فى إحدى الندوات التثقيفية التى تنظمها القوات المسلحة قال الشيخ الحبيب على الجفرى كلمات رائعة عن سيناء الحبيبة، أتذكرها الآن ونحن نحتفل بذكرى تحرير أرض الفيروز، فهو قال نصاً: (والله الذى لا إله إلا هو، إن الغبار الذى على حذاء أو بيادة أصغر مجند فى الجيش المصرى امتزج بقطرات دمه على أرض سيناء الطاهرة، لهو أطهر وأشرف وأنقى من كل الألسنة والقلوب المريضة التى تنال منه).
هذا -بالضبط- ما نفخر به ونباهى به الأمم ونرفع رأسنا ونردده علناً وليس جهراً، نردده ونعتبره شرفاً لنا لأننا -بصراحة- نحب سيناء بزيادة، وهذا حقنا، فهى أرضنا الطيبة التى حاربنا من أجلها وسالت دماء الأبطال من أجل استعادتها.
«سيناء» كانت فى عيون آبائنا، وأعادوها لنا مُحررة بعد أن دنستها أقدام الأعداء، وسيذكر التاريخ أن الرئيس الراحل أنور السادات -بطل الحرب والسلام- قاد النصر العظيم فى (٦ أكتوبر ١٩٧٣)، وسيذكر التاريخ أن قواتنا المسلحة الباسلة حققت النصر المبين وعبرت القناة وحطمت خط بارليف ولقَّنت العدو درساً فى الفداء والنضال لن ينساه ودرساً آخر فى العلوم العسكرية والتخطيط الاستراتيجى يُدرَس فى كُبريات الكليات والمعاهد العسكرية فى العالم، وسيذكر التاريخ أن «مصر» حققت النصر وجعلت العالم يحترمها لأنها لم ترضَ بضياع أرضها ولم ترضَ بالهزيمة ولم تَهُن عليها كرامتها وحارب جيشها الوطنى بكل بسالة ورفع العَلَم على أرضها الطاهرة.
ليس خافياً على أحد أن (سيناء) عادت لنا كاملة، عادت مُخضبة بدماء الشهداء الأبرار، كُنا فى حاجة لرؤيتها عامرة، سنوات طويلة لم تطُلها يد العمران، غابت عنها التنمية، كانت بحاجة لقرار سياسى جاد، وبعد (أحداث ٢٠١١) انتشرت بها تنظيمات إرهابية لها أيديولوجيا متطرفة خاضعة لأمر من يمولها وكانت تُمثل تهديداً حقيقياً على أمن «مصر» واستقرارها، وعاودت الكَرّة مرة أخرى وخاضت الدولة حرباً جديدة لاستعادة سيناء من يد الإرهابيين الذين شكلوا معسكرات تدريب ووجدوا الجماعة الإرهابية حاضنة لهم، بُذلت الجهود لتطهير سيناء، وقامت القوات المسلحة بدور عظيم كعادتها وهو الدور الذى سيذكره التاريخ بأحرُف من نور بعد أن كان فى سيناء معسكرات وتنظيمات مرتبطة بالخارج.
والآن، تغيرت (سيناء) عن ذى قبل، تم تطهيرها من الإرهاب، تم تعميرها وإنشاء (٥٢٢) مشروعاً بتكلفة (٦٨٠) مليار جنيه، تم تطوير ميناء العريش ومطار العريش، تم إنشاء (٣) جامعات بها، تم إنشاء مصانع أسمنت ورخام، تم استصلاح (٤١٨) ألف فدان والانتهاء من (١٣) مشروع زراعة أهمها إنشاء سحارة سرابيوم، تم تشييد مشروعات تحلية مياه وصرف صحى.
تم إنشاء مجمعات سكنية للشباب فى العريش ورفح والحسنة ونخل وبئر العبد وبلغ عددها (١٨) مجمعاً سكنياً، لا ننسى (أنفاق سيناء) التى سهَّلت الانتقال منها وإليها والتى تم إنشاؤها بأيدٍ مصرية وبشركات مصرية، وانتهى عصر المعديات التى كانت تستغرق (٧) ساعات للعبور منها، وتطوير شبكات الكهرباء وإمدادها وعددها (٨)، وأهما محطة محولات بحر البقر، وعدد ضخم جداً من الكبارى والطرق تم إنشاؤها لتتغير الصورة تماماً عن ذى قبل.
ونحن نحتفل بـ(عيد تحرير سيناء) لا يسعنا إلا أن نتذكر أبطالنا فى القوات المسلحة الذين أعادوا سيناء وحرروها واستشهدوا من أجلها، وأيضاً نُصفق لمن حماها وصانها وطهّرها وضحى من أجلها ثم من عمّرها ونمّاها وطوّرها.. وكل هؤلاء أبناء مصر الشرفاء الذين يعرفون قيمة أرضنا الطيبة الغالية.