؤكد أن الشفافية والمكاشفة نسقان لم يختبرا بعد، وتتعمق الأزمة بتحويلها فى بعض مساراتها إلى «اختبار قوة» فى صراعات خارجها، تصل فى بعضها إلى «تكسير العظام.

وقبل أيام يتم الإعلان عن الوصول إلى اتفاق يقبله أطراف الأزمة، لكن نفراً من الرهبان يعاودون الاعتراض، ويتم القبض على أحدهم وهو رهن التحقيق، لتتجدد الأزمة وتتصاعد بشكل يحتاج إلى تناول أكثر جدية فى مناخ ملتبس.

وكنت قد تناولت أحداث وادى الريان، الأولى، فى سلسلة مقالات امتدت لثلاثة شهور، ثم فى كتاب أصدرته (قراءة فى واقعنا الكنسى) تضمن طرحاً لثلاث إشكاليات كنسية، التعليم والرهبنة والإدارة، قدمته لقداسة البابا تواضروس حين جلست إليه (28 يونيو 2015) فى لقاء مصغر ومغلق مع بعض الشخصيات القبطية.

ولم تكن هذه هى المرة الأولى التى أقدم فيها رؤيتى فيما يواجه الكنيسة من إشكاليات، فقد التقيت قداسته عقب إعلان اسمه كبابا وبطريرك للكنيسة (4 نوفمبر 2012)، أعطيته ملفاً كان قد أعده التيار العلمانى تناولنا فيه أبرز الإشكاليات الكنسية ذات الأولوية وكان ضمنها «الرهبنة: الطرح والأزمات والحلول». كان عنوان الملف «الكنيسة من الفرد إلى المؤسسة» ومعه نسخة من كتاب أصدرته عام 2009 (العلمانيون والكنيسة)، وبين اللقاءين وبعدهما أستشعر أن ثمة حصاراً غير معلن يُضرب حول البابا أدعوه إلى كسره والتواصل مع الأراخنة ودوائر الخدمة والحوار معهم؛ الكنيسة فى خطر.

وتبقى أسئلة يفرضها تجدد الأزمة: هل يمكن لجهة مصرية وطنية محايدة، من المجتمع المدنى أو البرلمان أو كليهما، أن تشكل لجنة لتقصى الحقائق تكشف ما حدث سواء فى الدير أو مع الراهب الذى يخضع للتحقيق أمام النيابة، وملابسات القبض عليه؟

هل الرهبنة تعطى حصانة لمن ينتسب إليها؟

هل تغيرت القواعد المنظمة للرهبنة والمؤسسة لها: العزلة، الفقر الاختيارى، الطاعة، البتولية؟

ماذا عن العلاقة بين الدير والكنيسة، رسمياً وعلى الأرض، ومن يخضع لمن؟

هل هناك من يعمل على تفكيك العلاقة بين البابا والرهبنة وبينه وبين الشباب؟

هل هناك من يحاصر البابا ويحول دون استمراره فيما أعلنه وسار فيه من خطوات مهمة فى هذا الاتجاه؟

هل هناك من يسعى ويعمل على استثمار الأحداث لحسابه، أو لحسابهم، أو لتصفية حسابات عالقة، مع الكنيسة أو الدولة أو الدير؟

هل هناك صراع ما بين بعض الأساقفة حول الولاية على الدير؟

هل ننتظر من الكنيسة أن تطرح الأمر مجدداً على لجنة الرهبنة والأديرة بالمجمع بعيداً عن ردود الفعل الغاضبة، ومعاودة دراسة الاعتراف بالدير؟

هل تأتى إجابات؟