قلعة صناعة السجاد فى دمنهور.. تحتضر

كتب: إبراهيم رشوان وأحمد حفنى

قلعة صناعة السجاد فى دمنهور.. تحتضر

قلعة صناعة السجاد فى دمنهور.. تحتضر

عندما اشترت هيئة الأوقاف الشركة العربية لسجاد دمنهور، منذ 15 عاماً، تفاءل العمال، معتقدين أن العصر الذهبى لهم سيعود مجدداً، وأن مرحلة توقف الإنتاج ونزيف الخسائر ستنتهى أخيراً، لكن كل آمال العمال تبخرت بعد كل هذه السنوات، فالهيئة التى اشترت المصنع لتوفير السجاد لمساجد الجمهورية لم توفر الخامات اللازمة للإنتاج، وتعاقدت مع شركة أخرى منافسة لتوفير الخامات، فما كان منها إلا أن ماطلت فى تلبية احتياجات «سجاد دمنهور»، واستمرت الأوضاع فى التردى يوماً بعد آخر، حتى انخفض الإنتاج من 80 ألف متر سنوياً إلى «صفر»، نتيجة عدم توافر المواد الخام اللازمة للصناعة، كما استمرت الأحوال المعيشية للعمال فى التدهور، ووصلت الأوضاع إلى ذروة التأزم، مع تردد أنباء عن اعتزام الهيئة بيع الشركة فى يونيو المقبل.

وقال محمد على، أحد العاملين فى المصنع: «لا أستطيع الإنفاق على أسرتى وراتبى 266 جنيهاً والمصنع فى ضعف وتدهور مستمر، بسبب عدم توافر خامات تشغيل الماكينات»، مضيفاً: «تقدمنا بشكوى إلى مكتب العمل، لتطبيق اللائحة المالية، لأنه لا يُعقل أن يكون الراتب 266 جنيهاً فى ظل هذه الظروف الصعبة مع ارتفاع الأسعار بشكل جنونى، بينما اللائحة تقضى بأن يحصل العامل بالدرجة الثالثة على 700 جنيه».

وأضاف أن العاملين بالمصنع اعتصموا فى فبراير الماضى، واستجابت الإدارة بتوفير الخامات بعد تدخل أعضاء مجلس النواب، ولكن بعد نفاد الخامات توقف الإنتاج مرة أخرى، ما دفعنا إلى الاعتصام من جديد.

وأشار عمر الشرقاوى، أحد العاملين بالمصنع، إلى توقف العمل بالأقسام الفنية «غزل 1 و2 والغسيل، والصباغة وفرع الإسكندرية»، ولم يتبقَّ سوى قسم النسيج، الذى حقق رغم ذلك الخطة المطلوبة.

وأضاف أن هيئة الأوقاف أصدرت قراراً بطلب الخامات اللازمة من شركة «النساجون الشرقيون» فقط، التى لم تورد شيئاً، ما تسبب فى توقف المصنع، وأجرت مناقصة فى يناير 2015 لتوريد الخامات، ولم يتقدم أحد، وأعيدت المناقصة فى أبريل لنفس الغرض، ولم يتقدم أحد أيضاً، وطرحت المناقصة للمرة الثالثة، وتقدمت شركة «سترليت»، وتمت الموافقة عليها، وطلبت الشركة توفير النقدية لفتح الاعتماد المستندى، ولكن لم يتم ذلك.

وأكد أن إدارة الشركة بدمنهور طلبت من «النساجون الشرقيون» توريد 350 طن غزل منذ شهر ديسمبر الماضى فلم تستجب، وتوقف العمل، وطلبت إدارة المصنع إجراء مناقصة جديدة لإتاحة الفرصة لآخرين لتوريد الخامات، إلا أن الطلب تم رفضه، والتأكيد على التعامل بالأمر المباشر مع «النساجون الشرقيون»، رغم عدم التزامها بالتوريد، قائلاً: «مطلب العمال الوحيد تشغيل المصنع والتعهد بإنتاج 80 ألف متر سنوياً».

وطالب رفيق محمد حسن، أحد عمال الشركة، بتشكيل لجنة تضم ممثلى العمال بدمنهور والإسكندرية وهيئة الأوقاف؛ لبحث مطالبهم وتلبيتها لتعود الشركة كما كانت فى سابق عهدها قلعة لصناعة النسيج ليس فى مصر فقط بل فى الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن مطالبهم هى حافز الإنتاج، وتنفيذ خطة الإنتاج، وتثبيت العمالة المؤقتة، وصرف مكافأة الإثابة البالغة 220 جنيهاً، وتسوية حالات العاملين الحاصلين على مؤهلات وزيادة الرواتب، لافتاً إلى أن الهيئة استجابت لمطالب العمال بعد تدخل أعضاء مجلس النواب، وتوفير خامات لفترة قليلة، والآن توقفت الماكينات بعد نفادها.

وقال نعمان كريم، رئيس اللجنة النقابية للعاملين بالمصنع، إن مصنع سجاد دمنهور تم إنشاؤه فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر عام 1964، لتغطية مساجد الأوقاف والمجتمع المحلى والتصدير، وتعتبر الشركة الأولى فى صناعة السجاد بمنطقة الشرق الأوسط، إلا أنها أصبحت الآن فى مهب الريح بعد أن كانت تصدّر إلى روسيا والمجر وبولندا وغيرها من دول الكتلة الشرقية، وكان عدد العاملين بها قرابة 5 آلاف عامل إلى أن وصل بها الحال إلى 650 عاملاً فقط حالياً.

وأشار إلى أن الشركة استمرت فى الانفراد بصناعة السجاد اليدوى والميكانيكى حتى منتصف السبعينات، ومع سياسة الانفتاح، ومنح القطاع الخاص الإعفاء الجمركى والضريبى أخل ذلك بالتوازن فى الأسعار، ما أثر على السوق وفروق الأسعار الموجودة نظراً لإعفاءات القطاع الخاص دون العام الذى يدفع الضرائب والجمارك، واشترتها هيئة الأوقاف لتوفير السجاد للمساجد، إلا أنها منذ فترة لم توفر الخامات اللازمة لتشغيل الماكينات، ما يهدد بتوقف المصنع بالكامل، وهو مؤشر على بيع وخصخصة الشركة وهو أمر يرفضه جميع العاملين بالمصنع، وسيقفون ضده بكل قوة.

وناشد رئيس اللجنة النقابية للعاملين الرئيس عبدالفتاح السيسى، ووزير الأوقاف، الدكتور محمد مختار جمعة، التدخل لإنقاذ المصنع من الانهيار وأكثر من 650 عاملاً بالمصنع وأسرهم من التشريد، بعد أن تواردت أنباء عن نية هيئة الأوقاف إيقاف العمل بالمصنع، اعتباراً من 21 يونيو المقبل، بدعوى عدم وجود خامات لتشغيل المصنع.

وتساءل: «كيف تصدر هيئة الأوقاف قراراً بتوفير الخامات للمصنع من شركة منافسة، ومماطلتها أدت إلى توقف المصنع وتشريد العمال»، موضحاً أن ماكينة واحدة فقط من 18 ماكينة هى التى تعمل.

{long_qoute_1}

وقال حمدى عقدة، أمين عام الحزب الناصرى فى البحيرة، إن الحزب يرفض تصفية القطاع العام بشكل واضح وصريح، ويقف فى تضاد مع مسلسل الخصخصة وتصفية ممتلكات الشعب وتشريد العمال، ويتضامن مع عمال الشركة العربية للسجاد والمفروشات بدمنهور، للحصول على حقوقهم المشروعة. وقال السيد الجويلى، رئيس لجنة تسيير الأعمال فى مصنع الشركة العربية لسجاد دمنهور، إن «مطالب العمال مشروعة، وأنا معهم قلباً وقالباً، ونقلت مطالبهم بالكامل إلى رئاسة هيئة الأوقاف بالقاهرة»، مشيراً إلى أن المصنع يستورد الخامات اللازمة للتشغيل من شركة «النساجون الشرقيون» فقط بقرار من مجلس إدارة الهيئة، معترفاً بأن ذلك يضع المصنع تحت رحمة تلك الشركة، لكن فى الوقت نفسه لا يوجد غيرها، لافتاً إلى أنه رفع مذكرة وافية لتثبيت العمال المؤقتين بالمصنع، وصرف الحوافز، ومجلس إدارة الهيئة استجاب للطلب.

 


مواضيع متعلقة