المشكلة الرئيسية التى أربكت مسار ما بعد ثورة 25 يناير أن الثوار لم يحكموا بعد الثورة، وأن الثورة انفجرت شعبية هادرة زاحفة فاتنة، لكن من غير قيادة وطليعة منظمة، تتسلم السلطة وتدير الدولة، وتمضى فى تنفيذ مطالب وأهداف الجماهير الثائرة.
والذى أربك وعقَّد المسار أكثر أن الذين أمسكوا بمقاليد البلاد، وأداروا شئونها، سواء جنرالات المجلس العسكرى بالأمس أو شيوخ الإخوان المسلمين اليوم، لم يديروا ويسوسوا البلاد، بروح الثورة، ولا حتى بروح إصلاحية جادة مخلصة لتطوير حال الوطن والمواطن إلى الأحسن، ولو بخطوات بطيئة وإن كانت حثيثة ومنتظمة، وإنما هم يديرون ويسوسون بروح أقرب إلى الثورة المضادة!. أى تلك المناهضة والمعرقلة لأهم مطالب وأهداف جماهير الثورة، وفى مقدمتها الكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية، اللتان لن تكون هناك حرية حقيقية تحلق، بغير جناحيهما، على الإطلاق.
ومن يوم استفتاء التعديلات المشئوم، فى أعقاب قيام الثورة، الذى صاغته وجهَّزته، وحاكت مؤامرته «ثنائية الجنرالات والشيوخ»، من يومها والمسار يزداد إرباكاً ويتفاقم تعقيداً، بل ويخضب بدماء زكية طاهرة لشهداء جدد فى «محمد محمود» و«ماسبيرو» و«بورسعيد».. وغيرها. ومن يومها والطريق كله على هذه الشاكلة: إقصاء وانفراد وإملاء وتضليل، حتى تصل الذروة اليوم على يد الإخوان، إلى استخدام «ميليشيات إخوانية» تحاول منع التظاهر السلمى أمام مجلس الشعب، ثم فى ميدان التحرير، وتحطم منصات قوى المعارضة والثورة فى الميدان، جنباً إلى جنب مع «الميليشيات الإلكترونية» التى لا تكفّ عن الإرهاب والنهش والقذف والسباب بأقذع شتائم، لا تليق بإنسان سوىّ، ولا نقول حتى إنسان يتمسح بالدين!. إن قوى ثورة يناير تبدأ اليوم فصلاً جديداً، وطريقاً فى المواجهة، لا بد أن يكون أكثر حنكة وتوحداً ووضوح رؤية، والسبب أن حشود التيار الشعبى و«6 أبريل» وحزب الدستور وغيرها من قوى الثورة، تبدأ اليوم (بداية جديدة) ابتداء من يوم الجمعة (19 أكتوبر)، وهى قد أعادت لميدان التحرير والثورة روحه فى ذلك اليوم، بل نقلت ميدان التحرير أولاً إلى شوارع القاهرة ودروبها قبل أن تعود لتتجمع فى الميدان، بمسيرات حاشدة حافلة بالحركة والمعانى المخلصة المتحمسة.
ولا غرابة إن قلنا، أول أن وصلنا إلى ميدان التحرير، على هذا النحو وبتلك الروح: «والله زمان يا تحرير».
وأضفت ونحن نستعيد ميدان التحرير الحقيقى الذى اشتقنا إليه، ونتنفس هواء نقياً فى المكان لأول مرة منذ وقت طويل: «إن يوم 19 أكتوبر 2012 حقاً.. «من ريحة الـ 18 يوماً.. أيام الثورة»!.
■ أبلغ وأصرح الكلام.. (ملحوظة: لم يلتفت الرئيس الدكتور الشيخ.. لهذه القضية الأساسية إلا بعد انتهاء المائة يوم الأولى، ومحاولة لمداراة أو تعويض الفشل الذريع فيها). من «مربعات» عبدالرحمن الأبنودى (التحرير 4 سبتمبر 2012):
السجن بيضيق عليهم وانت مش سائل
شباب.. لولاهم لا كنت رئيس ولا غيره
يعنى اللى عايش مرار سجنه اللى مش ساهل
إنت ورئاستك بحالها.. جزء من خيره!!